افتتاحية قاسيون 1122: ماذا بعد اجتماع وزراء الخارجية؟

افتتاحية قاسيون 1122: ماذا بعد اجتماع وزراء الخارجية؟

عُقد يوم الأربعاء الماضي، 10 أيار، الاجتماع الرباعي لوزراء خارجية سورية وتركيا وروسيا وإيران في موسكو، وذلك بعد سلسلة من اللقاءات على مستويات أدنى.

ومن بين نتائج الاجتماع التي أعلن عنها الطرف الروسي، التحضير المشترك السوري التركي لخارطة طريقٍ لتسوية العلاقات بين الطرفين، وبوساطة ومساعدة مستمرة من روسيا وإيران. تأخذ الخارطة بعين الاعتبار مختلف القضايا العالقة، بما فيها الجوانب العسكرية والأمنية والسياسية. وهذا سيتم استكماله باللقاء بين الرئيسين السوري والتركي، والذي سيمثل في حينه نقطة الانطلاق لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وما سيتم الاتفاق عليه في مختلف القضايا، بما فيها الحل السياسي الشامل للأزمة السورية.

إنّ من بين أهم الاتجاهات الواضحة والثابتة في هذه المرحلة، بما يخص التعامل الإقليمي والدولي مع الأزمة السورية، ما يلي:

أولاً: يتقدم مسار أستانا على خط حل الأزمة السورية بشكلٍ متواصل وبلا هوادة، ويكمل ارتقاءه من مستوى تعاون عسكري الطابع وظيفته تحقيق وقف إطلاق النار، إلى تعاون سياسي وظيفته تحقيق الاستقرار عبر الحل السياسي.

ثانياً: من بين الوظائف الأساسية التي يسعى مسار أستانا لتأديتها، كسر الحصار والعقوبات الغربية بشكل كامل ونهائي، ليس عبر التوسل للغرب كما يفعل البعض، بل بتأمين البدائل الملموسة التي تجعل هذه العقوبات بلا معنى... وكلمة السر الأساسية في ذلك هي: التسوية السورية التركية التي تؤمن لسورية منفذاً واسعاً باتجاه روسيا وإيران والصين.

ثالثاً: الموقف العربي الرسمي، وفي إطار التحولات الجارية على الساحة الدولية، يشهد انعطافاً تدريجياً مهماً، محصلته تصب في غير الصالح الأمريكي الغربي بما يخص سورية. هذا لا ينفي أنّ بعض الدول العربية من المطبعين مع الكيان الصهيوني، تسعى لتأمين باب خلفي للغرب إلى سورية، يعيق الحل ويدفع نحو التقسيم الفعلي، إنْ استطاعت إلى ذلك سبيلاً. مع ذلك فإنّ المحصلة ليست مع هؤلاء، وارتفاع التعاون بين السعودية وروسيا والصين في عدد كبير من القضايا الإقليمية والدولية، إضافة لتحسّن علاقة السعودية مؤخراً مع كل من إيران وتركيا، يسمح بالتنبؤ بأنّ تعاوناً وتنسيقاً بخصوص سورية هو أمر ممكن وقابل للتحقيق، بل وربما قد سار فعلاً خطوات إلى الأمام، لم يتم الإعلان عنها بعد.



التسويات والتوافقات الخارجية لسورية، هي أداة أساسية في تحقيق الاستقرار، لا يكتمل فعلها دون الحل السياسي الشامل وفقاً للقرار 2254. وهذا نفسه هو جزء من خارطة الطريق العامة لسورية نحو المستقبل، ليس فقط ضمن علاقاتها الخارجية، ولكن أيضاً وبالدرجة الأولى في حياتها الداخلية.

هذه الخارطة تتطلب تفاوضاً مباشراً بين النظام والمعارضة، ودمشق هي المكان الأنسب لهكذا تفاوض، مع تقديم الضمانات اللازمة بطبيعة الحال. وإذا كان النظام واضحاً كأحد طرفي التفاوض، فإنّ الطرف الآخر، أي المعارضة، ينبغي أن يكون واضحاً أيضاً وقائماً على معايير تخدم الوصول إلى حل وطني.

إنّ أولئك المتشددين الذين عملوا طوال سنوات ضد الحل السياسي، سيواصلون العمل ضده ومحاولة عرقلته، ما يتطلب تحييدهم وعزلهم، وعلى الأخص منهم، أولئك الذين عملوا ضد مسار أستانا، وضد التسوية السورية التركية، وضد تسوية العلاقات العربية مع سورية.

إنّ ذلك النمط وتلك الهياكل من المعارضة التي تم تصميمها على أساس رسمة التدخل الخارجي، وعلى أساس المعونات و«النصائح» الغربية، ليست مؤهلة ولا مناسبةً للدخول في أي تفاوض، ناهيك عن الوصول إلى حلول سورية وطنية.

إنّ محصلة القوى المختلفة المحيطة بسورية والمتدخلة فيها، تفتح مجالاً واسعاً للسوريين لتقرير مصيرهم بأنفسهم، وهذا ما يجب الاستفادة منه إلى الحد الأقصى، وضمن المهل الزمنية الموضوعية لتلك الاستفادة؛ لأنّ واقع الحال المتدهور داخل البلاد ولدى اللاجئين في دول الجوار، هو أنّ سورية والسوريين في سباق مع الزمن، بين الموت والحياة...

(English version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1122
آخر تعديل على الأحد, 14 أيار 2023 19:57