عبد الرزاق دياب

عبد الرزاق دياب

email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مطبّات المواطن..

مات جدي أخيراً.. تخلص بالموت من كل أحلامه وآماله، لم يكن لديه كثير من الطموحات والأحلام، جلّ ماكان يتمناه قبر صغير في كرم العنب في قريته (عيون حور) في الجولان.

مات الجد متكئاً على وسادته القديمة، جالساً كنسر عجوز على فرشته الصوفية، بشارب أبيض مصفر من الوسط من التبغ العربي (اللف الحموي)، وبجواره طاولة صغيرة فوقها مذياع مهترئ حمله من عام /1967/، عندما كان يعتقد أنه سيعود بعد أيام ليحصد سنابل القمح التي كانت كما يقول «تغمر رجلاً واقفاً».

بين التاجر الأخطبوط والحكومة.. ضحية واحدة: المواطن..

قررت الحكومة في اجتماعها الأخير زيادة أسعار شراء المحاصيل الزراعية الأساسية والمتنوعة، خبر ساقه الشريط الإخباري في القناتين المحليتين. التفاصيل في الصحافة الرسمية تحدثت عن رغبة الحكومة أيضاً في ردع الاتجار بالحبوب، وحماية الموارد المائية.

وجاء في التفاصيل (بغية تحقيق الاكتفاء الذاتي، والأمن الغذائي، وبهدف تشجيع الإخوة الفلاحين على زيادة إنتاجهم وتحسين أوضاعهم المعيشية، قرر مجلس الوزراء رفع أسعار المحاصيل الزراعية الإستراتيجية للموسم الزراعي 2008 وفق الآتي:

القمح القاسي 16.5 ل.س

القمح الطري 16 ل.س

الشعير 15ل.س

الذرة الصفراء 15 ل.س

القطن 36 ل.س

الشوندر السكري 3.5 ل.س

الأمر الأكثر أهمية في الجزء الثاني من الخبر: (وكلف وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي والجهات المعنية اتخاذ أشد الإجراءات لمنع وقمع أية ظاهرة للاتجار بالحبوب أو تهريبها، ووضع الآلية المناسبة لاستلام وتسليم الإخوة الفلاحين كامل إنتاجهم من محصول القمح إلى المؤسسة العامة للحبوب).

مطبات لبائعة الكبريت.. من وحي الصقيع

أكثر من عشرة أيام جامدة مرت، موجة الصقيع التي قسمت ظهور العباد، كهدية لرأس السنة الجديدة وفأل نحس لأيامهم القادمة، شمس باردة وأطراف صغار ترتجف.

مطبّات حديث البنزين سقوط المدعوم رقم (1)

لأنها حكومتنا.. التي نعرفها..

لم يكن أي منا يتوقع أن تفعل الحكومة فعلتها السرية في جنح الظلام وتبدأ بتنفيذ خطتها برفع الدعم عن المحروقات، وهي التي في عز الظهيرة، طرحت القضية على الرأي العام للنقاش.

فعلتها حقاَ، أولاً  بالذي لا يحقق الدرجة القصوى من السخط ألا وهو البنزين، وفعلاً كانت ردة الفعل كما تشتهي بالضبط، شعبياً ورسمياً وإعلامياً، فالقرار الليلي أصاب الجميع بالاستهجان لا بالصدمة.

أما الاستهجان فجاء من كون هذه الحكومة وسواها لم تعودنا على الديمقراطية، ولم يكن لرأينا أثر لديها ذات يوم أو دور في قرار اتخذته في شأن أكثر أو أقل خطورة مما فعلت.

الطرد.. السياسة الجديدة لرئيس بلدية قطنا الجديد

المواطن ذلك المسكين:

بدأت الدورة الجديدة لمجالس المدن والبلدات، مع الأمل الكبير لمواطني مدينة (قطنا) بدم شابْ يحمل عبء التراكم المرعب من المخالفات وسوء الخدمات، والماء القليل في مدينة تجاور جبل الشيخ، وجهاز جديد يعمل أكثر مما يتحدث ويخطب، ومكتب فني يمارس واجبه دون تلكؤ أو محسوبيات، لكن..

مطبات: الحافة

كأنهم لم يكونوا بالأمس، ولم نقرأ لهم، ولم نفتش في حواري الكتب القديمة عن أسمائهم، ليس زمناً بعيداً طويلاً هذا الذي اتخذ فيه قرار الرحيل، لقد استشاطوا غيظاً من عالمنا الذاهب إلى الانفتاح.

مطبّات أبيض..أسود

لم يعد الفن مرحاً! ثم عُممت هذه العبارة على حياتنا كاملةً، العمر، الحب، العمل، صوت فيروز، آهات أم كلثوم، همهمات العمال الذاهبين إلى ورشاتهم، طلبة المدارس، دروس التاريخ الحافل بالانتصارات، حتى الهزائم التي أصابت مَوجعاً للعدو.

قالها فاتح المدرس، ومضى إلى موته دون التفاتة حزن علينا، على ما آلت إليه أغانينا، جيوبنا، عيوننا، ورحلاتنا لحضور فيلم سينمائي بعنوان( عشرة أيام هزت العالم)، أو( الإمبراطور الأخير)، أو التدافع لحضور مسرحية لجواد الأسدي.

أطلق عبارة كالرصاصة، ثم ببساطة مات، وعشنا ندور بها على كل زوايا حياتنا التي اختلفت، تداعت، صارت مائعة، دون صباحات حالمة عن امرأة تحب البنفسج، وتهديه، دون كأس شاي بليرتين، وسندويشة فلافل بخمس ليرات، ومشوارٍ مجاني إلى جسر كيوان، هناك ثمة فرعٌ صغيرٌ من بردى الذي لم يكن ينقطع.

الواقع أصدق أنباء من التصريحات الحكومية

من حقهم أن يصرحوا حول حالتنا ما يشاؤون، ومن حقنا – نحن الذين تطحننا الحياة- أن نقول لهم: هذا واقعنا.. بين تفاؤلهم المخادع المتكئ على الفراغ واقترابنا من يأسنا ثمة منبر لهم يقولون منه ما يحلو لهم من كلمات معسولة، ولنا ما نراه.. الشوارع، الأرصفة، الباعة، شكل البطالة على حقيقته (الجالسون بمعاولهم في زوايا باب الجابية)، الأطفال المتسولون، الزحام في كل مكان (الحافلة، الكازية، الفرن الاحتياطي).

أول الغيث (قسائم): فلاش باك في تجربة (البونات) السوريَّة... المازوت المدعوم بديلاً عن زيت القلي

لم تفهم جارتنا لتاريخه نظرية الحكومة الجديدة بتوزيع المازوت المدعوم بالقسائم، سألت باندهاش: «يعني مثل السكر والرز»؟

حالتها تشبه حالة كل السوريين، الذين ولأيام قليلة لم يكونوا على يقين بالتجربة، بل وتناقلوا إشاعات عن عزم الحكومة التخلي عن الفكرة، إلا أن الأمور قد حسمت حالياً لصالح نظرية الفريق الاقتصادي، فقد أصدر وزير الداخلية تعليماته بهذا الشأن: 

«بإمكان الأخوة المواطنين مراجعة مراكز توزيع قسائم مادة المازوت المدعوم الموجودة في مراكز المحافظات والمناطق والقرى والبلدات اعتبارا من 12-4-2008 ولمدة 15 يوماً، لاستلام قسائمهم، علماً أنه يحق لرب الأسرة الحصول على هذه القسائم من أي مركز بغض النظر عن مكان قيده بعد اصطحابه البطاقة العائلية والبطاقة الشخصية الحديثة...».

وبين الوزير أنه بإمكان أرباب الأسر من العاملين في الدولة استلام قسائمهم من محاسبي الإدارات التي يعملون بها.

إذاً الأمر حسم، وعلى المواطنين اصطحاب وثائقهم والتجمع أمام مراكز توزيع القسائم، ثم البدء بمرحلة جديدة من التذكر، فلاش باك مفترض عن حالة عشناها ذات يوم مضى.

مطبّات على الورق.. على الأرض

ذبحتنا التصريحات، المناشدات، والاجتماعات التي صدر عنها تصريحات ومناشدات وآليات العلاج والمتابعة، ثم مؤتمرات صحفية وندوات، وتحقيقات مصورة، واتصالات هاتفية من الأخوة المواطنين، ثم وعود مطلقة بالعلاج، تصل إلى حد الضرب بيدٍ من حديد على يد الفاسدين.