مداخلة نزار العلي: من أجل رب عمل و تاجر يُنفى آلاف العمال من الحياة الاقتصادية والاجتماعية
في البداية أسجل اعتراضي وتحفظي على تأخر جلسات المجلس العام، فليس من المعقول أن يأتي مجلسنا بعد ستة أشهر ونيف من المجلس الماضي، مع العلم أن هناك تطورات اقتصادية وعمالية هامة، وكان آخرها القانون /17/ لعام 2010، الناظم لعمل العمال ولعلاقات العمل في القطاع الخاص، والذي لم يناقش في المجلس بصورته النهائية، ولنا اعتراض على المادة /65/ منه التي تعتبر أساس وجوهر القانون، والتي تنص على التسريح التعسفي للعامل، وهنا نؤكد على وجود تباين بين رؤية القواعد النقابية وبين القيادة النقابية التي تتغنى بالقانون، فقد كان حرياً بالمكتب التنفيذي دعوة المجلس العام لمناقشة بنود القانون، ووضع رؤية الاتحاد العام وتقديمها عبر القنوات الرسمية، ومن هنا أيضاً أسجل تحفظي على أسلوب المكتب التنفيذي بسبب مركزيته في اتخاذ القرارات فيما يتعلق بمثل هذه القوانين المصيرية التي تؤثر على حياة الطبقة العاملة.
إن إقرار المادة /65/ من القانون في مجلس الشعب، والذي يضم في ثناياه /51%/ من ممثلي العمال والفلاحين يضعنا أمام إشارات استفهام كبيرة عن دورهم في الدفاع عن مصالح العمال والفلاحين، وباقي فئات الشعب، وأما وزارة العمل والسيدة الوزيرة فقد بدا واضحاً أنها تعمل بشكل منحاز لأرباب العمل، وإذا كانت الوزيرة تدعي أن القانون بهذا الشكل هو لخدمة الاستثمار وتشجيعه، نقول لها إن القانون /91/ لعام 1959 والمرسوم /49/ لم يكونا يوماً من الأيام عائقاً أمام الآلاف من الورش الصناعية والمصانع وأربابها، بل حقق من خلالهما أرباب العمل نجاحات اقتصادية وأرباحاً طائلة، وكان جديراً بالسيدة الوزيرة أن تقف مع مصالح أكثر من ثلاثة ملايين عامل وتدافع عن حقوقهم، وأن تدفع بأرباب العمل لتنفيذ القانون /91/ لعام 1959 وتسجيل العمال بالتأمينات، ومنحهم ترفيعاتهم الدورية وغيره، وأن تفرض على أرباب العمل تسديد ما عليهم من التزامات ضريبية لمصلحة خزينة الدولة. ولا أدري كيف يفكر المعنيون بالسياسات الاقتصادية السورية، فمن أجل رب عمل أو تاجر يتم نفي وإعدام آلاف العمال والمواطنين من الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فمثلاً وزارة النقل أخذت قراراً بالاتفاق مع بعض المحافظين بإيقاف السرافيس العاملة على خطوط النقل الداخلي بالمدن، ومنح متعهد حق استيراد باصات وتشغيلها على هذه الخطوط وحرمان المواطنين من لقمة عيشهم، فالمواطن بمدينة حمص مثلاً يعاني أسوأ ظروف حياته عند انتقاله داخل المدينة، وخاصة العمال في الفترة الصباحية إذ يتأخرون عن دوامهم بسبب تباطؤ هذه الباصات وتوقفاتها الكثيرة، والازدحام الشديد، وأما عن المناظر اللاأخلاقية فحدث ولا حرج، والسؤال: هل المعنيون بوضع السياسة الاقتصادية والاجتماعية لبلدنا يريدون أن يكفر المواطن بوطنه؟ فلم تنته مأساة توزيع الدعم حتى بدأت مأساة النقل الداخلي والحبل على الجرار.
أما في مجال القطاع العام الصناعي، فمازال هذا القطاع يعاني من المماطلة في إصلاح وتطوير شركاته، بالتزامن مع التحرير المتسرع للتجارة الخارجية، وفتح الباب لإغراق الأسواق من البضاعة النسيجية العالمية بمنتجاتها الرخيصة السيئة الصنع، واليوم هناك /27/ شركة لصناعة الغزل والنسيج منها /8/ شركات رابحة و/13/ حدية و/6/ خاسرة، ويوجد /48/ منشأة لصناعة الألبسة في جميع المحافظات تقدمت بطلبات للإغلاق بسبب خسائرها الفادحة، وعدم قدرتها على المنافسة بسبب الاستيراد والإغراق.
وفي تقرير لغرفة صناعة دمشق أشير إلى انخفاض عائدات الصناعات النسيجية /100%/ خلال الربع الأول من هذا العام، وانخفاض العمالة بنسبة /74%/، وهذا يتطابق مع العديد من الصناعات الآيلة للإغلاق مثل صناعة السيراميك وصناعة الأحذية.
وفي مجال السياحة كانت سورية في عام 2009 في المرتبة /63/ عالمياً في مساهمة السياحة بالمدفوعات العامة للدولة حسب الإحصائيات الرسمية، وتقدمت ست مرات وأصبحت في المرتبة /57/، والتقارير الصادرة عن المجلس الدولي للسياحة وصندوق البنك الدولي وجهات أخرى، كتقرير بنك عودة، أكدت أن السياحة والإنفاق القوي للسياح في سورية قد أفلت السياحة السورية من الأزمة المالية العالمية، والسؤال هل وضع المشرفون على السياحة في بلدنا في حسبانهم التركيز على صناعة السياحة كإحدى الموارد الرئيسية لخزينة الدولة في مجال أمانة الشؤون الاقتصادية؟!