المشفى الوطني بالميادين ليس بمشفى هل ما رأيناه واقع حقيقةً؟ نعم واقع مؤلم ويثير الغضب والاشمئزاز!
وهل تمّ بفعل فاعل؟! نعم بفعل الفاسدين والجشعين وأصحاب النفوس المريضة، الذين تهمهم مصالحهم الخاصة، ولو على حساب أرواح المواطنين ومصلحة الوطن!
فما أن تدخل المشفى حتى تستقبلك الكلاب الشاردة والقطط السائبة التي تنتظر وجبتها من بقايا الطعام وبقايا العمليات الجراحية وغيرها من النفايات المتعددة الأشكال والألوان.
وإذا توغلت في المشفى بحثاً عن الخدمات الصحية التي من المفترض أن تُقدَّم للمواطنين وأسرهم وأطفالهم لن تجد منها إلاّ ما ندر. ففي جناح الأطفال، الملائكة الأبرياء، إذا كان حظهم جيداً يرون الطبيب مرّةً باليوم، وأغلب الأدوية المهمة والضرورية كالمضادات غير متوفرة باستمرار، أمّا الحواضن المخصصة لمعالجة الأطفال المصابين بالتهاب الكبد الوبائي (أبو صفار) فخمسة من أصل سبعة في حالة موتٍ سريري (معطلة) والاثنتان المستخدمتان غير معقمتين، فإذا ما شفي الطفل من التهاب الكبد، يصاب بجرثومةٍ دموية أخرى، ما يدفع الأهالي، وكلهم فقراء، إلى اللجوء تحت ضغط الخوف إلى المشافي الخاصة (وهذا بيت القصيد) التي لا ترحم رغم عدم وجود امكانيات مادية، ما يضطرهم للاستدانة أو بيع أغراض البيت، هذا حال أطفالنا أكبادنا تموت على الأرض!
وإذا عرجت على قسم النسائية، فالحال أكثر زرايةً من حيث النظافة المعدومة، الأمر الذي يدفع مرافقي المريض لتنظيف الغرف بأنفسهم. والأنكى غرفة العمليات القيصرية المزرية والمقززة، ولا يتردد المواطن أبداً عند إحالة زوجته لإجراء العمليات في المشافي الخاصة، حيث العناية وطيب المقام ولذيذ الطعام الذي يتحول إلى مفتاح للكنوز حيث تنتفخ الجيوب بالثروات، التي تُولّد العقارات والتجارة والاستثمارات، فكلفة العملية القيصرية لا تقل عن 16 ألف ليرة للجراحة فقط، دون توابعها، أي راتب موظف ثلاثيني، أو راتب موظفين، وبهذه الحالة على الأسرة أن تصوم عن الطعام شهراً كاملاً في غير رمضان، وفريضة غير مأجورة.
لم نستطع أن نتوغل أكثر لأنّ المكتوب معروفٌ من عنوانه، وماخفي كان أعظم.
نعود ونتساءل: هل هذا مشفى وطني؟ أم تلك هي سياستنا الصحية التي أهملت المواطن ورفعت الدعم عنه، والتي هي جزء من سياستنا الاقتصادية الاجتماعية التي يقودها الفريق الاقتصادي حيث تدفع باتجاه الخصخصة والتسليع لكل شيء بما في ذلك الوطن والمواطن، اللذان من المفترض أن تكون كرامتهما فوق كل اعتبار؟! إننا نطالب مدير الصحة للقيام بجولات ميدانية للاطلاع على الواقع ومحاسبة المسؤولين والفاسدين وتحمل المسؤولية.
■ شاهد عيان