ابتزاز مستمر للطلاب.. وعلى حساب مستقبلهم!

ابتزاز مستمر للطلاب.. وعلى حساب مستقبلهم!

تكاثرت وتزايدت المدارس والمعاهد الخاصة في البلاد، والسبب في ذلك ليس سياسات الخصخصة المبطنة والمستترة أو المباشرة فقط، بل الأهم استمرار تراجع العملية التعليمية في المدارس الحكومية وصولاً إلى حدود الفشل، الذي يتم استثماره واستغلاله أبشع استغلال من قبل هذه المدارس والمعاهد، وخاصة بالنسبة لطلاب الشهادات الإعدادية والثانوية بفرعيها العلمي والأدبي!

فهذه المدارس والمعاهد لم تعد تستقطب فقط طلاب الشهادات الذين يتقدمون للامتحانات النهائية بصفة الدراسة الحرة فقط، بل باتوا يستقطبون طلاب الشهادات المسجلين نظامياً في المدارس الحكومية، ويتقدمون للامتحانات النهائية باسمها!
فإذا كان من الطبيعي استقطاب طلاب الدراسة الحرة في هذه المعاهد والمدارس، فمن غير الطبيعي ما يجري على مستوى زيادة استقطاب الطلاب النظاميين فيها!
فقد أصبح من المتعارف عليه تمرير انقطاع بعض طلاب الشهادات عن المدارس الحكومية خلال الفصلين الدراسيين، وإن كان هذا الانقطاع متقطعاً وغير متواصل، بالإضافة إلى حال الانقطاع عن الدراسة في هذه المدارس مع نهاية الفصل الدراسي الثاني وكأنه مفروغ منه، مع التشجيع عليه أيضاً!
كذلك فإن زيادة الازدحام الصفي في المدارس الحكومية، وقلة الكادر التدريسي في الكثير من المدارس، وعدم قدرة المعلمين على منح ما يكفي من الاهتمام لجميع الطلاب، مع التمايز في مقدرة المعلمين أنفسهم، تعتبر من أسباب النزف الطلابي المستمر خلال العام الدراسي!
والمجحف في الأمر أن معالجة أمر انقطاع الطلاب على المستوى الرسمي، بحال توفر نية المعالجة، يتم من خلال حرمان هؤلاء من التقدم للامتحانات النهائية باسم مدارسهم فقط، وليس من خلال البحث عن مبررات ومسببات هذا الانقطاع لمعالجتها!
أما البديل عن هذا النزف والانقطاع فهو الالتحاق بالمعاهد الخاصة، التي يتم الترويج لها من داخل بعض المدارس الحكومية نفسها عبر بعض المدرسين أو الإداريين، بشكل مباشر أو غير مباشر!
فمع عدم التعميم، ومع كل المبررات التي تفرض على المعلمين البحث عن مصادر دخل إضافية لسد رمقهم وتغطية جزء من احتياجاتهم المعيشية بسبب ضعف الأجور، فإن الفاقع في الأمر أن بعض الكادر التعليمي في المعاهد الخاصة هم من المعلمين في المدارس الحكومية، الذين يظهرون المزيد من الاهتمام بالطلاب في هذه المعاهد على غير عادتهم في المدارس الحكومية، وهؤلاء أنفسهم من المشجعين على الانقطاع والمروجين للمعاهد الخاصة بكل أسف، على الرغم من عدم اختلاف مقدراتهم، لكن المختلف هو توظيفها وغاياتها!
فالتشجيع والترويج للمعاهد الخاصة ليس لسواد عيون الطلاب ومن أجل مصلحتهم بلا أدنى شك، بل من أجل استنزافهم بالأقساط الباهظة التي تتقاضاها هذه المعاهد، والمقدرة بملايين الليرات، والتي يحصلون على نسبة منها بكل جشع، على حساب الطلاب وذويهم، بل وعلى حساب مستوى تعلمهم ومستقبلهم!
فمن آليات الاستغلال المتبعة في بعض المعاهد، وبعد الانتهاء من المناهج افتراضاً، أن يتم الإعلان عما يسمى دورات تكثيفية، لقاء رسم مرقوم عن كل مادة من المواد، مع الترويج لها من خلال حل بعض نماذج الأسئلة المتوقعة في الامتحانات النهائية، يضاف إلى ذلك ما يتم قبل موعد امتحان كل مادة من آليات استغلال أكثر توحشاً باسم الجلسات الامتحانية، وبمبالغ كبيرة جداً، مع الكثير من التسويق لمثل هذه الجلسات، والتشجيع على عدم تفويتها كيلا يفقد الطالب فرص تجاوزه للامتحان، خاصة من قبل بعض المدرسين الذين يدّعون معرفتهم بالتوجهات بشأن الامتحانات وما يمكن أن ترد فيها من أسئلة!
كل ما سبق أعلاه ليس بجديد، وهو معلوم من قبل وزارة التربية ومديريات التربية في المحافظات، مع الكثير من غض الطرف عما جرى ويجري، سواء بما يتعلق باستمرار التراجع والتردي في العملية التعليمية داخل المدارس الحكومية، أو بما يخص الانقطاع الدراسي والنزف منها، وما يجري على مستوى استغلال وابتزاز الطلاب!
فلا مسؤولية عما آل إليه الوضع التعليمي في البلد، فحتى الخصخصة في هذا القطاع مشوهة بما فيه الكفاية، وبما يعزز ويفاقم من المشكلة ويعمقها، وصولاً إلى أنماط التغرير بالطلاب واستغلالهم، وربما التضحية بمستقبلهم أيضاً!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1118
آخر تعديل على السبت, 06 أيار 2023 22:48