مطبات خارج الخارطة
من يرسمنا، ومن يقرر إن كنا داخل الخارطة أو خارجها، خارج الحسابات التي تجريها ما تعرف بالجهات الرسمية أو الحكومية، من يقرر مواطنتنا، انتماءاتنا، وأحقيتنا في أن نكون داخل الخريطة أو على أطرافها، في جوهرها أو خارجها.
من يرسمنا، ومن يقرر إن كنا داخل الخارطة أو خارجها، خارج الحسابات التي تجريها ما تعرف بالجهات الرسمية أو الحكومية، من يقرر مواطنتنا، انتماءاتنا، وأحقيتنا في أن نكون داخل الخريطة أو على أطرافها، في جوهرها أو خارجها.
لا يمكن التعاطي مع ملفات الفساد في وزارة الصحة والمشافي والمراكز الصحية التابعة لها في المحافظات كافة، كبقية ملفات الفساد في الوزارات والمؤسسات الأخرى، فالفساد في هذا القطاع خطورته شديدة وآثاره وخيمة، كونه يتسبب بشكل مباشر وسريع في كوارث اجتماعية حقيقية تصل حد تهديد سلامة المجتمع والدولة، وأقل تداعياته قد تكون موت أبرياء، أو تسممهم، أو تركهم لمصيرهم في مواجهة الأمراض والأوبئة والعوارض الصحية المختلفة..
من المعروف أن أي مديرية من مديريات الصحة في سورية يتبع لها ما يسمى بالمناطق الصحية، ولهذه المناطق قوانين وأنظمة خاصة بها، فمثلاً لا يمكن أن يعين رئيساً لأي منطقة صحية منها حسب المادة 50/ث من قانون المناطق الصحية، أي شخص لا يحمل أحد الاختصاصات الثلاثة التالية: صحة عامة، أطفال، أمراض نسائية.
وهل تمّ بفعل فاعل؟! نعم بفعل الفاسدين والجشعين وأصحاب النفوس المريضة، الذين تهمهم مصالحهم الخاصة، ولو على حساب أرواح المواطنين ومصلحة الوطن!
فما أن تدخل المشفى حتى تستقبلك الكلاب الشاردة والقطط السائبة التي تنتظر وجبتها من بقايا الطعام وبقايا العمليات الجراحية وغيرها من النفايات المتعددة الأشكال والألوان.
فجأة، ودون سابق إنذار، وجد مرضى الكلية في سورية أنفسهم بلا أدوية، وهم الذين لا يمكنهم تحمل أيام قليلة دون دواء، كون وضعهم الصحي دقيقاً وحساساً ولا يحتمل الانتظار الطويل حتى يفرغ كل من مشفى ابن النفيس وشركة «فارمكس» من تبادل الاتهامات بخصوص المسؤولية في عدم توفر الأدوية المطلوبة.
تطلق مستجدات الواقع أبواق التحذير من خطر الاتجاه النيوليبرالي في الاقتصاد السوري مراراً وتكراراً، لكن دون جدوى، فهذا النهج ما يزال العنوان اليومي للقرارات والتوجهات الحكومية..
كان على نصر حامد أبو زيد أن يموت منفياً، وإن لفظ أنفاسه الأخيرة في أحد المسشفيات المصرية، كي تكتمل الفضيحة. لم يصمد قلب الرجل أمام الأهوال التي كابدها خلال حياته القصيرة. لقد جفّ الأوكسجين الاصطناعي في رئتيه أخيراً، إذ لطالما عومل- كواحد من المارقين- الذين يستحقون الجلد على طريقة محاكم التفتيش في القرون الوسطى. حمل وزر الإلحاد، لمجرد اشتغاله في التأويل. لقد دخل منطقة الألغام إذاً، وكان لابدّ أن ينفجر به لغم مدفون تحت الأرض الهشة للتفكير، في بلاد لم تتردد في محاكمة طه حسين، ونجيب محفوظ، وفرج فودة، وقائمة طويلة من التنويريين. هذا ما جرى لمثقف إسلامي تنويري، فما بالكم بما ينتظر مثقف من الضفة الأخرى؟
أصدر رئيس الحكومة قراراً بإقالة مدير مشفى البيروني بدمشق، ونزل القرار على صدور من ابتلاهم المرض الخبيث، كالثلج البارد على قلب محموم.
أدخل أحد الأطباء في إحدى مشافي دمشق مريضه إلى غرفة العمليات، ولكن بعد أن اطمأن إلى أن قسماً من تكاليف العملية أصبح في مالية المشفى، وذلك لإجراء عملية فتح شريان في القلب للمريض، جلس ذوو المريض ينتظرون نتائج العملية بأعصاب متوترة تظهر على وجوههم علائم الخوف والقلق وبعد مضي نحو ساعتين فتح الطبيب باب غرفة العمليات وخرج، فهرع إليه ذوو المريض وقد ازداد قلقهم يسألون الطبيب: «أخبرنا يا دكتور.. كيف أصبحت حال المريض؟».. كان بادياً على وجه الطبيب التوتر الشديد، ثم أجابهم وهو يسير بسرعة وكان صوته خافتاً وكلماته ترتجف: «أطمأنوا هو بخير».
قصدت إحدى السيدات السوريات قسم الإسعاف في مشفى دوما الحكومي لإسعاف أبنها المصاب إثر سقوطه في المدرسة على ذراعه اليمنى، إلا أن السيدة اضطرت للانتظار مدة ساعة كاملة قبل أن يتكرم الطبيب المقيم في قسم الإسعاف في المشفى المذكور (هـ) بفحص ذراع ابنها، وبعد طلبه للصورة الشعاعية الخاصة بذراع الصبي واطلاعه عليها، استنتج بحدسه الطبي أن الصبي يعاني من كسر زوريقي في ذراعه اليمنى، ودون إجراء أي علاج مبدئي طلب من السيدة مراجعة المشفى بعد عشرة أيام في حال تفاقم سوء وضع ابنها خلال هذه الفترة، ليتأكد الطبيب من صحة تشخيصه عبر ما قد يحدث من مضاعفات مع الصبي الذي قدر له أن يكون شاهداً وسبباً في كشف عدد من الظواهر السلبية والممارسات اللاأخلاقية لبعض الأطباء المقيمين في قسم الإسعاف بحق المرضى في مشفى دوما.