عرض العناصر حسب علامة : افتتاحية قاسيون

«اجتماع موسكو».. نقطة انعطاف!

اختتم اجتماع موسكو التشاوري جولته الأولى يوم الخميس الماضي على أن تعقد الجولة الثانية خلال وقت قريب بحضور السيد ديمستورا وبوجود جدول أعمال واضح، لتكون تلك جولة تحضيرية ما قبل الذهاب إلى «جنيف-3». وبذلك يكون «منتدى موسكو» قد تحول فعلياً إلى نقطة انعطاف جدية ولا رجعة عنها ضمن مسار حل الأزمة السورية، يثبت ذلك جملة النتائج الجوهرية التي وصل إليها هذا المنتدى بعيداً عن المهاترات الإعلامية التي حاولت تعطيل اللقاء وإفشاله بطاقتها الكاملة، وتحاول اليوم تحوير نتائجه، وستبقى تحاول.

«موسكو» من الاستقطاب إلى الفرز

لم يبدأ اجتماع موسكو التشاوري بعد، والذي يمثل بذاته تمظهراً لتطور مستوى الفرز الجاري على المستويات الدولية والإقليمية والمحلية، ومع ذلك فإنّ نتائجه الأولى قد بدأت بالظهور متمثلة بملامح انقسام علني لائتلاف الدوحة بين مؤيد للحضور ورافض له، أي أنه عملياً انقسام بين الرافضين المنتمين إلى «الإخوان المسلمين» وحلفائهم المقربين من جهة، وبين الآخرين ضمن الائتلاف من الجهة الأخرى، دون أن يعني ذلك تمايزاً أو تمييزاً بين "أشرار وأخيار"، ولكن الأمر يحمل من المعنى والدلالات الكثير:

معايير نجاح «موسكو»

تفصلنا أيام قليلة عن انطلاق المباحثات السورية- السورية من «منصة موسكو»، ضمن ما بات يعرف بلقاء موسكو التشاوري، والذي تنظر إليه غالبية السوريين بوصفه فسحة أمل تنفتح أمامهم مجدداً منذ توقف جنيف2، ويتمنون اتساعها لتؤمن خروجهم من الكارثة المستمرة.

اجتماع موسكو: المواقف ودلالاتها..!

يبرز إلى سطح المشهدين السياسي والإعلامي، مع اقتراب موعد اجتماع موسكو التشاوري الممهد لجولة جديدة من جنيف، الاصطفاف القديم الجديد بين أنصار الحل السياسي وأعدائه، وهو اصطفاف حقيقي عابر لـ«الموالاة» و«المعارضة» لأنّه يضع في خندق واحد المتشددين الذين يريدون الاستمرار باستنزاف سورية حتى النهاية أو الذين يقبلون بهذا الاستمرار بغية تحصيل قطعة أكبر من «الكعكة، مقابل جبهة الباحثين عن حل سياسي للأزمة السورية العاصفة.

مسار الحل السياسي

تقترب الأزمة السورية من إنهاء عامها الرابع. أربعة أعوام تصاعد خلالها الصراع بشكل مستمر بين أطراف مختلفة، داخلية وخارجية، وتحت عناوين وشعارات متباينة ومتناقضة، لكن الصراع الأساسي الذي عملت أطراف متعددة على تغييبه كان ولا يزال بين الحل السياسي الحقيقي الذي يفتح الباب نحو التغيير الوطني الديمقراطي الجذري العميق والشامل، وبين «الحلول» العسكرية «حسماً» و«إسقاطاً» التي تسعى من جانب إلى إغلاق الباب نهائياً أمام أية تغييرات، ومن الجانب الآخر وفي أحسن الأحوال إلى إحداث تغييرات شكلية همها «تداول السلطة» بما يعني إعادة تقاسم النهب ضمن النظام الاقتصادي الاجتماعي القائم نفسه.

التنازلات المطلوبة هي للشعب السوري

كلما تسارعت تحضيرات اجتماعات موسكو التشاورية المزمع عقدها في أواخر الشهر الأول من العام المقبل، ازداد عويل المتشددين من كل حدب وصوب ضمن سعيهم إلى إفشال تلك الاجتماعات عبر جملة من المقولات والادعاءات التي يقومون بتأليفها كل يوم انسجاماً مع رغباتهم المتهاوية، ناسبين إياها للروسي تارة، وللأمريكي تارة أخرى..! غير أن أصواتهم تلك يضعف تأثيرها أكثر فأكثر كلما اقترب الموعد..

إعاقة الحل.. رفع مجاني لدور الخارج..!

تتراكم المؤشرات التي تدل على تقدم الجهد الروسي الساعي لإعادة إحياء مسار الحل السياسي في سورية، وتصريح السيد حسين أمير عبد اللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني الذي ثبّت موقف بلاده الداعم للجهد الروسي ليس آخر تلك المؤشرات. هنالك أيضاً إشارات دبلوماسية متعددة تتحدث عن تلمسها بدايات تحول في الموقف التركي. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ إعلان واشنطن والغرب موافقتهم على الجهود الروسية، بدأ بالتحول نحو محاولة التكيف عبر البحث عن مكان في هذا الجهد، وذلك عبر تنشيط دورها المفترض كوسيط دولي وكأحد «الرعاة» الدوليين، وسواء كان نشاطها في إطار إنجاح الجهد الروسي أو إعاقته وتفخيخه، فإنّه يشير إلى جدية الجهد الروسي واحتمالات نجاحه العالية التي تضطر واشنطن إلى العمل لتكون جزءاً منه، بشكل أو بآخر.

التحضيرات الروسية والمسؤولية الوطنية

تتوالى التصريحات والتحركات الروسية التي تبشر بقيام جهود جدية جديدة تهدف إلى إحياء مسار الحل السياسي في سورية، ضمن مؤسسة جنيف وقاعدته، بهدف أول يتمثل في وقف نزيف الدماء ووضع حد للكارثة الإنسانية التي تستمر وتتعمق مع اقتراب الأزمة السورية من إنهاء عامها الرابع، وهي تزداد تدميراً ودموية وتهديداً لبقاء سورية موحدة أرضاً وشعباً مع كل يوم جديد من أيامها.

الحل السياسي.. موضوعياً وذاتياً

بعيداً عن تلك القراءات والتحليلات والمواقف التي لا تزال أسيرة مقولات «القرن الأمريكي الجديد» و«الانتصار النهائي للرأسمالية» و«أحادية القطب الأمريكي»، فإن معطيات السنوات الأخيرة الماضية، التي يبرز فيها اتساع مروحة النشاط الإطفائي الروسي لبؤر التوتر والتوتير أمريكية المصدر، من أوكرانيا وحتى قلب أفريقيا، تثبت مجدداً حقيقة أن التراجع الأمريكي مستمر، بغض النظر عن الهجمات المعاكسة التي تشنها واشنطن بلبوس وأشكال مختلفة في ساحات

مضمون الحل السياسي

تسود اللوحتين السياسية والإعلامية المحلية والعربية وحتى الدولية، جملة متناقضة من التفسيرات والتحليلات المتعلقة بالتطورات الدبلوماسية الأخيرة للأزمة السورية. وعلى الرغم من التناقضات العديدة في تلك التفسيرات إلا أنّها تقر جميعها بانفتاح الأفق مجدداً أمام عودة مسار الحل السياسي في سورية، الأمر الذي يعني ضمناً أنّ التلاعب الإعلامي بالتسميات والآجال وغيرها من القضايا الشكلية ليست إلا محاولة للتشويش على الحل، وهي تعكس آمال أطراف لا تريد التخلي عن مقولات «الحسم» و«الإسقاط»، وهي المحاولات التي سرعان ما ستذهب أدراج الرياح مع التقدم باتجاه الحل.