تبدي السعودية اليوم- وإن بشكل لا يزال جنينياً حتى الآن- تسليمها بمسار الحلول السياسية في اليمن. ففي وقت بات من المحسوم عدم إمكان إنجاز تقدم عسكري واسع في البلاد، بات الرهان منعقداً على شكل الحل السياسي الذي من المحتم أن يجري.
الاستعصاء اليمني أوشك على الانتهاء. هذه خلاصة المستجدات السياسية في اليمن خلال الأسبوع الماضي الذي شهد انعطافاً سعودياً حاداً، تمثل بإعلان وزير الخارجية، عادل الجبير، عن قرب وقف العمليات العسكرية في اليمن..!
مع انسداد الأفق في وجه الحكم السعودي، والخليجي عموماً، وتحول حسابات «النصر» في ملفات المنطقة إلى أوهام، تبدو النتيجة الواضحة ماثلة في حالة الاستنزاف الدموي لدول الخليج، إن لم تعبر هذه الدول عتبة المتغيرات الدولية والإقليمية بأمان.
في تأكيد على منطق التوريط الذي تعرضت له الدول المشاركة في التدخل العسكري، بقيادة السعودية، في اليمن، شهدت الأيام الماضية تراجعات لبعض الدول عن فاعليتها في التحالف، وتقدم لدول أخرى يبدو أنها ستدفع الفاتورة الأكبر من التدخل.
انتقلت العمليات العسكرية التي قادها «تحالف الحزم»، من نطاق الضربات الجوية المكثفة على مواقع متعددة في اليمن، إلى التورط البري المباشر داخل أراضي الجار الخليجي الجنوبي، فما الدافع وراء ذلك في حسابات الأنظمة الخليجية، والسعودية خصوصاً؟
بعد مضي حوالي ستة أشهر على تورط التحالف السعودي الخليجي في الحرب ضد اليمن بدأت تتراكم أرقام الفواتير والتكاليف الباهظة التي تدفعها دول التحالف المستمرة بالإعتداء على اليمن. فما هي التبعات الاقتصادية لهذه الحرب التي تعتمد غالبية الدول المشاركة فيها في اقتصادها على بيع مصادر الطاقة، في ظل انخفاض أسعار النفط وزيادة نفقات التسلح والعسكرة في هذه البلدان؟
كان التورط البري عنواناً قاسياً للمعارك التي جرت يوم الجمعة الماضية في اليمن، ولا سيما على الحدود اليمنية- السعودية، حيث ذكرت وكالة «أنباء الإمارات» في وقتٍ متأخر من اليوم ذاته ارتفاع عدد قتلى الجيش الإماراتي في المعارك الدائرة في اليمن إلى 45 قتيلاً، فيما اعترفت البحرين بمقتل 5 من جنودها في المعارك ذاتها، بموازاة تأكيد مصدرعسكري يمني مقتل أكثر من 15 جندياً سعودياً وجرح آخرين بكمين قرب موقع مشعل العسكري السعودي في جيزان.
ابتداءً من منتصف ليل العاشر من هذا الشهر، حدَّد الأمين العام للأمم المتحدة هدنة غير مشروطة في اليمن، جرى خرقها في ساعاتها الأولى، لتشهد الأراضي اليمنية عمليات قصف عنيفة، من دون أن يستطيع أي طرف إعلان تبنيه للخرق.
يتواصل سقوط الضحايا في صفوف المواطنين اليمنيين تباعاً، سواء على جبهات الاقتتال الداخلي، أم على وقع غارات التحالف السعودي الغربي، الذي يستهدف بقايا بنى الدولة اليمينة، بدلائل ليس أقلها وقوعه بأخطاء القتل «بنيران صديقة» مستهدفاً حتى المراكز العسكرية للموالين له..
مع تواصل غارات «التحالف» على اليمن، وما يقابلها من ردود متصاعدة طالت بعض المناطق الحدودية مع السعودية، وضعت مفاوضات «جنيف»، بين الفرقاء اليمنيين أوزارها وسط آمال بأن تمهد للبناء عليها لاحقاً باتجاه حل الأزمة العاصفة بالبلاد التي تهدد 21 مليون يمني مباشرة حسب تصريحات مسؤولي الأمم المتحدة.
