افتتاحية قاسيون 1121: رغم العقبات فإنها تسير...

افتتاحية قاسيون 1121: رغم العقبات فإنها تسير...

قرر وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم التشاوري في القاهرة، اليوم الأحد 7 أيار، إلغاء تجميد عضوية سورية في جامعة الدولة العربية، وعودة وفودها إلى استئناف المشاركة في الاجتماعات اعتباراً من تاريخه. ويجري ذلك بالتوازي مع التحضيرات للّقاء الرباعي لوزراء خارجية سورية وتركيا وإيران وروسيا في موسكو خلال الأيام القريبة القادمة.

وقد كان لافتاً بشكل خاصٍ ضمن تصريحات عدد من الوزراء العرب، تأكيدهم على الحل السياسي في سورية وفقاً للقرار 2254، بما في ذلك تصريح وزير الخارجية المصري الذي قال فيه: «الحكومة السورية تتحمل المسؤولية الرئيسية في التوصل لحل سياسي وكذلك القوى الوطنية».

إنّ إلغاء تجميد عضوية سورية في جامعة الدول العربية، هو نقلة مهمة وضرورية باتجاه إنهاء الأزمة السورية، وذلك للأسباب الأساسية التالية:

أولاً: تجميد عضوية سورية كان منذ اللحظة الأولى قراراً ضد مصلحة سورية والسوريين، لأنّه شكل المقدمة الضرورية نحو تدويل الأزمة، وبالتالي إطالة أمدها وتعقيدها وتضخيم أكلافها وخسائرها.

ثانياً: تجميد العضوية، بالتوازي مع تشكيل المجموعة المقادة غربياً في حينه والمسماة «أصدقاء سورية»، كان الغرض منه هو إغلاق الباب على الحل السياسي وفتح باب الحرب، عبر سحب الاعتراف بأحد طرفي الأزمة، أي النظام السوري. هذا الأمر كان مقصوداً لأنّ أي حل سياسي يقوم على اعتراف بكل أطرافه، وبأنّ التفاوض بينهم هو السبيل للحل، على العكس مما جرى فعلياً بتشجيع من الغرب.

ثالثاً: عودة سورية إلى جامعة الدول العربية، بالتوازي مع استكمال السير بالتسوية السورية- التركية، والأمران كلاهما مرتبطان بالسير بالحل السياسي، هو الوصفة العملية لكسر الحصار والعقوبات الغربية والابتزاز الغربي، وهو تالياً، وصفة تجفيف «المستنقع»، وصولاً لإخراج كل القوات الأجنبية بالتوازي مع الحل.

هذا الجو الإيجابي الذي يتشكل على الساحتين الإقليمية والدولية بما يخص سورية، لا يخلو مما يعكره، ولا يخلو من محاولات لنسفه أو على الأقل عرقلته. بين هذه المحاولات يمكن ملاحظة ما يلي:

أولاً: سلوك المتشددين في كل من النظام والمعارضة، والذين يحاولون إعاقة جهود كل من أستانا والدول العربية في السير نحو تسوية وضع سورية وعلاقاتها الإقليمية والدولية، توازياً مع بدء عملية التغيير السياسي المستحقة ضمنها، والتي ينبغي أن تكون بإرادة الشعب السوري وبيده ولمصلحته.

ثانياً: سلوك بعض الوكلاء العرب للغرب وللكيان الصهيوني، والذين يحاولون حرف التسويات الجارية عن مسارها نحو تجديد الاستقطاب بين المجموعة المصغرة وأستانا، عبر ألاعيب غايتها توكيل العرب بدور المجموعة المصغرة الغربية، بلعب أدوار ضد أستانا، ولمصلحة الغرب ومصلحة الصهاينة... والأكثر وضوحاً في لعب هذه الأدوار هي بالذات تلك الدول التي لعبت دور مندوب إعلانات لاتفاقات العار- اتفاقات أبراهام، ولخرافة الناتو العربي، وهما المشروعان اللذان لم يعد لأي منهما أي مستقبل، ليس فقط بحكم التوازنات الدولية المستجدة، بل وأيضاً بحكم تحسن الأجواء البينية في كل المنطقة، وخاصة بين السعودية وإيران بوساطة صينية، إضافة لتحسن علاقات الدول العربية الأساسية بتركيا، وبالضد من إرادة الغرب، ونحو تعاون أوسع ضمن أطر أهم من مستوى بريكس وشنغهاي وأوبك+.

ثالثاً: التلويح الأردني بعمل عسكري في الداخل السوري بذريعة محاربة المخدرات، يبدو وكأنه الملاذ الأخير الذي يفكر فيه أعداء الحل السياسي في سورية لإعادة إشعال الحرب، ولإعادة تفعيل الوجود الأمريكي البريطاني العسكري في سورية، وخاصة في قاعدة التنف. ومعلوم أنّ المخدرات لا يمكن معالجتها بعمل عسكري، بل بعمل سياسي اقتصادي، مدخله هو إيقاف الأزمة في سورية، بل وإنّ عملاً مفترضاً من هذا النوع سيكون ورطة ليس لسورية فقط، بل وللأردن أيضاً، التي هي نفسها موضع استهدافٍ في ظل التطورات الكبرى التي تجري على صعيد القضية الفلسطينية وأزمة الكيان.

بالمحصلة، ورغم كل العقبات، فإنّ العملية تسير باتجاه تنفيذ 2254 لحل الأزمة السورية بشكل حقيقي وفعلي. واستكمال هذا الاتجاه يتطلب مزيداً من الإصرار على التسوية السورية التركية وعلى تعاون واضح بين أستانا والدول العربية الأساسية لتحقيق الحل السياسي، بالتوازي مع قطع الطريق على الكيان الصهيوني ووكلائه وألاعيبهم أياً كانت الأقنعة التي يرتدونها...

(English version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1121
آخر تعديل على الأحد, 07 أيار 2023 20:09