رمزي السالم
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
حتى الأمس كان الكثيرون من «الحكواتيّة» في المنابر الإعلامية، ينكرون حقيقة التراجع الأمريكي، و«يستخفون» برأي من يتحدث في هذه الحقيقة ويبني عليها، إلى أن جاءت الوقائع العيانية سواء كانت في النووي الإيراني أو الملف السوري أو الأوكراني.. لتؤكد عملية التراجع التي لم يسمح المستوى المعرفي للـ«حكواتيه» باكتشافها في الوقت المناسب، أوحاولوا التغطية عليها، وعندما بات واضحاً أن واشنطن لم تعد الآمر والناهي
حرب ضارية على «رقعة الشطرنج»، تتعدد الجبهات من بلد إلى آخر، ومن موقع إلى آخر ضمن البلد الواحد، بيادق
يكتنف المشهد على المسرح السوري درجة عالية من السريالية والتعقيد. ثمة تداخل بين الأبعاد الداخلية والخارجية للأزمة، وتتشابك الخطوط والخيوط بين القوى المختلفة بين المعارضة والمعارضة، وبين المعارضة والنظام، وبين المعارضة والخارج، وبين النظام والخارج.. صعود قوى وتراجع قوى أخرى، يتقدم هذا الطرف اليوم ويتراجع الطرف نفسه غداً، يبدو الوضع أحياناً وكأنها دوّامة، ثمة ضبابية وتشويش في اللوحة، خصوصاً لدى من يتفحص «فانتازيا» العنف على الأرض السورية بالعين المجردة لاهثاً وراء التفاصيل اليومية في الحدث.
سورية إلى أين...؟ السؤال الذي طرحته الأزمة منذ اليوم الاول على جدول أعمال جميع القوى، ما زال قيد البحث فالمعركة لم تحسم بعدـ وبالتالي تبقى الاحتمالات مفتوحة والإجابة معلقة في فضاءات الأزمة..
من سمات الأزمات الكبرى والمديدة أنها تطرح على بساط البحث أسئلة كثيرة، تفرض نفسها على جميع الأطراف التي لها علاقة بالأزمة المعنية، بحيث لامفر من الإجابة، وخصوصاً في أزمة من وزن الأزمة السورية التي خلّفت كل هذا الدم وهذا الدمار المادي والروحي، وهذه التداعيات والمخاطر، التي باتت تهدد إقليماً كاملاً.
كانت «الديمقراطيات الغربية» تستند خلال العقدين السابقين في تسويق مشروعها الاقتصادي الاجتماعي السياسي في بلدان الأطراف غالباً إلى نخب ليبرالية، وخطاب ليبرالي، و«ثورات» ملونة. لكن في سياق الصراع على أوكرانيا وما حولها اضطرت هذه «الديمقراطيات» إلى الاعتماد المباشر على قوى فاشية في تسويق ذلك المشروع، من شاكلة «القطاع الأيمن»، فاشية معلنة بشعاراتها وتاريخها وأساليب عملها وديماغوجيتها، ليكشف تطور الأحداث أيضاً أن «الديمقراطيات» تقف خلف تلك الفاشية وتدعمها إعلامياً ودبلوماسياً وتمويلاً.
لم يعد خافياً على أحد حالة الاضطراب التي تمر بها البشرية، دولاً ومجتمعات وقوى سياسية، ومن الطبيعي والحالة هذه أن تتحدد الأولويات وتتجدد الخيارات والمهام على ضوء الواقع الجديد.
تتجه المواقف المتعلقة بالأزمة السورية شيئاً فشيئاً نحو المزيد من الحدّية و الاستقطاب، وذلك أمر طبيعي من وجهة نظر المصالح الآنية المتضاربة للقوى الفاعلة في الازمة الموالية منها والمعارضة.
كشفت محاولة الضبط القسري للمجتمع خلال العقود الماضية، عن ضعفها وعجزها وسقطت في أول امتحان بعد عودة الجماهير إلى الشارع
أصبح من الواضح أن هدف قوى اقليمية ودولية من دخولها على خط الأزمة السورية كان وما زال هو العمل على انهيار بنية الدولة السورية، وصولاً إما إلى نموذج الدولة الهشة« الصوملة» أو التقسيم إذا سمحت لها الظروف لاحقاً، و لاغرابة في ذلك طبعاً لأنه جزء من مشروع شامل ومعلن رأينا نماذجه الأولية في يوغسلافيا وأفغانستان والعراق والسودان وليبيا..... مشروع يهدف إلى اعادة رسم خارطة المنطقة بالمعنى السياسي والجغرافي، لتأريض الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها المراكز الرأسمالية العالمية