مناقشة مجالس أولياء الأمور جديد إبداعات التربية
عمار سليم عمار سليم

مناقشة مجالس أولياء الأمور جديد إبداعات التربية

تزداد يوماً بعد يوم مأساة الشعب السوري ككل، من خلال الازدياد اليومي للأسعار، وتدهور الخدمات المستمر بلا توقف أو بلا حد، بما فيها أزمة التعليم في سورية.

بمقابل ذلك تصر وزارة التربية، وبعض المنظمات الدولية التي تتعاون معها، أن ترى المشكلة من زاوية أخرى، زاوية بعيدة كل البعد عن المشهد الحقيقي للأزمة القائمة، وهذه المرة تعمد إلى تسليط الضوء على أولياء الأمور ومجالس أولياء الأمور والمعلمين!

فقدان العملية التربوية للحالة الاجتماعية الحاملة للتعليم

لا شك أن التنسيق المستمر بين أولياء الأمور والمعلمين وعقد المجالس بينهم بشكل دوري يحقق نقلة كبيرة، ونتائج مرضية، من خلال تبادل الملاحظات ووضع الخطط وتنفيذها تربوياً، وهذا يعد جزءاً من العملية التربوية ككل، وهي إحدى أدواتها، ولكن المشكلة تكمن في فقدان هذه الأدوات، أي فقدان العملية التربوية للحالة الاجتماعية الحاملة للتعليم، وعدم استقرارها مادياً وخدمياً وفكرياً.
وقد نشرت وزارة التربية عبر صفحتها الرسمية ما يلي: «مناقشة محور مجالس أولياء الأمور والمعلمين، خلال اجتماع تنسيقي بين وزارة التربية والمنظمات الدولية الشريكة.. محور مجالس أولياء الأمور والمعلمين، واستعراض ما أنجزته وزارة التربية من مسودة وثيقة ذلك المحور، وغير ذلك من التفاصيل التي نوقشت خلال الاجتماع الذي عقد في مبنى مديرية التخطيط والتعاون الدولي في وزارة التربية، بحضور منسقة قطاع التعليم ميكي كويدي، وممثلي المنظمات الدولية (اليونيسيف، الفنلندية للإغاثة، أنترسوس، المتطوعين المدنيين) بالإضافة إلى مؤسسة الآغا خان للتنمية.. وبعد أن قدمت المنظمات الدولية المشاركة مقترحاتها حول وضع آلية ومنهجية لعمل مجالس أولياء الأمور والمعلمين بهدف تفعيلها في الحياة المدرسية، وبما يعزز دور المجتمع المحلي وأولياء الأمور ومشاركتهم في دعم العملية التربوية، أكد مدير التخطيط والتعاون الدولي غسان شغري أهمية هذا المحور الذي تعمل عليه الوزارة، وصولاً لتشارك الأفكار مع المنظمات الدولية الشريكة، وتوحيد الرؤى، ليتم لاحقاً عقد ورشة عمل يحضرها المعنيون في وزارة التربية، والشركاء من المنظمات الدولية، تمهيداً لتجريب المحور في الفصل الدراسي الأول، وتعميمه في الفصل الدراسي الثاني».
بهذا السياق أعلاه، وكما نراه جلياً، عَوّدتنا وزارة التربية أن تعرض أخبارها بشكل مقتضب وسريع، مع ذكر أسماء المسؤولين والمعنين من المنظمات الدولية، وكأنها لا تريد إلّا الاستعراض كما تفعل كل مرة، دون عرض أي شيء من الخطوات أو محتوى الاجتماعات، ولو بشكل مختصر يوصل للقارئ أهدافاً واضحة، أو خطوات ملموسة بهذا الصدد!

مشاركة أولياء الأمور في العملية التربوية

إن الواقع يعرب عن نفسه عندما يتم عقد مجلس بين أولياء الأمور والمعلمين في المدارس، حيث تبوء بالفشل، وذلك بأن أكثر من 2000 ولي أمر لا يحضر منهم سوى عدد لا يتجاوز غالباً عدد أصابع اليدين عادة، وهذا إن دلّ على شيء، فإنه يدل على انفصال أولياء الأمور تماماً عن المدرسة والمعلمين والأبناء، نتيجة انشغالهم بالأزمة المعيشية والاقتصادية التي تهدد الأسرة بشكل خطير.
فتأمين الخبز والطعام يعد أولوية لدى ربّ الأسرة، لأنها ضرورة تتوقف عليها الحياة، وبالتالي يصبح التعليم بالمرتبة التالية من الاهتمامات، فاحتياجات الأسرة التي وقع أمنها الغذائي في حيز الخطر، وربما الجوع، هي الاهتمام الأولي، عدا عن فقدان الثقة بين أولياء الأمور ووزارة التربية والمدارس، لما يرونه من فشل وتخبط في القرارات وتنفيذها وسلوكها، تجاه قطاع التعليم الآخذ بالتدهور بشكل غير مسبوق!
وهنا لا يمكن أن يتم تنفيذ أي من الآليات والمقترحات والمنهجيات لمشاركة أولياء الأمور إلا بتغيير الحالة الاجتماعية الخطيرة التي حرمت الأبناء من رؤية آبائهم وأمهاتهم والجلوس معهم، والتي أدت أيضاً إلى نسب كبيرة من التفكك الأسري والطلاق والسفر والهجرة، كظواهر سلبية مترافقة وناتجة عن سوء وتردي الواقع الاقتصادي الاجتماعي المعيشي.
ولعل ذلك لن يتم إلّا من خلال التغيير الجذري والعميق والشامل لجملة السياسات، التي همشت وهشمت البنى الاقتصادية الاجتماعية، ودمرت كل عمل مؤسساتي، ومنها التربية والتعليم وإعاقته عن النهوض.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1092
آخر تعديل على الثلاثاء, 18 تشرين1/أكتوير 2022 10:44