هل سمعتم بمشروع التغذية المدرسية؟
عاصي اسماعيل عاصي اسماعيل

هل سمعتم بمشروع التغذية المدرسية؟

ورد في تقرير برنامج الغذاء العالمي حول سورية عن شهر آذار 2022، بما يخص برنامج التغذية المدرسية، ما يلي: «يدعم برنامج الأغذية العالمي تنفيذ تقييم التغذية للأطفال في سن المدرسة (6-12 سنة) داخل المدارس العامة.. خلال شهر آذار وصل برنامج الأغذية العالمي إلى حوالي 470,600 طفل، في 1360 مدرسة في جميع أنحاء البلاد، كما وزع البرنامج ألواح التمر المدعمة على 4035 طفلاً يتلقى التعليم غير الرسمي في مخيمات النازحين شمال شرق سورية، كما دعم البرنامج 40,140 طفلاً خارج المدارس من خلال القسائم الغذائية بكل من (الحسكة- حلب- دمشق- درعا- دير الزور- حماة- حمص- اللاذقية- القنيطرة- طرطوس- ريف دمشق)».

بالمقابل فقد ورد خبر على الصفحة الرسمية لوزارة التربية بتاريخ 14/9/2022 يقول: «بالتعاون بين وزارة التربية وبرنامج الأغذية العالمي: اختتام المرحلة الأولى من التدريب التقني لمنسقي مشروع التغذية المدرسية.. وشملت منسقي المشروع في الإدارة المركزية وعدداً من مديريات التربية، حيث التقى وزير التربية الدكتور دارم طباع خلال جولته اليوم بحضور مدير التخطيط والتعاون الدولي غسان شغري /٢٥/ مشاركاً في المرحلة الأولى للتدريب التي استمرت خلال الفترة الممتدة من ١١-١٤/أيلول واستمع منهم إلى آلية التدريب ونوعيته وكيفية توظيفه في مجال توزيع الأغذية المدرسية وتطوير البرامج.. يذكر أن المرحلة الثانية تستمر خلال الفترة من ١٨-٢١ أيلول ٢٠٢٢، وتستهدف منسقي التغذية المدرسية في محافظات (دمشق، ريف دمشق، حمص، حماة، اللاذقية، طرطوس، إدلب) بواقع /٢٦/مشاركاً».

تساؤلات مشروعة!

بحسب مضمون الخبر من صفحة وزارة التربية تبدو الوزارة وكأنها أقلعت مؤخراً بمشروع «برنامج التغذية المدرسية»، بعد أن «اختتمت المرحلة الأولى من التدريب التقني لمنسقي مشروع التغذية المدرسية» خلال شهر أيلول 2022، علماً أن المشروع المذكور كان قد أُعلن عنه في عام 2014، وبدأ في عام 2015!
وبناء عليه تتبادر للذهن بعض التساؤلات حول الموضوع:
ما هو مشروع التغذية المدرسية، ومن هي الشرائح المستهدفة منه؟
هل هناك مخصصات تغذوية لهذه الشرائح في المدارس، وما هي مفرداتها العينية، وكم حصة كل طالب منها افتراضاً؟
بمسؤولية من توزيع هذه المخصصات (بحال وجدت)، وأين هي التغذية في المدارس بالواقع العملي؟

أرشيف للتذكير!

بدأ برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بمشروع التغذية المدرسية في سورية عام 2014 وذلك بالتنسيق مع وزارة التربية، وكان قائماً على محورين نظرياً:
الأول: المساعدة على ضمان حصول التلاميذ السوريين على الدعم الغذائي الذي يحتاجون إليه وإبقاء الأطفال في المدارس.
والثاني: عبارة عن مشاريع محلية لإنتاج البسكوت بالتمر في سورية، لتعزيز قدرات إنتاج الأغذية المحلية، وخلق فرص للعمل، وتحفيز للاقتصاد المحلي.
بتاريخ 2/12/2020 ورد على الصفحة الرسمية لوزارة التربية ما يلي: «بالتعاون بين وزارة التربية وبرنامج الغذاء العالمي، يتم العمل على مشروع التغذية المدرسية وفق ثلاثة برامج، تشمل الوجبات الخفيفة (المعمول بالتمر)، والقسائم الإلكترونية (للفئة ب)، والوجبات الجاهزة، كما تستمر ورشات عمل تدريب مديري المدارس المستهدفة بمشروع التغذية المدرسية على آليات استلام الوجبات الخفيفة وإعداد تقارير التوزيع.. حيث أكد وزير التربية الدكتور دارم طباع وجوب تنفيذ خطط التوزيع، ورفد الوزارة بتقارير دقيقة عمّا تم إنجازه، ومعالجة الصعوبات إن وجدت، ومناقشة آثار تطبيق مشاريع التغذية المدرسية على العملية التربوية، والبناء الجسدي السليم، والتحصيل العلمي للطلاب».
وبتاريخ 21/9/2021 ورد ما يلي على الصفحة الرسمية لوزارة التربية: «بهدف تحقيق دعم غذائي أكبر للأطفال: مناقشة تطوير خطط التغذية المدرسية بالتعاون بين وزارة التربية وبرنامج الغذاء العالمي.. وضع خطط عمل جديدة تؤمن توفير التغذية المدرسية وفرص عمل للشباب بنفس الوقت من خلال دعم مشاريع صغيرة ضمن التعليم المهني، وغيرها من النقاط التي نوقشت خلال افتتاح ورشة العمل بين وزارة التربية وبرنامج الغذاء العالمي.. وأكد وزير التربية الدكتور دارم طباع أنّ برنامج التغذية من أهم البرامج التي تدعم التعليم في سورية انطلاقاً من مبدأ لا تعليم دون صحة ولا صحة دون غذاء».
وبعد كل ذلك تعلن الوزارة بتاريخ 14/9/2022 «اختتام المرحلة الأولى من التدريب التقني لمنسقي مشروع التغذية المدرسية»، أي وكأن المشروع جديد وقد أقلع الآن، وكل السنين الماضية، بما فيها من دورات ومساعدات، قد ذهبت أدراج الرياح!

للإعلام فقط

رغم أهمية وضرورة المبدأ الذي طرحه وزير التربية بحسب ما ورد أعلاه «لا تعليم دون صحة ولا صحة دون غذاء»، إلا أنه كان للتسويق الإعلامي فقط على ما يبدو!
فأين هو مشروع التغذية المدرسية، وأين هي الوجبات الخفيفة والجاهزة والقسائم التي جرى الحديث عنها والتسويق لها طيلة السنين الماضية؟!
فالمثبت بالمتابعة منذ بدء المشروع في عام 2014 وحتى تاريخه أنّ هناك دورات وتدريب وورشات عمل واجتماعات، ومنسقين مركزيين ومنسقي تغذية مدرسية في المحافظات، ومشاريع وبرامج ثانوية بتسميات مختلفة (الوجبات الخفيفة- الوجبات الجاهزة- قسائم..)، مع تكاليف وتفرغ وجهود للقائمين على كل ذلك، بالإضافة طبعاً إلى كثافة في اللقاءات والتصوير والتغطية الإعلامية.. لكن دون أية نتائج ملموسة في المدارس، ومن قبل الطلاب والتلاميذ فيها، إلا ما ندر.. وللتغطية الإعلامية ليس إلا!

بعهدة وزارة التربية!

إن البيانات والمعطيات الواردة في التقرير الأممي أعلاه، بما يخص برنامج التغذية المدرسية، في جزء أساسي منها مصدرها وزارة التربية افتراضاً، باعتبارها الجهة الرسمية التي يتم التنسيق معها على البرنامج، وهي من تقوم بتنفيذه على الأرض من خلال متدربيها ومنسقيها ومسؤوليها، مركزياً وفي المحافظات.
ولتبقى التساؤلات المشروعة أعلاه، وغيرها الكثير بما يخص البرنامج والمشروع الخاص بالتغذية المدرسية، بعهدة وزارة التربية ومسؤوليتها دون إجابات!

مساعدات أممية بعهدة الحكومة أيضاً!

ورد في تقرير برنامج الغذاء العالمي حول سورية عن شهر آذار 2022 أيضاً: «هناك 12 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، منهم 2,5 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، وهناك 6,8 ملايين نازح داخلياً».
وبحسب التقرير: «أرسل البرنامج مساعدات إنسانية كافية لحوالي 5,8 ملايين شخص عبر جميع الأنشطة في سورية خلال شهر آذار».
أمام المعطيات المبوبة في التقرير الأممي عن شهر آذار 2022، تبدو الأسئلة بعهدة الحكومة أيضاً أكثر مشروعية!
فالتقرير بيّن بكل وضوح أن البرنامج «أرسل مساعدات إنسانية كافية لحوالي 5,8 ملايين شخص عبر جميع الأنشطة في سورية خلال شهر آذار»، بالإضافة إلى ما ورد بخصوص مساعدات برنامج التغذية المدرسية.
فأين هي تلك المساعدات، ليس عن شهر آذار 2022 فقط، وليس بما يتعلق ببرنامج التغذية المدرسية، بل كل المساعدات، وطيلة السنين الماضية؟!
فالواقع التغذوي من سيء إلى أسوأ، ومن يعانون من انعدام الأمن الغذائي في تزايد!
فهل من الممكن الإشارة هنا إلى النهب والفساد الكبير المستشري في البلاد، وقواه القادرة على ابتلاع كل شيء، كما هي قادرة على خلق الأزمات للاستفادة منها، أم لا داعي لذلك؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1088