ليس إلا نضالاً لتوسيع الهامش الديمقراطي
في البداية أود أن أحيي الرفاق في اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، وأن أعبر عن فائق سروري بطرح الموضوعات للنقاش العام.
في البداية أود أن أحيي الرفاق في اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، وأن أعبر عن فائق سروري بطرح الموضوعات للنقاش العام.
الرقم الإحصائي السوري، القادم من زمن الندرة و«مالو داعي» في الماضي القريب، بات حاضراً اليوم بكل مصادره المتعددة وكثرة قائليه، وقد أصبح اليوم يقدم تفصيلاً على قياس هذا المسؤول الحكومي أو ذاك تجهيزاً لحضوره هذا المؤتمر الدولي «الجاذب للاستثمار» على كثرتهم، أو اللقاء الثنائي، وذلك «لمنفخة» قائله، أو إعطائه مصداقية علمية مفقودة فعلياً.
لا يختلف اثنان، بمن في ذلك القيادة السياسية ومعظم المسؤولين، على أن إحصاء العام 1962 في منطقة الجزيرة (محافظة الحسكة)، هو إجراء تعسفي ربما لا مثيل له في التاريخ الحديث، لأنه دون شك، لا يراعي أية اعتبارات جغرافية أو تاريخية أو إنسانية، والآن بعد مرور وقت على وعود تسويتها دون أن يحدث شيء إيجابي على أرض الواقع سوى بعض الإشارات، وصل الأمر ببعض المتابعين إلى اعتبار هذه المسألة بأنَّ لا حل لها، رغم أن ضحاياها الثلاثمائة ألف شخص على الأقل، يدفعون ضريبة هذا الاستعصاء يومياً من مواطنيتهم وإنسانيتهم وشؤونهم المعيشية.
لم تترك صحيفة قاسيون وكتابها مناسبة إلا وتحدثوا فيها عن المآسي التي يعانيها ضحايا الإحصاء الاستثنائي لعام 1962، والذين تم تصنيفهم ضمن خانة أجانب محافظة الحسكة وجردوا من هويتهم السورية رغماً عنهم بفعل السياسات الرجعية التي قامت بها حكومة الانفصال في الستينيات من القرن الماضي.. وفي هذه المادة التي تستحق أن تضم إلى عجائب الدنيا السبعة، لن نتحدث فيها عن كل ما قلناه وكتبناه سابقاً عن حرمان هذه الشريحة من أبناء محافظة الحسكة من كامل حقوقهم المدنية، وإنما سنتناول جزءاً من المفارقات المبكية- المضحكة التي تحدث مع بعضهم ، وهم بالتحديد أولئك الذين يملكون كافة الوثائق الرسمية التي تؤكد سوريتهم أباً عن جد، وليس فيها أي مجال للشك أو التلاعب..
كانت مفاجأة كبيرة لشريحة هامة من المجتمع السوري، وهي شريحة المواطنين الأكراد أو من اشتهروا بتسمية أجانب الحسكة الذين أصابهم اليأس من الوعود والكلام الكثير الذي قيل بخصوص إعادة الجنسية إليهم، فأكثر المتفائلين لم يكن ليتوقع أن تعاد له كرامته ومواطنيته التي افتقدها لأكثر من خمسة عقود...
إن إحدى أكثر اجراءات الإقطاع والبرجوازية مأساوية بحق الفلاحين السوريين كان ما حصل في الجزيرة السورية في 5/10/1962، وهو ما عرف بالإحصاء الاستثنائي الرجعي الذي طبع بطابع التمييز القومي والتجريد من الجنسية السورية من حيث الشكل، لتنفيذ أهداف مستترة وهي تجريد فقراء الفلاحين الاكراد من الأرض من حيث المضمون.. 49 عاماً وهؤلاء الفلاحون المغتربون في وطنهم يعانون الأمرين بانتظار الأمل والوعود المتكررة خلال العقود الماضية بأنصافهم، وهي وعود دأبت على إطلاقها أفواه كل المتحدثين نيابةً عن الجهات التنفيذية في البلاد منذ ذلك الحين.
في مطلع الستينيات، وتلبية لدسائس عرقية عنصرية متعصبة، واستجابة لغايات طبقية مغرضة، قامت سلطات حكم الانفصال آنذاك بإجراء عمليات الإحصاء لسكان الجزيرة لمعرفة من هو المواطن ومن المتسلل عبر الحدود التركية إلى الأراضي السورية، بغية تنقية سجلات الأحوال المدنية الحالية – المقصود سجلات 1962 وما قبل- من جميع الأشخاص غير السوريين الدخلاء، حسب ما نصت عليه الأسباب الموجبة لمرسوم الإحصاء التشريعي رقم 39 تاريخ 23862.