مشفى الباسل بطرطوس.. وسرطان الاستثمار!
مرة أخرى، نرفع الصوت عالياً لنسمع من يعنيهم الأمر.. نرفع الصوت هذه المرة لربما نلقى من يصغي لنا، ولنلغي نهائياً احتمال أن تكون المشكلة بخفوت أصواتنا لا بتجاهل من يسمعنا!
مرة أخرى، نرفع الصوت عالياً لنسمع من يعنيهم الأمر.. نرفع الصوت هذه المرة لربما نلقى من يصغي لنا، ولنلغي نهائياً احتمال أن تكون المشكلة بخفوت أصواتنا لا بتجاهل من يسمعنا!
لم تعد كلمة «الاستثمار» كما كانت سابقاً، فقد تغير معناها لتصبح الكنز الذي لابد من الظفر به طالما هناك قطاع عام، وهو القطاع الذي تحول إلى حقل تجارب، حيث لم يعد الاستثمار يشمل الشركات الخاسرة فقط، بل وصل الأمر ببعض المسؤولين في الحكومة إلى تسليم الشركات الرابحة أيضاً «للاستثمار»، وهذا ما حصل بالضبط لتجمع مباقر مسكنة الذي طرح للاستثمار مؤخراً لمصلحة إحدى الشركات القطرية، وأصبح جلياً أن كل نداءات الإغاثة والإصلاحات التي كانت ينادي بها البعض كانت مجرد إبر مهدئة إلى حين الانقضاض النهائي على هذه الشركات، كما ذكرنا في أكثر من مناسبة.
ما الذي يحدث في سورية؟ أحد محرري الصفحة الاقتصادية لجريدة تشرين الحكومية يجيب: (إن القرارات الحكومية التي صدرت في الأيام الماضية يمكن اعتبارها قرارات ثورية) وهو يقصد بالطبع تلك القرارات التي طرحت الشركات العامة للاستثمار وأغلقت بعضها!
أرسل اتحاد رجال الأعمال العرب كتاباً إلى السيد وزير الاقتصاد، يتضمن رغبة الاتحاد بالاستثمار في سورية، ومما جاء في الكتاب:
إن الفرق الأساسي بين فرد وآخر بالمعيار الاقتصادي الاجتماعي هو الفرق بين منتج ومستهلك، وبما أن التناقض التاريخي ينشأ من أن إنساناً ما لا يستطيع لظروف وتركيبات اجتماعية غير منطقية أن يستهلك إلا أقل بكثير مما ينتج وآخر يستهلك أكثر بكثير مما ينتج. فإن كل إدارة اجتماعية واعية تتجه إلى أن تجعل القاعدة الأساسية لصنع النموذج الإنسان، الهدف هو الإنسان الذي يتكافأ تكافؤاً حياتياً مع استهلاكيه. حتى يتمكن من تطبيق المواصفات الإنسانية.
إن النموذج الإنسان ليس عنواناً شعرياً بل هو عنوان كل خطة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
أجرت الصحفية راما نجمة لقاء مع د. قدري جميل لمجلة المجتمع الاقتصادي وسألته عن جملة من القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وإليكم النص الكامل للحوار:
هو القائل بأن «مشكلة الماركسيين إلى اليوم أن بعضهم وهم الجامدون يعتبرون أن كل الماركسية ثابت بينما العدميون يعتبرون كل الماركسية متغيرة» الدكتور قدري جميل الماركسي العنيد، يحاول ألايكون ثابتاً ولا متغيراً، يتكلم من منطلق النسبي والمطلق، لكن ذلك لا يمنعه من التعصب لأدوات التحليل الاقتصادي الماركسي ونهجه، وبالتالي نتائجه، يقوده الثابت المطلق إلى رفض هيمنة قوى السوق و«تكفيرهم» ويقوده النسبي المتغير إلى المطالبة بشكل جديد للنظام الاقتصادي السوري...
هل يذهب عكس التيار... ليس كثيراً فهو من القائلين باقتصاد السوق الاجتماعي أيضاً، لكن تطابق المصطلحات لا يعني نفس المعاني بالضرورة، فهو ضد الفريق الاقتصادي الذي يستخدم نفس الاصطلاح، مثلما هو ضد الخطة الخمسية العاشرة بأوراقها الألف جملة وتفصيلاً ... ويبقى معه هو بالذات استحالة الفصل بين السياسة والاقتصاد والاجتماع.
ترافق الحديث عن أهمية الاستثمارات الخارجية بالنسبة للاقتصاد الوطني مع ارتفاع أسعار العقارات والأراضي التي كانت الضحية الأولى لهجوم الرساميل الخارجية على البلاد. والأرجح إن حمّى أسعار العقارات والأراضي هي تعبير عن مشكلة مستعصية لدى الرساميل المهاجرة من جهة، وكذلك في أداء الإدارة الاقتصادية في البلاد من جهة أخرى. فالرساميل المهاجرة والآتية إلينا مؤخراً، تتميز بطابعها الريعيّ أي أنها نتاج تغيرات في الأسعار، وليست نتاجاً لجهد إنتاج حقيقي، لذلك فهي ليس لديها تقاليد ولا خبرة في إدارة التكنولوجيا والإنتاج المادي، وتميل بسبب طبيعتها للتوظيف في المجالات الريعية، لذلك تبقى الأراضي والعقارات والمشاريع المرتبطة بها أفضل مجالاتها.
مؤتمر اتحاد عمال طرطوس الأخير حفل بالعديد من المداخلات الهامة، لعل أبرزها المداخلة التي ألقاها رئيس الاتحاد والتي نقدم فيما يلي أبرز ما جاء فيها:
كشفت دراسة اقتصادية أعدها الاقتصادي منذر خدام عن "تراجع شديد في أداء الاقتصاد السوري خلال عامي 1997 – 2004"، وبينت الدراسة المعدة خصيصاً لمشروع سورية 2025 الاستشرافي والمعنونة بـ"الاستثمار والمناخ الاستثماري في سورية"، عن تراجع شديد في مساهمة الصناعة التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي من 20.7% بين عامي 1990-1996 إلى -27% بين عامي 1997-2004، وعن تراجع مساهمة الزراعة من 8% إلى 4.5% ، وقطاع الماء والكهرباء من 11% إلى -7.5%، وقطاع البناء والتشييد من 9.4% إلى 1.4% خلال الفترة نفسها.
(تم إرسال هذا المقال أساساً إلى الزميلة صحيفة «الاقتصادية» ولا ندري ما هي ظروف عدم نشره)..