البرد سيلاحق الأطفال إلى المدارس كما كل عام
عمار سليم عمار سليم

البرد سيلاحق الأطفال إلى المدارس كما كل عام

تعودنا من الحكومة أن تفاجئنا في كل شتاء إما برفع أسعار المحروقات أو تخفيض كمية مازوت التدفئة، ولكن الخطير بالأمر أن التخفيض بدأ يطال الأطفال في المدارس في الشتاء القارس!

فالبرد لن يبقى حبيس البيوت، بل سوف يتبع الأطفال إلى المدرسة، بجهود حكومية تتابع مسيرة التقشف حتى النهاية.

43 ليتراً حصة كل شعبة في المدرسة!

هذا ما أفاد به مدير تربية ريف دمشق، وتم تداوله عبر بعض وسائل الإعلام، وأوضح أنه تم وضع خطة لتوزيع 800 ألف ليتر مازوت عن الفصل الأول لجميع المدارس بدءاً من المناطق شديدة البرودة، لافتاً إلى أن حصة كل شعبة حوالي 43 ليتراً، خاصة أن فصل الشتاء يتأخر. وأضاف: تم توزيع 40-50% من الكمية وسننتهي الأسبوع القادم، وسيكون هناك دفعة ثانية للفصل الثاني، وبالعودة للعام الماضي فقد تم توزيع 1,8 مليون ليتر عن الفصلين.
فهل هذه الكميات من مازوت التدفئة المخصصة للشعب الصفية في المدارس تفي بالغرض فعلياً، أم إنها ذر للرماد في العيون، وبوابة أخرى لتوزيع الفساد، بحجمه الكبير والصغير!

تقشف وتوفير

تجدر الإشارة أيضاً إلى الفارق بين كميات العام الماضي والعام الحالي، فإذا كانت الكمية التي ستوزع خلال الفصل الاول 800 ألف ليتر فهذا يعني أن الكمية الإجمالية عن الفصلين ستكون 1,6 مليون ليتر، في نقص عن العام الماضي بواقع 200 ألف ليتر، هذا بحال استكمال توزيعها على كافة المدارس طبعاً!
فالتقشف والتوفير في مخصصات مازوت التدفئة طال المدارس على ما يبدو، فهل هذا يندرج ضمن إطار «توجيه الدعم لمستحقيه» بحسب شعارات الحكومة؟

المعادلة المستحيلة!

لو أخذنا هذه الكمية المخصصة لكل شعبة، فكم من الساعات ستكفي لتدفئة الطلاب داخل هذه الشعب؟
لنفترض أن طول مدة الشتاء، حيث يبدأ البرد من شهر كانون الأول ويمتد إلى آخر شهر آذار، هي 4 أشهر، ولنفترض أن أيام البرد الشديدة هي 60 يوماً فقط من هذه الشهور الأربعة، فكيف ستوزع 44 لتراً على 60 يوماً؟
هذا يعني عملياً أن كل لتر واحد لا يشغل المدفأة لأكثر من ساعة واحدة، ولذلك لن تكفي الكمية إلا لتشغيل المدافئ لمدة 45 ساعة في أحسن الأحوال، أي لمدة 9 أيام فقط! وسيبقى الطلاب خلال 51 يوماً عرضة للبرد الشديد، وليس الطلاب وحدهم بل مع المعلمين في الصفوف بطبيعة الحال!
طبعاً كل هذا بحال تم توزيع هذه الكميات بين الشعب الصفية بعدالة، ولم يتم استهلاك جزء من المادة من قبل بعض المديرين والإداريين لتدفئة مكاتبهم، كما جرت عليه العادة!

الكميات سهلة التغييب كلاً أو جزءاً

إن هذه الكمية الهزيلة من مازوت التدفئة المخصصة للشعب الصفية باسم طلاب المدارس لن تكفي سوى لأيام تعد على أصابع اليد كما ورد سابقاً، وبالتالي فمن السهولة تغييبها فساداً، كلاً أو جزءاً، من قبل فاسدي بعض الإدارات بذريعة أنها قد استهلكت وانتهت، ومن سيحاسب من في ظل أنماط الفساد والنهب المستشري، ولن يكون الخاسر في هذه العملية سوى الطالب والمعلم في الشعب الصفية، وهؤلاء دائماً هم الحلقة الأكثر عرضة للأضرار في هذا القطاع المتهالك!
وبغض النظر عن كل مبررات وذرائع التقشف والتقنين والواقع الاقتصادي العام في البلاد، وواقع المشتقات النفطية وكمياتها المتوفرة والمتاحة، وبكل اختصار فإن الكميات المخصصة لمازوت التدفئة للشعب الصفية تعتبر كميات هزيلة وخجولة جداً، ومن المعيب تسميتها «مخصصات تدفئة» طالما ستكون النتيجة تعرض الطلاب والمعلمين للبرد غالبية أيام فصل الشتاء القادم!
وربما من الطبيعي بعد ذلك الطلب من بعض الطلاب إحضار كميات من مازوت التدفئة لمدارسهم، أو اللجوء إلى الحرامات في الشعب الصفية خلال فصل الشتاء القادم، وخاصة في المناطق الأكثر برودة، تكراراً لحوادث ومشاهدات شبيهة سابقة خلال الأعوام الفائتة!
فمع كل أسف القطاع التعليمي متهالك، ويزداد تهالكاً وفساداً عاماً بعد آخر!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1087
آخر تعديل على الأربعاء, 14 أيلول/سبتمبر 2022 18:02