يوم التضامن العالمي للطبقة العاملة
تستعد الطبقة العاملة في بلدان العالم لليوم العالمي للطبقة العاملة، الذي اعتمد فيه الأول من أيار يوماً لإحياء النضال والتضامن العمالي من أجل المصالح والحقوق الاجتماعية والاقتصادية والنقابية للطبقة العاملة، وتخليداً لاستمرارها. ويعود هذا الاحتفال بالأول من أيار إلى أواخر القرن التاسع عشر، حيث نظم العمال آنذاك إضراباً عاماً عن العمل، شارك فيه مئات الآلاف من العمال من أجل المطالبة بأجور عادلة وتحديد يوم العمل بثماني ساعات، ورفعوا شعارهم الشهير «ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات راحة، ثماني ساعات نوم». وقد حقق الإضراب نجاحاً كبيراً في حينه، ولكن السلطات في مدينة شيكاغو قامت بمجزرة كبيرة بين صفوف العمال المحتجين والمتظاهرين، واستشهد العديد منهم، كما أعدمت السلطات عدداً من قادة الإضراب والمظاهرات العمالية.
ويُعتبر الأول من أيار إجازة رسمية في العديد من بلدان العالم، بما فيها سورية وبلدان عربية، وأوروبا وأمريكا اللاتينية، والعديد من دول آسيا. حيث تقوم نقابات العمال في معظم دول العالم بتنظيم مظاهرات واعتصامات وإضرابات، رافعين الأعلام الحمراء كإشارة إلى وحدة وتضامن العمال على الصعيد العالمي ضمن الحركة العمالية والنقابية، والمطالبة بالعدالة الاجتماعية، مدركين أن اتحادهم ونضالهم ضد الاستغلال من خلال الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات والاحتجاجات المختلفة هو الطريق الأنجع لتحسين شروط وظروف عملهم ومعيشتهم وحقوقهم الديمقراطية والتشريعية.
الاحتفال بهذا اليوم لا ينبغي أن يكون مجرد تظاهرة بروتوكولية تقوم بها النقابات، تتحدث فيها عبر مكبرات الصوت في مهرجانات خطابية فضفاضة عن مكانة العمال وإنجازاتهم، كما حدث خلال سنوات من هيمنة السلطات على النقابات في بعض دول الأطراف ومنها سورية، في الوقت الذي تعاني فيه الطبقة العاملة ظروفاً تعسفية لا تحترم إنسانية العامل وحقه في العيش بكرامة، من خلال فرض شروط قاسية كالأجور التي لا تتناسب مطلقاً مع متطلبات المعيشة الضرورية والأساسية، بسبب الغلاء المتصاعد الناتج عن التضخم الاقتصادي الجاري في معظم البلدان الرأسمالية ودول الأطراف.
عانت الطبقة العاملة في سورية منذ ما قبل انفجار الأزمة عام 2011، وخلال فترة حكم السلطة البائدة الثقيلة على صدور العباد، ما عانته من بؤس وفقر وشقاء، إضافة إلى منع تطور الصناعة أو إعادة ترميمها وتقدمها، سواء في قطاع الدولة أو القطاع الخاص. مع استمرار السياسات الاقتصادية التي لا تخدم سوى قوى النهب والفساد، وتساهم في الاستغلال المكثف للعمال ونهب قوة عملهم من خلال انهيار قيمة الأجور واستفحال الغلاء، مما أسهم في زيادة تدني مستوى المعيشة وارتفاع تكاليف الحياة، حيث أصبح الوضع المعيشي للعمال في حالة سيئة للغاية.
وفي الأيام القادمة، يأتي الأول من أيار هذا العام في ظرف وواقع جديدين، مع فرار سلطة الاستبداد والقمع السابقة إلى غير رجعة، ووصول سلطة أخرى كانت فاتحة قراراتها تسريح مئات العمال، والدعوة إلى خصخصة قطاع الدولة، والاستمرار بالسياسات الحكومية السابقة من حجب الدعم عن الخبز ورفع سعره لأكثر من عشرة أضعاف، واستفحال الغلاء الذي أدى إلى زيادة الإفقار والبطالة وتدني مستوى المعيشة وارتفاع تكاليف الحياة، بالإضافة إلى تآكل قيمة الأجور، فأصبح أجر العامل لا يغطي سوى ثمن خبز أطفاله وجرة غاز منزله، مما جعل الوضع المعيشي للعباد، وخاصة العاملين بأجر، يزداد سوءاً. فأصاب الإحباط الكثير من الفئات الشعبية، ودفعهم للشعور بفقدان الأمل بالمستقبل، مما قد يهدد الأمن الاجتماعي وتماسك المجتمع الرخو - نتيجة بعض السياسات الثأرية التي انتهجتها السلطة الجديدة. والخروج من هذه المعضلة مرهون ومرتبط بالعمل السياسي المفترض، وهو ممر إجباري للتخلص من السياسات الاقتصادية الفاشلة وتحسين مستوى المعيشة المرتبط بتحسين مستوى الإنتاج الحقيقي الصناعي والزراعي.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1224