حمى الاستثمار الخاص وصلت إلى المدارس الحكومية!
عاد الحديث مجدداً عن طرح وزارة التربية لعدد من المدارس للاستثمار الخاص، على أن يبدأ التنفيذ اعتباراً من مطلع العام الدراسي القادم!
عاد الحديث مجدداً عن طرح وزارة التربية لعدد من المدارس للاستثمار الخاص، على أن يبدأ التنفيذ اعتباراً من مطلع العام الدراسي القادم!
تكاثرت وتزايدت المدارس والمعاهد الخاصة في البلاد، والسبب في ذلك ليس سياسات الخصخصة المبطنة والمستترة أو المباشرة فقط، بل الأهم استمرار تراجع العملية التعليمية في المدارس الحكومية وصولاً إلى حدود الفشل، الذي يتم استثماره واستغلاله أبشع استغلال من قبل هذه المدارس والمعاهد، وخاصة بالنسبة لطلاب الشهادات الإعدادية والثانوية بفرعيها العلمي والأدبي!
السوريون يريدون حلاً فورياً وعاجلاً. يريدون نهايةً للكارثة ولدرب الآلام التي يقطعونها، ولم يعد مهماً بالنسبة لهم حتى التفكير بسبب وصول الأمور إلى ما وصلت إليه؛ كل ما يفكرون به هو كيفية الخلاص.
درجت العادة، مع كل أسف، أن تتم عملية الانقطاع عن المدارس لطلاب الشهادات (التعليم الأساسي والثانوي) قبل شهر أو شهر ونصف من موعد الامتحانات النهائية المقررة في كل عام، وهو انقطاع مستمر خلال هذه الفترة، خاصة بعد ضمان الطالب أنه سيتقدم للامتحان النهائي باسم مدرسته، وأن إدارة مدرسته ستغض الطرف عن هذا الانقطاع، باعتباره غير رسمي وغير مبرر!
تزداد يوماً بعد يوم مأساة الشعب السوري ككل، من خلال الازدياد اليومي للأسعار، وتدهور الخدمات المستمر بلا توقف أو بلا حد، بما فيها أزمة التعليم في سورية.
العوامل التي أدت إلى انهيار التعليم في سورية وتدهوره أكثر من تحصر في مقال، منها قلة الكوادر، وسوء وضع المناهج وعدم مطابقتها لظروف المدارس وتجهيزاتها، وسوء البنية التحتية من كهرباء ومياه، ومستلزمات التعليم، وتآكل أجور المعلمين إلى مرحلة شبه العدم!
بعد إصدار مجلس الوزراء قراراً باعتماد التوقيت الصيفي في سورية في الشتاء، صرّح رئيس الجمعية الفلكية د. محمد العصيري اليوم 5 تشرين الأول 2022، بأنّ آثار القرار ستظهر بعد الانقلاب الشتوي [في 21 كانون الأول] «وعندها سنشعر بالتغيير».
ورد في تقرير برنامج الغذاء العالمي حول سورية عن شهر آذار 2022، بما يخص برنامج التغذية المدرسية، ما يلي: «يدعم برنامج الأغذية العالمي تنفيذ تقييم التغذية للأطفال في سن المدرسة (6-12 سنة) داخل المدارس العامة.. خلال شهر آذار وصل برنامج الأغذية العالمي إلى حوالي 470,600 طفل، في 1360 مدرسة في جميع أنحاء البلاد، كما وزع البرنامج ألواح التمر المدعمة على 4035 طفلاً يتلقى التعليم غير الرسمي في مخيمات النازحين شمال شرق سورية، كما دعم البرنامج 40,140 طفلاً خارج المدارس من خلال القسائم الغذائية بكل من (الحسكة- حلب- دمشق- درعا- دير الزور- حماة- حمص- اللاذقية- القنيطرة- طرطوس- ريف دمشق)».
تعودنا من الحكومة أن تفاجئنا في كل شتاء إما برفع أسعار المحروقات أو تخفيض كمية مازوت التدفئة، ولكن الخطير بالأمر أن التخفيض بدأ يطال الأطفال في المدارس في الشتاء القارس!
من أغرب المفارقات والتناقضات التي نراها في وزارة التربية أنه كلما تعمّقت أزمة التعليم وتفاقمت كلّما أسرعت إلى إنقاذها عن طريق حركات بهلوانية، سواء على شكل قرارات أو ندوات أو احتفالات، ولم نلمس في الواقع أية خطوات فعلية تنقذ التعليم من كارثته، فضلاً عن الارتقاء به!