إبراهيم اللوزة إبراهيم اللوزة

ابراهيم اللوزة: لماذا يجري الترويج المجاني لـ «فضائل» الاستثمار؟

نقدم لقراء قاسيون فيما يلي رأياً نقابياً موضوعياًَ حول موضوع «طرح حاويات مرفأ طرطوس للاستثمار» الذي كنا قد تناولناه في صحيفتنا في أكثر من مناسبة، وصاحب هذا الرأي - الذي جاء على شكل محاججة بالوقائع والأرقام- هو النقابي العريق ابراهيم اللوزة، وتم نشره مؤخراً في الزميلة الثورة..
«السيد رئيس تحرير جريدة الثورة المحترم:

طالعتنا جريدة الثورة في عددها الصادر يوم 13/10/2006 بمقال عنوانه (لماذا تأخر «امتياز» محطة حاويات مرفأ طرطوس) لمراسل الجريدة في طرطوس.
وقد عكس هذا المقال الحرص الشديد، والعتب في الوقت نفسه للتأخير في إنجاز عقد الاستثمار لمحطة حاويات مرفأ طرطوس مع الشركة الفليبينية، باعتبار هذا العقد (الامتياز) كما يقول صاحب المقال من المشاريع المعول عليها كثيراً في زيادة الخطوط الملاحية، وفي زيادة الأرقام الإنتاجية، ولاسيما بالنسبة لبضائع الترانزيت...
ونحن بدورنا نقول: إن الترويج والدفع باتجاه طرح كل مايمكن طرحه للاستثمار والتأجير وأشكال الخصخصة المختلفة وكأن ذلك هو الحل الوحيد والممكن والناجح لكل مشاكلنا الاقتصادية، هو خطأ جسيم.
 والشيء اللافت للنظر أن الإدارات نفسها التي تقود الآن مواقع العمل المختلفة، هي نفسها تدفع باتجاه الاستثمار والخصخصة لتلك المواقع الاستراتيجية كالمرافئ والأسمنت وغيرها!! ألا يجعلنا ذلك نتساءل كثيراً ونقول: إن وراء الأكمة ماوراءها.
وبكلام آخر، هل المصلحة العامة تقتضي الدفع باتجاه الاستثمار؟! أم أن هناك من له مصلحة حقيقية في تسليم هذه المواقع الاستراتيجية لشركات أجنبية قد تكون وهمية، أو واجهة لأشخاص يعملون خلف الستار؟؟
إن المصلحة الوطنية تقتضي الإدارة الوطنية لهذه المنشآت وتخليصها من كل أشكال الإعاقات التي تحول دون تطويرها وتحديثها وتقدمها.
كذلك فإن المصلحة الوطنية تقتضي الحفاظ على اليد العاملة السورية وإعطاءها حقوقها ومكتسباتها، والتي يجري الهجوم عليها الآن بأشكال مختلفة وعلى الرغم من جهودهم الكبيرة في العمل.
إن الوقوف في وجه تسليم منشآتنا الاقتصادية للغرباء عن شعبنا (داخلياً وخارجياً)، والذي دفع ثمنها من عرقه ودمه، والوقوف في وجه موجات الاستثمار والخصخصة المتتابعة هو ضرورة وطنية تقتضيها ضرورات الدفاع عن الوطن أرضاً وشعباً واقتصاداً، ولايمكن أن تغري أصحاب المصلحة الحقيقية كل مسوغات الاستثمار (الامتياز) التي يحاول البعض تسويقها بالجدوى الاقتصادية وعائداتها والخبرات العالمية. . . .إلخ من أجل تمرير عمليات الاستثمار تلك، وفي هذا السياق قدم اتحاد عمال طرطوس في مذكرته التي رفعها إلى الاتحاد العام بتاريخ 5/7/2006 دراسة حقيقية تظهر الواقع الحالي للمرفأ مقارنة مع ماستقدمه الشركة الفليبينية وبالأرقام حيث تظهر هذه الأرقام سقوط الرهان على عملية (الامتياز) وقدرتها التطويرية، فقد جاء في المذكرة:
المرفأ حقق في العام الماضي إيراداً قدره 3 مليار وهو مرشح للزيادة عام 2006.
تضيف المذكرة: إن الدراسة التي أجراها خبير الاستثمار الأوروبي الذي أعد الدراسة الاقتصادية لهذا الرصيف تقول إن المساحة والآليات التي سوف تخصص لمحطة الحاويات حققت 48% من دخل المرفأ أعلاه.
ومن خلال التدقيق بالأرقام التي سوف يحققها الامتياز من جانب الشركة المستثمرة المتوقع لعام 2007 /3.592514/ مليون دولار ويتدرج ليصل إلى حده الأقصى عام 2016 إلى / 8.891126/ مليون دولار وإجمالي البدلات من عام 2007 حتى عام 2016 هو /64.290175/ وهذه أرقام متوقعة قد تتحقق وقد لاتتحقق. وبالمقارنة إلى ماحققه المرفأ:
الساحة التي تعطى للحاويات حققت 48% من دخل المرفأ والذي يعادل 1.440 مليار ليرة.
هذه الساحة سوف توفر للمرفأ حتى عام 2016 أكثر من 14 مليار ليرة.
وأخيراً سنحيل السؤال الذي طرحه مراسل الجريدة في طرطوس إليه ثانية، ليتبين أيهما أجدى اقتصادياً، أن تبقى المحطة تدار وطنياً وهي التي حققت أرباحاً بفضل جهود جميع العاملين من فنيين وإداريين وعمال حمل وعتالة والذين يعملون ليل نهار في تفريغ البواخر حيث أشاد القباطنة بجهودهم لسرعتهم في العمل بالشحن والتفريغ، أم تدار من قبل الشركة الفليبينية؟؟ وفي هذه الحالة كيف ستكون تكاليف الشحن والتفريغ وانعكاساتها على أسعار مختلف المواد المستوردة إلى السوق المحلية نتيجة قيام المستثمر برفع التسعيرة المرفأية؟؟
إن حجم هذه الأرباح الهائلة التي ستحققها هذه الشركة العلنية الوهمية نتيجة رفع التسعير وهضم حقوق العمال، ستؤثر سلباً على استقرار العملة المحلية، وذلك عندما ستقوم هذه الشركة بإخراج الأرباح خارج القطر، وحالياً فإن شركة المرفأ تحتفظ بالقطع الأجنبي وتقوم بتحويله إلى خزينة الدولة.
إن هذا التعاقد يضر بالاقتصاد الوطني وبالعاملين، ولا نرى حاجة إليه، ونتمنى السماح للمرافئ بالاستثمار والتطوير في أرباحه».

 
دمشق 17/10/2006

معلومات إضافية

العدد رقم:
284