الحل اليمني: أملٌ يحييه المسار السوري
ضوء في آخر النفق يراه اليمن. البلد الذي دفع ثمناً باهظاً إثر محاولات المحيط الخليجي للسيطرة عليه، والتحكم بمصير شعبه، عبر محاولات فرض النموذج الاقتصادي الاجتماعي والسياسي المتماشي مع مصالح دول «التعاون الخليجي» و«حلفائها» الدوليين.
هي ذاتها محاولات الإنكار السعودية يتكرر صداها في اليمن: لا حسم عسكري لطرف على آخر، يتبعه لهاث خلف وهم بنجاعة الأدوات السياسية والدبلوماسية على حصد ما فشل التدخل العسكري بإنجازه. أما السقوف التي تفرضها الموازين المتغيرة للقوى الدولية الكبرى، فقد باتت تقف عائقاً جدياً في وجه الواهمين.
خيبات للمتورطين..
وأفق مفتوح للشعوب
لا يحتاج الكشف عن حجم الفشل الذي لحق بالتدخل السعودي يمنياً إلى جهد كبير. إذ كان وصول الصواريخ والقذائف إلى العمق الجنوبي للأراضي السعودي «الأولى من حيث الإنفاق العسكري عربياً» كافياً لتحديد مدى الورطة التي وقعت فيها مملكة لم يجد وزير خارجيتها حرجاً في الإعلان عن «جاهزية» بلاده للتدخل البري في سورية «لكن تحت مظلة «التحالف الدولي»، بقيادة الولايات المتحدة».
يمضي مشروع الحل السياسي في سورية قدماً، إذ ساهم وقف العمليات القتالية بترسيخ الموازين الدولية لصالح المحور الروسي- الصيني وحلفائه، أي نحو حل النزاعات السياسية في العالم بالحوار والطرق السلمية، ليرفع ذلك من احتمال تحول الحل السوري إلى نموذج للحلول السياسية التي لا بد أن تصل إليها معظم الأزمات في نهاية المطاف. هذا إذا لم نقل، أنه وبالملموس، قد انعكس الأمل بحل قريب في سورية على الرأي العام اليمني بشكل واضح، حيث بات الحديث عن حلول سياسية أكثر «واقعية».
السلم طريق وحيد
خلال الأسبوع الماضي، وصل المبعوث الدولي إلى اليمن، اسماعيل ولد الشيخ أحمد، إلى الرياض، لوضع ترتيبات جديدة للبدء في جلسة مقبلة من المفاوضات بين الحكومة اليمنية، بقيادة عبد ربه منصور هادي من جهة، وأنصار الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، وجماعة «أنصار الله» من جهة ثانية، في ظل مناخات إيجابية بين الطرفين. وفي حين يشترط فريق صالح وقف إطلاق نار طويل الأمد، ويصر الرئيس هادي على إطلاق سراح بعض القيادات العسكرية والسياسية المحتجزين لدى جماعة «أنصار الله»، لا يبدو أن هذه «المطالب» ستكون حجر عثرة في وجه بدء جلسة جديدة من المفاوضات أكثر جدية.
ومن تقاطع التصريحات للمسؤولين اليمنيين من الأطراف جميعها، يبدو أن جلسة الحوار المقبلة ستتركز على بحث السبل لتحقيق اتفاق حول القضايا العالقة، لا سيما تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتسريع توحيد الجيش اليمني، وإعادة بناء مؤسسات الدولة.
من خلال التطورات الأخيرة، وفي نظرة شاملة على الملف اليمني، يجري تثبيت خيار السلم مرة أخرى على خيار العسكرة والفوضى، وتتثبت من جديد الحقيقة القائلة بأن تلك القوى التي تدفع باتجاه مصلحة قوى رأس المال المالي الإجرامي العالمي إنما ستتلقف سريعاً انعكاسات التورطات التي تغرق نفسها فيها، في الوقت الذي يتيح فيه العالم متعدد الأقطاب الذي تتبلور معالمه اليوم فرصاً ذهبية لأولئك المتورطين لتنفيذ الانعطافات المطلوبة، حتى الآن..