«منفخة» رقمية
الرقم الإحصائي السوري، القادم من زمن الندرة و«مالو داعي» في الماضي القريب، بات حاضراً اليوم بكل مصادره المتعددة وكثرة قائليه، وقد أصبح اليوم يقدم تفصيلاً على قياس هذا المسؤول الحكومي أو ذاك تجهيزاً لحضوره هذا المؤتمر الدولي «الجاذب للاستثمار» على كثرتهم، أو اللقاء الثنائي، وذلك «لمنفخة» قائله، أو إعطائه مصداقية علمية مفقودة فعلياً.
وآخر فضائح الأرقام الحكومية هو الحقيقة المرّة التي تضمنها التقرير الذي أعده صندوق النقد الدولي عن واقع الاقتصاد السوري، والذي أشار إلى انخفاض إجمالي الناتج المحلي السوري من 54.5 مليار دولار عام 2008 إلى 52.5 مليار في العام 2009، فهذه الأرقام إذا ما صدقت، تضع أرقام النمو المعلنة حكومياً (5%) تحت مجهر التدقيق، لأن هذا الرقم الدولي يعني أن الاقتصاد السوري حقق نمواً سلبياً يقدر بـ3،6%، ولهذا الرقم واقعياً المؤشرات المؤكدة وجوده، حيث إن الركود الذي تشهده الأسواق السورية اليوم خير دليل على ذلك، فالفارق بين التقارير الدولية والحكومية وارد وموجود، ولكن أن يكون هذا الفارق عكسياً بين النمو وعكسه، فهذا يضاعف حجم التضليل في صوغ وصياغة وإعداد الرقم الإحصائي، الذي يجب أن يكون أصدق الأدلة في تقييم الأداء الحكومي، والانطلاق منه إلى المهام الاقتصادية والوطنية القادمة!! كما أن هذا التقرير يعيدنا بالذاكرة إلى العام 2005 حين إصدار الخطة الخمسية العاشرة، والتي أشارت إلى أن مستوى البطالة في سورية هي 12% وتطمح لإيصالها إلى 8% في نهاية الخطة، ليصدر النائب الاقتصادي بعد عام فقط تقرير مكتبه المحدد لنسبة البطالة في سورية بـ8،2%، وهذا يضع علامات استفهام كبرى على العقلية والآلية التي يصاغ بها ولأجلها الرقم الإحصائي!! ولماذا تستخدم الحكومة هذا الرقم اليوم لتبرير سياساتها الخاطئة أو لتستر عن ضعف أدائها؟!