عرض العناصر حسب علامة : الأجور

بصراحة ... كل شيء بوقته حلو

التقيتُ بعاملٍ متقاعد وهو خرّيج معهد متوسّط أمضى ما يقارب الـ 34 عاماً في العمل، وبعدها أصبح متقاعداً بتعويض شهري يقارب الـ 300 ألف ليرة سورية بعد الزيادة الأخيرة التي طرأت على الأجور. يخرج من بيته باكراً ويعود مساءً لتأمين كفاف يومه وحاجة أسرته، حيث قال: «أنا أقبض 300 ألف ليرة كمعاش تقاعدي ماذا أعمل بهم وكم يوماً تكفيني بالله عليك أجبْني؟». لم أكمل جوابي له عن سؤاله لأنه تابع قائلاً: «لا تكفي سوى أيام لهذا أنا مضطرٌّ غصباً عني إلى البحث عن عمل آخر يؤمّن لي ولعائلتي بعض ما نحتاجه».

السؤال الأساسي حول الدعم النقدي: هل سيُلغى فقر الأجور في سورية؟

لا تزال تتفاعل تبعات الإعلان الحكومي عن التوجه نحو الدعم النقدي كبديل عن الدعم الاستهلاكي الذي كان قائماً في سورية. فمنذ أن أعلنت الحكومة السورية رسمياً يوم الثلاثاء 25/6/2024 نيّتها البدء بعملية إلغاء الدعم الحكومي عن السلع والمواد الأساسية وتحويله إلى دعم نقدي «بشكل تدريجي»، شهد السوريون سيلاً من التحليلات الإعلامية والاقتصادية التي اتفقت بمعظمها على رفض هذا التوجه، ولكن أغلب التحليلات ظلت أسيرة المعالجة السطحية لظاهرة الدعم دون النفاذ إلى جوهرها.

مزيد من الإفقار لأصحاب الأجور

تتجه الحكومة عبر تحويل الدعم إلى دعم نقدي إلى إلغاء الدعم تدريجياً، وهو ما يعني مزيداً من الإفقار لذوي الدخل المحدود وأصحاب الأجور. كما تترافق سياسة إلغاء الدعم مع رفعٍ مستمر لكافة الخدمات الحكومية من صحة وتعليم وكهرباء ومياه، رغم تراجع هذه الخدمات أو فقدانها في مختلف الأحوال، بينما تبقى الأجور ثابتة دون تحريكها لتعويض أصحاب الأجور عن إلغاء الدعم، مع العلم أن الدعم هو تعويض عن عجز الأجور لتأمين متطلبات المعيشة، وإلغاءه يعني أنه يجب أن يترافق مع زيادة أجور حقيقية تؤمن الحد الأدنى لمستوى المعيشة ووفق ما نصَّ عليه الدستور.

افتتاحية قاسيون 1178: إعدام الدعم؟ stars

تجدد خلال الأيام الماضية، الحديث عن استبدال «الدعم العيني» أو «الدعم الاستهلاكي»، بما تجري تسميته «بدلاً نقدياً» أو «دعماً نقدياً».

بصراحة ... فلتأخذ الحكومة أجرتنا وتصرف علينا

حال العمال والفقراء عموماً لم يعد خافياً على أحد، ولم تعد تنفع أنواع المسكنات التي توصف لهم كلها من أجل أن يصبروا على وجعهم... وجعهم المزمن الذي وصل إلى أدق خلاياهم ولم يجدوا له دواءً شافياً حتى الآن.

هل الحد الأدنى للأجور الحالي كافٍ للمعيشة؟

الحد الأدنى للأجور هو أقلّ ما يمكن دفعه كأجر، والذي لا يُسمَح بأقلّ منه، وتُعـَدُّ سياسـة الحـدّ الأدنـى للأجـور مـن السياسـات التـي تتبعهـا الكثيـر مـن الـدول مـن أجـل تحقيـق العدالـة الاجتماعيـة لتــأمين حــدٍّ أدنــى مــن الـدخل، بما يضــمن توفير الاحتياجات الأساســية. حيث يُعرَّف الحد الأدنى للأجور باعتباره أدنى مبلغ من المال يتقاضاه العامل في الساعة، أو اليوم، أو الشهر نظير عمله، ويتحدد بموجب القانون، أو من خلال الاتفاقات المتبادلة بين النقابات وأصحاب الأعمال.

الأجور في سورية: صورة قاتمة مقارنة بدول المنطقة والعالم

يعاني النظام الحالي للأجور في سورية من حالة تردٍّ شديدة، وهو نظام الأجور الأسوأ على الإطلاق في المنطقة ومن بين الأكثر سوءاً على النطاق العالمي، إذ انخفضت القدرة الشرائية للأجور بمرور السنين إلى درجة أصبح حتى المسؤولون عن إدارة شؤون البلاد لا يجادلون بفكرة أن الدولة لا تصرف أجوراً كافية لتلبية الاحتياجات الأساسية للأسر. إضافة إلى ذلك، يواجه المواطنون في سورية ضغوطاً ناتجة عن ارتفاع أسعار السلع التي لا تخضع لأي رقابة جدية، ويعاني المواطن السوري الذي يتقاضى أدنى أجور في المنطقة من تكاليف أعلى للسلع الأساسية مقارنة بالدول المجاورة وبالمعدلات العالمية.

حال العمال

يعاني عمال القطاع الخاص المنظَّم منه وغير المنظَّم وقطاع الدولة من التآكل المستمر لأجورهم نتيجة لارتفاع الأسعار الفاحش، وعدم القدرة على الدفاع عن مصالحهم الطبقية. وذلك نتيجة لعوامل وظروف مختلفة ومتعددة، مما ساهم في إضعاف الوعي الطبقي لدى شريحة واسعة من العمال وخاصة في القطاع غير المنظم، وعدم قدرتهم على خوض نضالاتهم المطلبية المتعلقة بحياتهم المعيشية من أجور وغيرها وتحسين شروط وظروف عملهم.

إضرار متعمَّد بالإنتاج

تربط الحكومة جميع خططها لمعالجة الأزمة الاقتصادية، من تدني الأجور والرواتب وارتفاع سعر الصرف وقلة الطلب وانخفاض معدلات الاستهلاك، بالعملية الإنتاجية وبأنّ حلَّ أغلب الأزمات الاقتصادية يعتمد فقط على دعم الإنتاج وزيادته.

عن ربط الأجور بالإنتاج

تتحدث الحكومة دائماً خلال اجتماعاتها مع النقابات أن زيادة الأجور والرواتب موضوعة ضمن الخطط الحكومية، ولكنها تربط زيادة الأجور بزيادة الإنتاج. وهي تعمل حسب زعمها على دعم مستلزمات عملية الإنتاج لزيادة الأجور، وتسعى في الوقت نفسه لخفض الأسعار، بما ينعكس بشكل إيجابي على المواطن.