نبيل عكام
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
خاضت الطبقة العاملة نضالات وتضحيات عديدة وكبيرة من أجل تكوين نقاباتها المستقلة عن أرباب العمل، سواء الدولة أو غيرها، ومن أجل الدفاع عن حقوق ومطالب العمال المختلفة التي تضيق بها صدور أرباب العمل. وفي المقدمة من هذه الحقوق تحسينُ شروط وظروف العمل، بما في ذلك الأجور والأمن الصناعي والسلامة والصحة المهنية، وقوانين العمل.
تكتسب الأجور والأسعار أهمية كبيرة في هذا الوقت، حيث أصبحت هذه المسألة من القضايا الأساسية التي يواجهها العاملون بأجر، فهي تعتبر الآن من أخطر القضايا الاقتصادية وإحدى المسائل الرئيسة والاستراتيجية التي تواجهها البلاد. وهي ليست مرحلة أو تدابير تتخذ في زمن معين، بل هي شرط من شروط حياة المجتمع وتقدمه واستمراره.
تزداد الفجوة يومياً ما بين الأجور والرواتب وبين الاحتياجات الأساسية للعاملين بأجر، وذلك مع تردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد.
تؤثّر الأوضاعُ الاقتصادية والمعيشية المتأزِّمة ونتائجها السلبية بشكلٍ كبير على مناحي حياة العمال كافة، حيث العمال هم الأكثر ضعفاً في مواجهة هذه الأزمات، جرّاء الكثير مِن العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وتتحمّل النقابات مسؤوليةً حقوقية ذات طابع اجتماعي واقتصادي إزاءَ الطبقة العاملة التي تمثِّلُها. وبالانطلاق من هذه المسؤولية تحتاج الحركة النقابية إلى نقابيِّين ذوي مواصفات وسمات لا بدّ أنْ تتوفّر لديهم، لكي تستطيع الحركة النقابية تطوير عملها النقابي، في تَبَنٍّ حقيقيّ لقضايا العمال وأنْ تواكب المتغيرات والتحدّيات التي تواجه العمال، فالنقابي الجديد اليوم لا بدَّ له من معرفة الدور والمهمّة التي يجب أن يحملها النقابيّ لتمثيلِ العمّال والدفاع عن مصالحهم بكلّ ثقةٍ وإيمان بحقوق العمال.
قدمت رئاسة مجلس الوزراء بيانَها الوزاري المُقَرّ بالمرسوم رقم /232/ لعام 2024 أمام مجلس الشعب يوم 20/10 في أعمال جلسته السادسة من الدورة العادية الأولى للدور التشريعي الرابع. وحاول بيانها الوزاري أنْ يغطّي الكثير من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية...إلخ. إلّا أنّنا لن نأتي في هذه المادة على كل ما جاء في هذا البيان الحكومي، ولكن ما يهمّنا في هذا المقام هو ما يتعلّق بالطبقة العاملة وعموم العاملين بأجر.
يعتبر قانون التأمينات الاجتماعية رقم /92/ وتعديلاته المرجعَ الأول والموحَّد، بخصوص التأمينات والتقاعد، لجميع العمال المؤمَّن عليهم سواء في القطاع الخاص أو قطاع الدولة أو القطاع المشترك.
منذ اعتماد يوم السابع من تشرين الأول يوماً عالمياً للعمل اللائق، تحتفي النقابات العمالية ومنظمة العمل الدولية كل عام في معظم البلدان، بما فيها بعض الدول العربية، بتعزيز فكرة العمل اللائق من أجل الحصول على الحقوق الأساسية للعاملين بأجر، إذ يؤكِّد مفهوم العمل اللائق على تأمين فرص العمل المِنتِج لجميع طالبيه في ظروف من الحرية والمساواة والأمن والكرامة.
تعرّض العمال في سورية منذ ما قبل انفجار الأزمة بعدة عشرات من السنين، لعملية تضليل ممنهجة -ازدادت خلال الأزمة- ركيزتها الرئيسيّة تجزئة القضايا الأساسية، واعتبارها مسائل منفصلة لا روابط فيما بينها. وانطوت هذه العملية على الفصل في الخطاب بين السياسي والاقتصادي، من أجل انقسام العمال على أنفسهم، وتغييب الصراع الطبقي، الذي يوحّدهم حول مصالحهم ومطالبهم وحقوقهم المسلوبة.
يعتبر القطاع الصناعي شرياناً اقتصادياً مهماً لأيّ بلد، فهو يحدد ملامح اقتصاد بلدٍ معين سواء كان صناعياً أو زراعياً ومدى ارتباطه بالتكنولوجيا المتطورة، إضافة إلى تبادلاته التجارية المختلفة. وهذا ينعكس على الطبقة العمّالية المنتجة من خلال تأثيره على تطوّر إنتاجهم ووعيهم لحقوقهم في العمل، وضمان الحقوق لهم من خلال لوائح وتشريعات قانونية، وتعويضاتهم كافة.
مما لا شك فيه أن تاريخ الطبقة العاملة السورية غني بالبطولات الكفاحية التي حققت العديد من المكاسب. فالطبقة العاملة لا توصف بالكم رغم أن الكمّ مهمّ. وكلما اكتسبت الطبقة العاملة وعياً أعلى بحقيقة وضعها الطبقي يكون نضالها أكثر جدوى لتحقيق مصالحها؛ أيْ وعي العمال بوضعهم كبائعين لقوة العمل لنقيضهم وندهم الطبقي، وبعبارة أخرى بيعها لمالكي وسائل الإنتاج. ووعي العمال أنّ موازين القوى والدفاع عن المصالح والحقوق التشريعية والاقتصادية هي الآلية المتحكمة في العلاقة بين الطبقة العاملة والطبقة المالكة لوسائل الإنتاج. من الأسباب الرئيسية التي حالت دون تمكين الطبقة العاملة في البلاد من تحقيق مكتسبات استراتيجية مهمّة، هو عدم وعيها بأهمية تنظيم قواها وأنّ من مهامها الأساسية تنظيم نفسها ومواجهة العدو الطبقي.