بعد مراوحة تعز: محاولة جديدة في (نهم)..!
سعد خطّار سعد خطّار

بعد مراوحة تعز: محاولة جديدة في (نهم)..!

ينتقل مركز ثقل العمليات العسكرية في اليمن نحو مديرية «نهم»، التي لا تبعد أكثر من 60 كيلومتراً عن مركز العاصمة اليمنية صنعاء. الحشد العسكري الواسع لقوات الرئيس عبد ربه منصور هادي، في مقابل الحشد الذي تجريه جماعة «أنصار الله»، يشي بأن معركة «نهم» قد لا تكون بالقصيرة..

رغم أن معركة «نهم» تفتح الباب للأطراف التي لم تقتنع بعد باستحالة الحسم العسكري للاقتناع الجبري بذلك، إلا أنها، قد تشرع البلاد أمام استدامة القتال على غرار ما يجري اليوم في ليبيا. أي أن مزيداً من التعقيد والخلط في الأوراق، المحمول على استعصاء خليجي في الخروج من المستنقع اليمني، قد يدفع نحو إطالة أمد الصراع في اليمن إلى أبعد ما يمكن.

عودة مترددة نحو المفاوضات

سبق المحاولة التي تجريها اليوم أطراف النزاع في «نهم»، محاولة أخرى فاشلة، اعتقد خلالها الطرفان بإمكان الاعتماد على الحسم العسكري في مدينة تعز لتصريف ذلك على طاولة المباحثات التي تجري اليوم برعاية دولية. واليوم، يبدو أن «أملاً»- قد يكون أخيراً- تعقده الأطراف اليمنية على نهم، التي تدخل إليها بقوات كبيرة، وتجهيزات عسكرية ضخمة.

يجري ذلك كله في وقت يجدد فيه المبعوث الدولي إلى اليمن، اسماعيل ولد الشيخ أحمد، محاولاته لجمع الطرفين على طاولة المفاوضات. إلا أنه قد اصطدم بقائمة الشروط التي وضعتها الرياض مسبقاً قبل الموافقة على العودة إلى المفاوضات: الإفراج عن وزير الدفاع اليمني وكبار المعتقلين العسكريين والسياسيين، وفتح ممرات آمنة لإيصال المواد الغذائية إلى المحاصرين في مدينة تعز.. إلخ.

في المقابل، تتمسك جماعة «أنصار الله»، والرئيس السابق، علي عبد الله صالح، بمطلب إيقاف العمليات العسكرية لقوات «التحالف» قبل العودة إلى طاولة المباحثات من جديد، ويرفضان تنفيذ المطالب المسبقة للجانب السعودي، مقترحين تشكيل حكومة وحدة وطنية، تتولى مهمة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2216»، كما يقترحون تشكيل لجنة عسكرية محايدة، تتولى مهمة استلام المدن، والإشراف على نزع الأسلحة، ودمج المسلحين في الوحدات العسكرية النظامية في اليمن.

«2216»: الجميع موافق.. كيف التنفيذ؟

يطلب قرار مجلس الأمن رقم «2216»، الصادر يوم 14/4/2015، من جماعة «أنصار الله» صراحة: «الكف عن استخدام العنف، وسحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها، بما في ذلك العاصمة صنعاء، والتخلي عن جميع الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، بما في ذلك منظومات القذائف، والتوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية، والامتناع عن الإتيان بأي استفزازات، أو تهديدات للدول المجاورة، والإفراج عن وزير الدفاع، محمود الصبيحي، وعن جميع السجناء السياسيين، وجميع الأشخاص رهن الإقامة الجبرية، وإنهاء تجنيد الأطفال وتسريح جميع الأطفال المجندين في صفوفهم».

رغم صيغة القرار التي تراها الجماعة أنها تبدو «منحازة» إلى الجانب السعودي في نص القرار، تؤكد «أنصار الله» استعدادها للالتزام بالتطبيق الكامل للقرار، إلا أن مكمن الخلاف يتمثل في أن الجماعة تتمسك بتطبيق القرار بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، بينما تحاول السعودية فرض تطبيق هذه البنود قبل تشكيل الحكومة، ما يعني خروج «أنصار الله» من المشهد اليمني كاملاً، وهو ما يعتبر سقفاً عالياً جداً، لا يعتمد على واقع ميزان القوى السياسي والعسكري داخل اليمن. 

من هذا المنطلق، قد تطول معركة «نهم» قليلاً قبل توجه أطراف الصراع في اليمن إلى طاولة المفاوضات من جديد. إلا أنه، في نهاية المطاف، فإن الموازين الدولية ستدفع الملف اليمني للحل وفقاً لوقائع العالم الجديد..