عمال التنمية الزراعية في الرقة معايير مزدوجة، ومكاييل متعددة...!!

أليس العمال الزراعيون أحقّ بالمسكن والأرض من كبار الملاك والمتنفذين!؟

هل الأمور مزاجية عند الحكومة، والمعايير ازدواجية، بل الكيل بأكثر من مكيالين!؟

لا شكّ أنّ السياسة الاقتصادية الاجتماعية التي يتبعها الطاقم الاقتصادي ومن خلفه الحكومة ومن وراءها من المتنفذين هي وراء كثير من المآسي الاقتصادية الاجتماعية التي يعاني منها العمال والفلاحون وسائر المواطنين، وإذا أردنا تعدادها سنحتاج إلى أرقامٍ كبيرة تستحق الدخول في كتاب غينس للأرقام القياسية!!

   وسبق أن قامت الحكومة ضمن توجهاتها في الاستثمار الوهمي والخصخصة والبيع، بحلّ مزارع الدولة بقرار خاطئ لا تزال تداعياته وانعكاساته على اقتصاد الوطن وعلى المواطنين من عمال وفلاحين تظهر كلّ فترة، ومنها إعادة كثيرٍ من الأراضي لكبار الملاكين والتصرف بمزاجية ومعايير مزدوجة، بل أكثر من ذلك، بالكيل بعدة مكاييل.

   وقد وصلت لـ«قاسيون» شكاوى واستغاثات من العمال الزراعيين العاملين سابقاً في حوض الفرات (التنمية) وعددهم 61 عاملاً، فقد سبق أن أعطت الحكومة موافقتها على بيع مساكن مدينة الثورة ومزارعها، ومنها ما يتوافق مع حقوق ورغبات العمال والخبرات الفنية الوطنية، وذلك بتمليكهم المساكن التي تجاوزت عمرها الافتراضي، حيث تمّ بناؤها عام 1968 لتشجيع العمال والخبرات آنذاك للعمل في بناء أعظم المشاريع الاقتصادية في تاريخ سورية إلى الآن، وهو سد الفرات والمشاريع الزراعية والاستصلاحية المرافقة له بمساعدة الاتحاد السوفييتي دون شروط، بينما طالبت الدول الرأسمالية آنذاك بأثمانٍ متعددة وشروط معقدة تمس كرامة الوطن والمواطن.. ولعل الذكرى تنفع في هذه الأيام للذين يراهنون على الشراكات الرأسمالية الليبرالية المتنوعة .

   هذه الشكاوى والاستغاثات من العمال تتمحور حول المعايير المتبعة التي لا ضابط لها، والتي تتنافى مع العدالة والمساواة، وهي مستمرة منذ سنوات، فقد تملّك عمال وفنيو استصلاح الأراضي في مدينة الثورة مساكنهم وهذا حقّهم، بينما عمال التنمية الزراعية في حي الدرعية بالرقة حرموا من ذلك، والعمال القاطنون فيه هم من مؤسستي الاستثمار والاستصلاح، وهم حالياً ضمن مؤسسةٍ واحدة بعد دمجهما بقرار من الحكومة. ورغم المطالبات العديدة والكتب والتوصيات لكل الجهات ومن مختلف المستويات لكن لا حياة لمن تنادي، ونذكر منها:

- كتاب القيادة القيادة القطرية رقم 3494 تاريخ 2/3/2002

- كتاب القيادة القيادة القطرية رقم 2528 تاريخ 22/2/2003

- كتاب الاتحاد العام لنقابات العمال رقم 2079/5 تاريخ 13/3/2003

- اقتراح الجبهة الوطنية التقدمية تاريخ 28/12/ 2005

- كتاب محافظ الرقة رقم 2722 تاريخ 25/5/2006

- كتاب الاتحاد المهني رقم 145/ص تاريخ 30/5/2006

- كتاب مؤسسة استصلاح الأراضي ذاتها  750/ م/17 تاريخ 18/6/2006

   كل هذه الجهات إضافة لشكاوى العمال ومطالباتهم لم تُجد للآن، وكان قرار القيادة القطرية رقم 83 لعام 2000 يشمل أيضاً بيع مساكن المشروع الرائد لقاطنيها، وتوزيع أراضيه، ويعتبر تجمع مساكن حي الدرعية خاصاً بإدارة المؤسسة مع المشروع الرائد .

   وفي التفاصيل والتي تكمن بها الشياطين عادةً أنّ 61 عاملاً قدموا استقالتهم من العمل لقاء استفادتهم 30 دونماً مروياً، وبعد ذلك منعتهم المؤسسة من فلاحتها كونهم قاطنين في مساكن الدرعية ولم يخلوها، مع العلم أنّ خمس دُفعات استقالت قبلهم، وأخذوا الأرض والمساكن وما زالوا يقطنون المساكن ويفلحون الأرض، وهذا حقّ طبيعي بموجب القرارات، ولم يطالبوا ببراءة ذمة.. أمّا هؤلاء الـ61 وهم عمال متقاعدون فقد أخذوا الأرض منهم ويريدون إخراجهم من بيوتهم عبر اعتبار هذه البيوت ذمة، علماً أنّ كتابي رئيس مجلس الوزراء رقم 869/1/31 تاريخ 15/6/2000  ورقم 2364/1/31 تاريخ 21/10/2000 تستثنيان حالتي التقاعد والوفاة من إخلاء سكن العمال..!! والسبب أن مدير التنمية آنذاك كان من ذوي الحظوة ولا يستطيع أحدٌ مجابهته وما يقوله هو النافذ، ورغم تغيره، وموافقة المؤسسة بعده، إلاّ أنّ الحكومة ورئاسة مجلس الوزراء لم تتخذ القرار الطبيعي بمعاملتهم كسابقيهم!!

   وهنا نتساءل : لماذا هذا التخبط والتناقضات والازدواجية في المعايير؟ وهل المكاييل تحددها مراكز النفوذ، أم الحقوق، وخاصةً حقوق هؤلاء العمال التي ستذهب أدراج الرياح، وسيحرمون من الأرض والمسكن رغم الفقر الذي يعانونه؟!! أم أنّ السماسرة والفاسدين يريدون الاستيلاء عليها وليذهب أصحابها الفقراء  إلى الجحيم هم وأسرهم ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم؟!

ونحن في «قاسيون» إذ ننقل هذه المأساة، نتوجه إلى كل الشرفاء لانصاف هؤلاء العمال، طالما الحكومة عاجزةً أو لا ترغب في إعادة الحقوق لأصحابها، وهؤلاء العاملون مواطنون على الأقل، وكرامتهم من كرامة الوطن، وهي فوق كلّ اعتبار. 

■ الرقة/ محمد الفياض