مداخلة نزار ديب: يجب أن يكون للمجلس رأي موحد تجاه القضايا الهامة والمصيرية

انتهت المؤتمرات النقابية مؤكدة على قضايا هامة، وهي المحافظة على القطاع العام وتطويره، تثبيت العاملين المؤقتين، تحقيق الضمان الصحي وطبيعة العمل، إلغاء ضريبة الإنفاق الاستهلاكي، تحسين المستوى المعيشي، إيجاد جبهات عمل للشركات الإنشائية، الحد من ظاهرة البطالة، تعديل قانون العمل، تقييم الخطة الخمسية العاشرة، وتطوير الخطاب النقابي...

مطالب كثيرة تتكرر من عام إلى عام، ونظراً للأهمية الكبيرة لما يطرح فإن الأهم هو الحفاظ على المكاسب التي حققتها الطبقة العاملة، ولكن كما يبدو الآن اختلفت موازيين القوى، وخرج قانون العمل الجديد رقم /17/ بصيغته الجديدة، والتي تحفَّظ الاتحاد العام على بعض بنوده في البداية، والغريب بالأمر عند مناقشة ومداولة تعديل القانون في مجلس الشعب كانت أغلبية مداخلات أعضاء المجلس ضد المواد السيئة بالقانون، والتي تضر بمصالح الطبقة العاملة، والتي تشكل عودة للوراء، خاصة المادة /65/ الناظمة لعملية التسريح، وعند التصويت صوت الجميع مع هذا القانون باستثناء أصوات قليلة لبعض أحزاب الجبهة، علماً أن /51%/ من ممثلي مجلس الشعب من العمال والفلاحين.

أعتقد أنه يجب أن يكون للمجلس رأي موحد تجاه أي موضوع هام ومصيري، وهذا الموقف يعلن بموافقته أو عدم موافقته تجاه الكثير من القضايا الاجتماعية.

إن حاجة البلاد لاستثمارات كبيرة وكثيرة يجب ألا تدفعنا للتنازل أمام نوعيتها وطبيعتها إذا أتت من الخارج، بحيث تفرض علينا التطور اللاحق الذي إذا استمر سيزيد اقتصادنا تشوهاً، وتطيح بالدور الاجتماعي للاقتصاد المعلن عنه، وتفتح البلاد أمام الاستثمارات الخاصة والأجنبية، وتحرر الأسعار والتجارة الداخلية والخارجية، وتطرح الشركات للخصخصة بتسميات مختلفة، وآخرها شركة الكهرباء.

إن ما يثير الريبة هو أن موضوع خصخصة الكهرباء طرح من زاوية معينة في بادئ الأمر، وهي نقله وليس إنتاجه، والآن أصبح الحديث عن دخول القطاع الخاص وغير السوري.

إن البنية التحتية (كهرباء، طرق، مواصلات ومرافئ خطوط حديدية) تعود ملكيتها للدولة في أكثر دول العالم، وهذا أمر طبيعي ومنطقي.

وإن سيطرة القطاع الخاص على البنية التحتية يؤثر سلباً ويتحول إلى أداة ضغط وابتزاز ضد سورية، وضد المواقف التي لا تروق الغرب، ومن لف لفه من المستثمرين العرب والأجانب، وإن الطاقة مكون أساسي من مكونات الأمن الوطني ويجب عدم السماح بتجاوزه لأنه خط أحمر.

وإذا أردنا أن نقوي الجانب الوطني والموقف الوطني، يجب أن نقوي الجانب الاجتماعي لدى القطاعين العام والخاص، وهذا يتطلب أولويات في الاستثمار في القطاعات الإنتاجية والصناعية والزراعية وتحقيق الأمن الغذائي، وما التردي الواضح في الحالة المعيشية والتي تظهر نتائجه في البطالة والفقر وازدياد الجريمة والدعارة إلا تدميراً منهجياً لفعاليات الإنتاج الحقيقية والقوى البشرية وجعلها عرضة للهجرة المؤقتة والدائمة، مما ترك قطاعات الإنتاج مجردة من الخبرات، ليأتي تتويجاً لهذا التردي موضوع خصخصة التعليم ليقضي على أخر أمل في التطور والتقدم.

أؤكد على ما جاء بالتقرير المقدم من المكتب التنفيذي لهذا المجلس، خاصة فيما يتعلق بمسألة الأجور والأسعار، بعد أن اعترفت الحكومة بأن الحد الحقيقي لمستوى المعيشة للأسرة الواحدة هو /25000 ل.س/، مما يفتح المشكلة أمام حقيقتها، وإذا تذكرنا أن الحد الأدنى للأجور رسمياً /6000/ ل.س، فالمطلوب حالياً زيادة الرواتب والأجور لأنها ضرورة وطنية، ويجب تحريك الأجور وفق تسلسل ارتفاع الأسعار المستمر، والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن السوري.

والمطلوب أيضاً وضع سياسة اقتصادية بديلة غير منحازة إلى الطبقات الغنية، وأن تشرك جميع فئات المجتمع في التنمية الحقيقية، ولن يتم هذا إلا عبر إزالة كل الآثار السلبية للسياسة الاقتصادية الليبرالية في كل المجالات التشريعية والاقتصادية والاجتماعية.