تناقض «ريف- مدينة» هو أيضاً عامل تقسيم!
يحلو للبعض اجتزاء مسألة الهوية الوطنية ومسألة وحدة البلاد باختيار بعض جوانبها وتسليط كل الضوء عليها، بمقابل تهميش الجوانب الأخرى.
يحلو للبعض اجتزاء مسألة الهوية الوطنية ومسألة وحدة البلاد باختيار بعض جوانبها وتسليط كل الضوء عليها، بمقابل تهميش الجوانب الأخرى.
تُعتَبَرُ كوبا مضرب مَثلٍ لدولة قطعت خلال العقدين الماضيين خطوات كبيرة نحو تطوير أنظمة غذائية أكثر استدامة وسيادة. وتستند هذه السمعة على «ثورة الإيكولوجيا الزراعية» في كوبا، والتي بدأت بشكل جدي في أوائل التسعينات، عندما تسبب سقوط الكتلة السوفيتية في خسارة مفاجئة في الواردات المدعومة إلى حد كبير، والضرورية للزراعة في الجزيرة الكوبية. فمع ندرة المستوردات، وتأثير الحصار الأمريكي العدواني، وأزمة الأمن الغذائي الناجمة، شرعت كوبا في مشروع على مستوى الدولة، لتحويل قطاعها الزراعي نحو نموذج بيئي زراعي كثيف المعرفة، وقليل التوجه نحو التصدير، وعماده: تَضافُر معرفة المزارعين التقليدية مع خبرة المجتمع العلمي الكوبي.
كان سهل الزبداني، ما قبل سنوات الحرب والأزمة، يعتبر المورد الأكبر والأهم لأهالي المنطقة على المستوى الاقتصادي والمعيشي، وذلك لما يحتويه من ثروة زراعية ممتدة على مساحات واسعة.
التبغ محصول جديد يدخل بوابات الاستنزاف، وصولاً لتكريس تراجع زراعته واستبدالها بزراعات أخرى ذات جدوى اقتصادية وعائدية أفضل للمزارعين، برغم كل الحديث عن الدعم لهذا المحصول، وبرغم اعتباره من الزراعات المخططة والمحصورة والمقيدة.
هناك ظاهرة ملفتة للنظر بما يخص العاملين في قطاع الزراعة بشقيه (النباتي والحيواني) في محافظة طرطوس. فبالرغم من أن العائلة تعمل كاملة (تقريباً) في عملية الإنتاج، ووقت العمل مفتوح، وبالرغم من غزارة الإنتاج، وأسعاره المرتفعة بالسوق، تجد الديون تلاحقهم، وبالكاد في أحسن الأحوال يستطيعون تأمين ضرورات حياتهم المعيشية بحدودها الدنيا.
يتذكر الجميع اليوم، إنتاج الشوندر السكري وصناعة السكر... تلك العملية التي كانت واحدة من منظومات غذائية متكاملة مدارة زراعياً وصناعياً وتجارياً عبر الدولة. والتي توقفت في عام 2015 بشكل كامل، بينما كانت تنازع منذ عام 2013.
في مثل هذه الفترة تماماً من عام 2011 وما قبله كانت شاحنات المزارعين تنقل الشوندر السكري إلى معامل السكر المتوزعة في سلحب في حماه، وجسر الشغور في إدلب، ومسكنة في حلب، إضافة إلى فرعين أصغر في الرقة ودير الزور. لتنقل إنتاجاً قارب 1,8 مليون طن من الشوندر، تستطيع أن تنتج 180 ألف طن من السكر الأبيض.
تم نزع التاج عن البندورة، فتهاوت أسعارها للمستهلك إلى 250 ليرة للكيلو، بعد أن وصلت إلى 1000 ليرة خلال شهر نيسان الماضي، وكذلك كان حال البطاطا حيث جرى نزع تاجها أيضاً، فتهاوى سعرها إلى 300 ليرة بعد أن وصل إلى 650 ليرة خلال نفس الفترة.
تتكرر بعض العبارات المرتبطة بالزراعة والإنتاج الزراعي، مثل: «يعتبر القطاع الزراعي من أهم القطاعات الاقتصادية، وله دور رئيسي على مستوى الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي الوطني»، وذلك من خلال التصريحات الرسمية، أو عبر التغطيات الإعلامية، وطبعاً في متن الدراسات الخاصة بهذا القطاع، سواء كانت رسمية أو غير رسمية.
لكن أين أصبحت هذه الأهمية، وماذا حل بالاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي؟.
وما هو حال هذا القطاع بظل السياسات الزراعية المُقرة، من ضمن جملة السياسات الاقتصادية المتبعة؟.
تحولت البندورة إلى حديث الموسم، فبعد أن ارتفعت أسعارها الرسمية في سوق الجملة إلى 700 ليرة، ووصلت أسعار مبيع المستهلك إلى 1000 ليرة، فإن الشكوى تسمع من المستهلكين والمزارعين... بينما سوق الجملة وسوق التهريب تتابع عملها وربحها بصمت.
تعرض قطاع الإنتاج الزراعي بشقيه، النباتي والحيواني، لأضرار كبيرة خلال سنوات الحرب والأزمة وبسببها، بالإضافة إلى جملة الصعوبات التي كان يواجها خلال سنوات ما قبل الحرب، ليتم استكمال الضرر من خلال بعض القرارات والإجراءات الرَّسمية، القديمة والمستجدة.