علاء أبوفرّاج
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
ما إن بدأ العدوان الصهيوني على إيران في يوم الجمعة 13 حزيران حتى ظهر الموقف الباكستاني الداعم لإيران بوضوح، وكان لهذا تأثير كبير، نظراً لأن باكستان لها رمزية كبيرة في العالم الإسلامي وذلك بغض النظر عن الظروف الدولية التي أدت لنشوء الدولة الإسلامية في وسط آسيا.
اندلعت فجر يوم الجمعة 13 حزيران الجاري مواجهات خطيرة في الشرق الأوسط بعد عدوانٍ صهيونيٍ على إيران، تلاه جولات متبادلة من القصف، وهو ما أدخل المنطقة في حالة من عدم الاستقرار غير المسبوقة، ومن المتوقع أن تستمر الضربات خلال الأيام وربما الأسابيع القادمة ما يفرض علينا إعادة تقييم المشهد العام، وتحديداً الهدف العميق من هذا العدوان وتأثيراته المحتملة.
كررت بعض الصحف «الإسرائيلية» خلال الأشهر الماضية آراءً حول تغيرات في طبيعة العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأن توجهات الرئيس دونالد ترامب تخالف إلى هذا الحد أو ذاك ما تريده «إسرائيل» أو حكومة نتنياهو، لكن هذا الاستنتاج يبدو قاصراً في فهم طبيعة ما يجري داخل أروقة دوائر صنع القرار الأمريكي، وإذا ما أردنا حقاً أن ننظر بتمعن قليلاً لظهر أمامنا أن موضوع العلاقة مع الكيان هو جزء تفصيلي من صورة أكبر!
يتعقد الوضع في قطاع غزة بشكلٍ متسارع، فإن كان مشهد الحرب القاسية بات مألوفاً وشبه ثابت يتناوب بين تهدئة مؤقتة ومحدودة، ليعود مجدداً بجرعة تصعيدية عالية، إلا أن استمرار الحرب يثبت أن ما يعاني منه الكيان أكبر كثيراً من قطاع غزة، ولا تكفي هذه المساحة الضيقة التي حشر فيها مليوني إنسان لتفسير ما يجري.
خلال الأيام الماضية، تكشفت ملامح نزعة عدائية متصاعدة في سلوك الكيان الصهيوني، مدعومة بتيار نافذ في الولايات المتحدة. هذه النزعة تضعنا أمام تباينات صارخة في ثلاثة ملفات مركزية: أوكرانيا، غزة، وإيران.
اختار الرئيس دونالد ترامب أن تكون زيارته الدبلوماسية الأولى خارج الولايات المتحدة إلى الخليج، مؤكداً على رغبته في إبرام صفقات كبرى وتوسيع نطاق تبادل المنفعة، فبين 13 و16 من شهر أيار الجاري عقد الرئيس الأمريكي لقاءات مع قادة ومسؤولين في كلٍ من السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، ومن خلال استعراض جدول الأعمال المزدحم وما خرج عنه يبدو أننا ندخل بالفعل مرحلة جديدة.
فرضت الهجمات المتكررة لجماعة أنصار الله في اليمن على البحرية الأمريكية الموجودة في المنطقة- وتحديداً حاملات الطائرات- واقعاً جديداً لا يمكن إغفاله بالنسبة لقوّة محيطية، مثل: الولايات المتحدة، وخصوصاً أن حاملات الطائرات كانت العمود الفقري للبحرية الأمريكية وتحوّلت إلى مراكز قيادة بإمكانيات جبارة، قادرة على نقل وتحريك أسطول جوي متطور مدعّم بأنواع مختلفة من الدفاعات.
اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراراً بإقالة مستشار مكتب الأمن القومي ونائبه، وكلّف وزير الخارجية ليكون قائماً بأعمال المكتب، الخطوة وإن بدت مألوفة إلا أنّها تحمل دلالات خطيرة، وخصوصاً مع ما يتوفر من معلومات عن خلفية قرار ترامب الذي ترافق مع العمل على عدد كبير من الملفات حساسة بالنسبة للولايات المتحدة.
بالتزامن مع جولات التفاوض الإيرانية-الأمريكية التي تستضيفها مسقط، نرى أصواتاً من «إسرائيل» متخوّفة من إمكانية الوصول إلى اتفاق، ما يمثّل بالنسبة للكيان ضربة جديدة ربما تدفعه للقيام بمغامرات غير محسوبة، فالمفاوضات مستمرة على أجندة واضحة ومعلنة، فما الذي جرى تحقيقه حتى اللحظة؟ وما هي فرص الكيان في تخريب إمكانية الوصول إلى اتفاق جديد؟
بعد أن توصلت طهران في 2015 إلى اتفاق حول برنامجها النووي، اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الأولى الانسحاب من هذا الاتفاق، ورفض رفع العقوبات عن إيران، مما فرض على كل الأطراف الدوليين- وتحديداً في الكتلة الغربية- الانصياع، خوفاً من تعريض أنفسهم لخطر العقوبات الأمريكية، وبالرغم من أن الرئيس ترامب ظلّ يرى أن قراره كان صائباً لسنوات، عاد اليوم للعمل على صياغة اتفاق نووي جديد مع طهران، ما شكّل مادة دسمة للمحللين السياسيين الذين أخذ كلٌّ منهم البحث عن الزاوية الملائمة لفهم الخطوة الأمريكية، ويمكننا في هذا السياق الحديث عن تيارين أساسيين في هذا التحليل.