محصول القمح في سورية... تراجع مقلق يهدد الأمن الغذائي
يشكل محصول القمح في سورية ركيزة أساسية في منظومة الأمن الغذائي، إذ يعتمد عليه ملايين السوريين كمصدر رئيسي للغذاء، ولا سيما في ظل الأزمات الاقتصادية المتفاقمة التي تعيشها البلاد.
يشكل محصول القمح في سورية ركيزة أساسية في منظومة الأمن الغذائي، إذ يعتمد عليه ملايين السوريين كمصدر رئيسي للغذاء، ولا سيما في ظل الأزمات الاقتصادية المتفاقمة التي تعيشها البلاد.
يبدو أن السياسات المجحفة المطبقة تجاه القطاع الزراعي وحدها لم تعد كافية لاستنزاف الفلاح وإنهاكه عبر تكبيده الخسائر عاماً بعد آخر وصولاً إلى تخفيض الإنتاج وتقويضه، وخاصة محصول القمح الاستراتيجي افتراضاً، فارتأت الحكومة أن تبدع المزيد من الأزمات المفتعلة أمام الفلاحين من خلال اختلاق المزيد من الصعوبات أمامهم، وهذه المرة من خلال السياسات المالية والنقدية، المتمثل بعضها بتعليمات المصرف المركزي!
في العدد السابق، بمادة تحت عنوان: «موسم القمح خاسر مجدداً!» بتاريخ 12/5/2024، توقفنا عند حسابات التكاليف لمحصول القمح في محافظة دير الزور، بالمقارنة مع التسعير الرسمي للكغ الواحد بمبلغ 5500 ليرة، والذي تبين من خلالها أن مزارع القمح سيتكبد هذا الموسم خسائر جديدة في محصوله، على حساب تعبه ومعيشته!
حدد مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية بتاريخ 23/4/2024 سعر شراء كيلو القمح من الفلاحين للموسم الزراعي الحالي بـ 5500 ليرة سورية، وذلك بعد حساب التكاليف الحقيقية لإنتاج الكيلو غرام الواحد!
دير الزور هي المحافظة الزراعية الوحيدة التي تعتمد في الزراعة على الري البحت من نهر الفرات، بسبب وقوعها ضمن خطوط الأمطار القليلة والشحيحة، وهذا ما يرفع نسبة التكاليف عالياً فيها.
يبدو أن حسابات الحقل والبيدر الحكومية بالنسبة لمحصول القمح للموسم الحالي لم تثمر، وهو ما كان متوقعاً منها بكل الأحوال، وذلك ليس بسبب السياسات الزراعية وسياسات تخفيض الدعم الجائرة فقط، بل وبسبب الإصرار الحكومي على نمط تسعير المحصول المجحف وغير العادل بالنسبة للفلاحين!
أعلنت الحكومة عبر صفحتها بتاريخ 26/4/2023 ما يلي: «أطلقت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ممثلة بهيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات برنامج دعم شحن المنتجات الزراعية والصناعية سورية المنشأ المصدّرة إلى روسيا بطريقة الشحن البحري».
ما زالت الاعتراضات على تحديد سعر شراء القمح لموسم 2023 من قبل الحكومة بـ 2300/كغ مستمرة، دون أن تتخذ الحكومة أي إجراء بشأن تعديل هذا السعر بما ينصف المزارعين ويحافظ على الموسم وعلى استمرار زراعته في المواسم القادمة!
تتراجع مواسم القمح عاماً بعد آخر، بالتوازي مع استمرار وضع الخطط الزراعية، على مبدأ القص واللصق، المترافقة مع كثرة الحديث عن الدعم، والتي تظهر خلّبيتها بالمحصلة (على مستوى المساحة المنفذة وكم الإنتاج الحقيقي والدعم الفعلي)، مع تكاثر المبررات والذرائع لهذا التراجع، اعتباراً من متغيرات عوامل الطبيعة، وليس انتهاءً بمبررات الحرب والأزمة والحصار والعقوبات!
نشرت قاسيون في أعداد سابقة عن محصول القمح لهذا العام في عدد من المحافظات كالجزيرة وحماة وحلب وحمص، وتتابع في هذا العدد تناول محصول القمح في دير الزور، على مستوى السياسات والمساحات والإنتاج، وما رافق ذلك من ممارسات.