نبيل عكام
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
ما يزال الحق في الإضراب محلَّ استهجانٍ ورفضٍ لدى أصحاب العمل، وخاصة أولئك الذين يتبنون السياسات النيوليبرالية، حيث يتعرض حقُّ الإضراب لهجومٍ دائمٍ على الصعيد العالمي من قبل هذه القوى. ويُعتبر الإضراب حقاً محمياً من خلال تشريعات واتفاقيات منظمة العمل الدولية، وبإجماع دولي، كنتيجة لطبيعة علاقات العمل بين العمال وأصحاب العمل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ويُعدُّ الحق في الإضراب وكذلك الحق في المفاوضات الجماعية، من أهم الأدوات التي يستطيع العمال استخدامها في الدفاع عن أنفسهم ضد انتهاكات حقوقهم.
هل تتصورون صعوبة الحياة اليومية بالعيش بأقل من دولارين يومياً؟! هذا الواقع المزري يعيشه كل العاملين بأجر والمتقاعدون في سوريا، وهم يصارعون الفقر المدقع بمختلف أشكاله. يقيم معظمهم في الأحياء العشوائية وغيرها من الأماكن المصنفة دون الدرجة الأولى، سواء في المدن أو الأرياف.
تستعد الطبقة العاملة في بلدان العالم لليوم العالمي للطبقة العاملة، الذي اعتمد فيه الأول من أيار يوماً لإحياء النضال والتضامن العمالي من أجل المصالح والحقوق الاجتماعية والاقتصادية والنقابية للطبقة العاملة، وتخليداً لاستمرارها. ويعود هذا الاحتفال بالأول من أيار إلى أواخر القرن التاسع عشر، حيث نظم العمال آنذاك إضراباً عاماً عن العمل، شارك فيه مئات الآلاف من العمال من أجل المطالبة بأجور عادلة وتحديد يوم العمل بثماني ساعات، ورفعوا شعارهم الشهير «ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات راحة، ثماني ساعات نوم». وقد حقق الإضراب نجاحاً كبيراً في حينه، ولكن السلطات في مدينة شيكاغو قامت بمجزرة كبيرة بين صفوف العمال المحتجين والمتظاهرين، واستشهد العديد منهم، كما أعدمت السلطات عدداً من قادة الإضراب والمظاهرات العمالية.
ظهرت الطبقة العاملة في مختلف بلدان العالم خلال مراحل وأوقات زمنية وظروف مختلفة عن بعضها بعضاً. حسب الظروف والخصائص الخاصة التي ساهمت بتطور الصناعة في هذا البلد أو ذاك. وتشابهت ظروف عمل العمّال القاسية في كلّ البلدان، وخاصة في عدد ساعات العمل الطويلة وفقدانهم للطبابة، والأمن الصناعي، والأجور المنخفضة إلى ما دون متطلبات واحتياجات الوضع المعيشي للعامل وأسرته.
يصادف في الأيام القليلة القادمة من صدور هذا العدد من «قاسيون» الذكرى التاسعة والسبعون لاستقلال سوريا الذي تحقق في أواسط نيسان من عام 1946، حيث تم إجلاء آخر جندي من القوات المستعمرة للبلاد في 17 نيسان. ويُعتبر يوم الاستقلال من أهم الإنجازات الوطنية التي تحققت خلال القرن الماضي في تاريخ بلادنا، منذ معركة ميسلون وانطلاق الثورة السورية الكبرى.
الحقَّ في العمل، بما يعنيه من توفير وإيجاد فرص العمل والتشغيل، وهو من أوائل الحقوق التي أقرتها الشرائع الدولية واعتبرته حقًا لا بدّ لكلّ إنسان أنْ يتمتع به، وهو لا يقل أهمية عن الحق في الغذاء وغيره من الحقوق الأساسية للإنسان. ومن هذه الشرائع الدولية اتفاقيات منظمة العمل الدولية وتوصياتها الصادرة عنها، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
معاناة غالبية الأسر السورية من الفقر والعوز دفعتهم لزج أطفالهم في سوق العمل، حيث هناك أزيَدُ من 90% من الأسر يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية. ووفقاً للعديد من التقارير والدراسات المختلفة فإنّ أعداد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر يفوق 90% من إجمالي عدد سكان البلاد، وكثير منهم يضطر إلى اتخاذ خيارات صعبة للغاية لتغطية نفقاتهم. من هذه الخيارات زج أطفالهم في مهن شاقة ومتعبة، ذات خطورة بالغة على صحتهم العامة وحياتهم، وعدم التحاقهم بالمدارس لمساعدة أهاليهم في مصاريف الحياة المعيشية القاسية.
عمدت الحكومة السورية المؤقتة إلى فصل مئات العمّال في القطاع الحكومي تحت ذرائع مختلفة دون وجه حق، وهو ما حفّز موجةً متواصلة من الاعتصامات والتجمّعات المطالِبة بالعودة إلى العمل، وإلغاء هذه القرارات المجحفة بحقّ العاملين، ممّا يسبّب دخول أعداد جديدة إلى ساحات البحث عن فرص العمل، المحدودة بالأصل. وقد امتازتْ هذه الحركة بسعتها وشمولها للعديد من القطاعات، ولجموع واسعة من العاملين في عموم البلاد.
بالانطلاق من فكرة «لا يوجد حركة نقابية مؤثّرة دون طبقة عاملة منظَّمة». كذلك لا يوجد حركة نقابية مسؤولة تجاه العمّال دون أدوات وممارسات كفاحية مسؤولة، وبالتالي نستطيع القول إنّه لا يوجد حركة نقابية حقيقية دون برنامج عمّالي واضح يلبي مصالح الطبقة العاملة.
إن التحولات والمتغيرات التي مرّت بها البلاد في أواخر العام المنصرم وبداية هذا العام، بسقوط السلطة السابقة غير المأسوف عليها، قد وضعت الطبقة العاملة، والعمل النقابي أمام تحديات كبرى يتعرض لها العاملون بأجر، وخاصة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وبالأخص منها المعيشيّة والمتعلقة بالحفاظ على مكان العمل؛ من تسريحٍ عشوائي للعاملين، أو إعطائهم إجازات مفتوحة تبدأ بثلاثة أشهر، وغير المعروفة نتائجها المستقبلية، تقوم بها السلطة المؤقتة. ممّا انعكس على ظروف العمال والعمل، ومعنويات العمال أيضاً. لذلك يحتاج العمال لإعادة تجديد وإحياء العمل النقابي بكل ما يعني هذا التجديد والإحياء من معنى وبالسرعة القصوى. الأمر الذي يستدعي من طليعة الطبقة العاملة صياغة استراتيجيات لهذا العمل النقابي، ووضع برنامج ينسجم مع الواقع، لخدمة العمال وتحقيق تطلعاتهم في العمل اللائق والحياة الكريمة لهم ولأسرهم.