ضحايا الإحصاء الاستثنائي.. أمَا آنَ لهذه الغُربة أن تنتهي؟!
لا يختلف اثنان، بمن في ذلك القيادة السياسية ومعظم المسؤولين، على أن إحصاء العام 1962 في منطقة الجزيرة (محافظة الحسكة)، هو إجراء تعسفي ربما لا مثيل له في التاريخ الحديث، لأنه دون شك، لا يراعي أية اعتبارات جغرافية أو تاريخية أو إنسانية، والآن بعد مرور وقت على وعود تسويتها دون أن يحدث شيء إيجابي على أرض الواقع سوى بعض الإشارات، وصل الأمر ببعض المتابعين إلى اعتبار هذه المسألة بأنَّ لا حل لها، رغم أن ضحاياها الثلاثمائة ألف شخص على الأقل، يدفعون ضريبة هذا الاستعصاء يومياً من مواطنيتهم وإنسانيتهم وشؤونهم المعيشية.
نحن هنا في هذا التوضيح البسيط لا نريد أن نبحث عن الأسباب التي أدت إلى تجريد هؤلاء الناس، وغالبيتهم الساحقة من السوريين الأكراد أباًً عن جد، من هويتهم الوطنية، ولا نريد أن نجري وراء الذين سحبوا الجنسية السورية من مواطنيهم البسطاء، ولا نريد أن نقيم دعاوى ومحاكم وطنية لمحاسبتهم على جريمتهم اللاإنسانية.. بل جل ما نريده أن نعرف كم من الوقت يلزم للفرد أن يعيش في بلد ما حتى يصبح من حقه أن يطالب بالحصول على هوية أو جنسية هذا البلد، إذا افترضنا عكس حقيقة الواقع، إنه غريب عنها، وليس من أبنائه الخلّص؟!.
هل المدة هي /5/ سنوات؟ /10/ سنوات؟ /15/ سنة... هل يحق له أن يطالب بهذه الهوية بغض النظر عن الوقت..؟ فمثلاً إذا كان المحروم أو المجرد من الجنسية قد أدى خدمة العلم في سورية هل بإمكانه أن يصبح مواطناً سورياً؟ أو إذا تزوج من امرأة سورية هل بإمكانه أن يطالب بالجنسية السورية مثل بعض الدول المجاورة (تركيا مثلاً)؟. وكيف يمكنه الحصول على هذه الهوية؟ هل عن طريق تقديم طلب إلى السلطات العليا، أم عن طريق أمانة السجل المدني في المنطقة، أم عن طريق الجهات الأمنية، أم عن طريق السماسرة والتجار؟.
في هذه العجالة نثبت وثيقة لاثنين من المواطنين السوريين وهما عبدو جاويس وخليل هسام وصلتنا بعد أن قمنا بنشر مادة أخرى في هذا السياق قبل عددين لمواطن أدى خدمة العلم سنتين وستة أشهر، إذ تعود هذه الوثيقة لعام 1944 حين كان يطلق على سورية في ذلك الوقت الجمهورية السورية، والمواطنان المذكوران توفيا دون أن يحصلا على الجنسية السورية، وحالياً اقترب أولادهما من حافة الموت ويستعد الجيل الثالث منهم أيضاً للرحيل إذ أن عمر أحفادهم تجاوز الخمسين عاماً، وقد مر على تاريخ وجودهم بموجب هذه الوثيقة ستة وستون عاماً.
نخشى أن تطال هؤلاء المساكين لعنة التجريد من الهوية حتى يوم الحساب، فلا يظهر لهم أسماء في سجلات القيامة، وبالتالي يفقدون حقهم في الحصول على مكان صريح سواءً كان في الجنة أم في النار!.