حلب.. الانقطاع المدرسي المبكر وصل إلى الصفوف الانتقالية!

حلب.. الانقطاع المدرسي المبكر وصل إلى الصفوف الانتقالية!

درجت العادة، مع كل أسف، أن تتم عملية الانقطاع عن المدارس لطلاب الشهادات (التعليم الأساسي والثانوي) قبل شهر أو شهر ونصف من موعد الامتحانات النهائية المقررة في كل عام، وهو انقطاع مستمر خلال هذه الفترة، خاصة بعد ضمان الطالب أنه سيتقدم للامتحان النهائي باسم مدرسته، وأن إدارة مدرسته ستغض الطرف عن هذا الانقطاع، باعتباره غير رسمي وغير مبرر!

الشاذ في العام الحالي، أن الانقطاع المدرسي- سواء للشهادات، أو لبعض الصفوف الانتقالية- قد بدأ منذ الآن، أي حتى قبل موعد الامتحانات النصفية!

حلب ليست استثناء!

بعض المدارس في حلب تم البدء بتسجيل حالة الانقطاع المدرسي، ليس لطلاب شهادات التعليم الأساسي والثانوي فقط، بل ولبعض طلاب الصفوف الانتقالية، وخاصة الثامن والحادي عشر!
وقد وصلنا أن الأمر غير محصور في بعض مدارس حلب فقط، فبعض مدارس ريف دمشق سجلت فيها حال الانقطاع، وكذلك بعض المدارس في مدن وبلدات أخرى!
حال الانقطاع المسجلة الآن تعتبر متقطعة وغير مستمرة، كما هي حال الانقطاع المستمر الذي يسجل عادة مع نهاية العام الدراسي، وهي دون توثيق رسمي من قبل إدارات بعض المدارس، باعتبارها متقطعة، فبأحسن الأحوال يتم تسجيلها على شكل غيابات، قد تبرر أو لا تبرر، ما يعفي الإدارات من مسؤولياتها بهذا الإطار!

أسباب ومسببات وذرائع!

انقطاع طلاب الشهادات غالباً ما يتم تبريره بذريعة مساقة، هي التفرغ والتحضير للامتحانات النهائية، سواء استكملت عمليات تدريس المناهج أم لم تستكمل، مع الاستعاضة عن ذلك بالنسبة للطلاب بالجلسات الامتحانية، أو الدروس الخاصة المكثفة خلال هذه الفترة!
فالطالب يعتكف في بيته افتراضاً من أجل الدراسة، وإدارة المدرسة تتحلل من مسؤولياتها وواجباتها تجاهه، وبعض المدرسين ينتفعون بالتفرغ للمعاهد الخاصة أو للجلسات الامتحانية أو للدروس الخاصة!
وبسبب استمرار تراجع وترهل العملية التعليمية في المدارس، مع عدم وجود معلمين لكافة المواد في الكثير منها خلال السنوات الماضية، فقد تم تعميم حال الانقطاع غير الرسمي عن المدارس لتشمل بعض الصفوف الانتقالية أيضاً، بشكل متقطع وغير مستمر، بما يضمن للطالب الانتقال إلى الصف الأعلى عند موعد الامتحان الأخير الذي يخضع له، وبما يخفف الأعباء عن الإدارة لعجزها عن تأمين معلمين لكافة المواد والاختصاصات، حيث يتم الاكتفاء غالباً بما تبقى من طلاب منتظمين بالدوام في هذه الصفوف الانتقالية لتجميعهم في شعبة صفية واحدة، مع غض الطرف عن المنقطعين بشكل غير مبرر وغير رسمي!
بل هناك أحاديث تقول: إن بعض الإدارات تشجع على ذلك، بشكل غير مباشر وغير رسمي طبعاً، وذلك اضطراراً بسبب قلة أعداد المعلمين فيها بما يكفي لكافة الشعب الصفية!

مزيد من الخصخصة المواربة

ما يجب الإشارة إليه أن غالبية حالات الانقطاع المستجدة المسجلة في الصفوف الانتقالية لم تكن من باب التسيّب، بل بسبب نقص المدرسين في المدارس الحكومية، وعدم انتظام العملية التعليمية فيها، بما يحقق الغاية منها بالنسبة للطلاب، بدليل أن بعض المنقطعين يلجؤون إلى المعاهد الخاصة، ويلتزموا بالدوام فيها!
فذوو طلاب الصفوف الانتقالية، وبسبب عدم وجود مدرسين للكثير من المواد وخاصة المواد الاختصاصية، لجأوا إلى تسجيل أبنائهم في المعاهد الخاصة، على الرغم من تكاليفها المرتفعة!
فبحسابات الربح والخسارة تعتبر تكاليف هذه المعاهد أقل من تكاليف الدروس الخصوصية، التي لا بد منها لسد العجز التعليمي في المدارس الرسمية!
فحالات الانقطاع المدرسي التي وصلت إلى الصفوف الانتقالية الآن، تعتبر فرصة مناسبة للمعاهد الخاصة لاستقطاب الطلاب، وهي بالمحصلة تعزيز للخصخصة في قطاع التعليم، مع غض الطرف عن هذا الشكل الجديد والموارب لها!

الوزارة المنقطعة عن مسؤولياتها!

تراجع العملية التعليمية، ونقص المعلمين، وزيادة الكثافة في الشعب الصفية، ونقص مستلزمات العملية التعليمية، وغيرها الكثير من النواقص والسلبيات، ليست خافية، لا عن مديريات التربية، ولا عن وزارة التربية، ولا عن الحكومة، وكذلك نتائجها المتمثلة أخيراً بتسجيل المزيد من حالات الانقطاع المدرسي، والتي وصلت إلى الصفوف الانتقالية، وما يقابلها من تعزيز لدور القطاع الخاص في هذا المجال، من خلال المعاهد أو الدورات أو الدروس الخاصة والجلسات الامتحانية!
أما الأكثر بؤساً من كل ذلك، أنه مقابل كل ذلك التردي والتراجع تطالعنا وزارة التربية بنيتها استقطاب مليون متسرب من مرحلة التعليم الأساسي، وهي عاجزة عن الحد من ظاهرة الانقطاع المدرسي، التي وصلت إلى الصفوف الانتقالية، إن لم نقل إنها تشجعها، بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال استمرارها بنفس النهج اللامبالي والمستهتر بهذا القطاع!
فما يمكن تسجيله، إضافة إلى حال التراجع والترهل في القطاع التعليمي، بنتيجة السياسات التعليمية المتبعة، هو انقطاع وزارة التربية والحكومة عن مسؤولياتها وواجباتها تجاه هذا القطاع، وتجاه الطلاب والتلاميذ، والمعلمين، والكادر الإداري!

الانقطاع في مدارس البوكمال أيضاً!

سبق أن أشرنا عبر قاسيون إلى الواقع التعليمي في البوكمال، وبأن احتياجات مدارس المدينة، على قلتها، أكبر من أن تحصى، وخاصة على صعيد النقص الكبير بالمدرسين والمعلمين!
وقد بدأ تسرب الطلاب من المدارس بسبب قلة المعلمين، وعدم توفر الكتب المدرسية عند أغلب الطلاب، ناهيك عن عدم جاهزية البنية التحتية في المدارس من مياه الشرب ودورات المياه، حتى أن بعض المدارس بلا أبواب أو شبابيك وبلا وسائل للتدفئة، يضاف إلى ذلك كله النقص في المقاعد المدرسية أيضاً!
كل ما سبق يعتبر من منفرات التعليم، التي تضاف إلى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية السيّئة التي يعاني منها أبناء المدينة، كحال كل السوريين!
فعلى سبيل المثال، وضع الثانوية الصناعية في المدينة، التي لا يوجد بها أية وسيلة من وسائل التدريس، بالإضافة إلى نقص المعلمين، وأصبح طلابها بلا دوام عملياً رغماً عنهم، فترى بعضهم في الشوارع والمقاهي والبيوت لعدم تمكن الثانوية من استقبالهم، وذلك لعدم صلاحيتها أصلاً، نتيجة الدمار والسرقات التي تعرضت لها خلال سني الحرب، حيث لم تتم إعادة تأهيلها كما يجب!
مقابل ذلك، يكاد لا يمر أسبوع إلا ويقوم مدير تربية دير الزور بجولات على مدارس المحافظة وريفها، وهو مشكور على هذا الجهد طبعاً، لكن يبقى السؤال: ماذا حققت هذه الجولات؟!
فإحدى جولاته كانت على المجمع التربوي في البوكمال، واجتماعه مع مدراء المدارس وذوو الشأن فيه، ليقف على احتياجات المدارس ونواقصها!
فماذا قدمت الزيارات والجولات الرسمية المتكررة على مستوى الاحتياجات بشكل فعلي، إلا الوعود الخلبية؟!
وهل قام مدير التربية، وضمن حدود صلاحياته ومسؤولياته، بإعلام وزارته بالنواقص، وبالواقع التعليمي المزري في المحافظة عموماً، وفي البوكمال خصوصاً، وخاصة بما يتعلق بنقص المعلمين؟!
وهل من خطوة إيجابية تجاه القطاع التعليمي في المدينة، بما ينصف الطلاب ويحفظهم من ضياع مستقبلهم، قبل فوات الأوان؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1098