تاج البندورة والبطاطا وتاج التجار والناهبين
مالك أحمد مالك أحمد

تاج البندورة والبطاطا وتاج التجار والناهبين

تم نزع التاج عن البندورة، فتهاوت أسعارها للمستهلك إلى 250 ليرة للكيلو، بعد أن وصلت إلى 1000 ليرة خلال شهر نيسان الماضي، وكذلك كان حال البطاطا حيث جرى نزع تاجها أيضاً، فتهاوى سعرها إلى 300 ليرة بعد أن وصل إلى 650 ليرة خلال نفس الفترة.

فمن يقوم على تتويج أسعار بعض السلع في السوق خلال فترة معينة، هو من يقوم بنزع تاجها خلال فترة أخرى.
لعبة قديمة مستمرة، تعلم لاعبوها كافة خفاياها، متحكمين بالمنتج والمستهلك معاً، رافعين شعار حرية السوق، وآليات العرض والطلب فيه، كذريعة وتبرير.

المعاناة صاخبة والاستغلال صامت

من الطبيعي أن ترتفع أسعار المحاصيل الزراعية خارج موسمها، وكذلك من الطبيعي أن تنخفض أسعار هذه المحاصيل الموسمية الآن، وقد بات من المفروغ منه: أن لا هذه ولا تلك من تباينات الأسعار تسير وفقاً لمعيار المواسم فقط، بل تتدخل فيها أوجه الاستغلال إلى أبعد الحدود، على أيدي المتحكمين بالتسويق وبالأسعار وبآليات العرض والطلب في السوق، حيث لم تنخفض أسعار بقية المحاصيل الموسمية الآن مثلاً، مثل: الفواكه (المشمش- الكرز..)! فما زالت هذه الأصناف، وغيرها الكثير، خارج إمكانات الاستهلاك بالنسبة للغالبية من المواطنين، وما زالت حكراً على الأغنياء فقط.
فعندما تتعالى أصوات الفلاحين جراء معاناتهم مع تصريف محاصيلهم خلال موسمها متكبدين الخسائر لا أحد يسمعهم، وعندما تتعالى اصوات المستهلكين جراء ارتفاع الأسعار في الأسواق لا أحد يسمعهم أيضاً، وجل ما هناك على المستوى الرسمي بعض التصريحات والوعود الخلبية، بينما يحصد كبار التجار والناهبين أرباحهم الاستغلالية على حساب هؤلاء بكل هدوء وصمت.

دور تدخلي خجول والحماية شبه معدومة

معاناة الفلاحين والمستهلكين ليست جديدة، ولا ترتبط بموسم أو بسلعة، بل هي معممة على كل منتج وسلعة في السوق، بغض النظر عن تيجان الأسعار الاستغلالية التي يتم تبديلها فيما بين السلع والمنتجات، بحسب ما توفره فرص التربح المتحكم بها من قبل كبار التجار.
بالمقابل ما زال الدور التدخلي للسورية للتجارة، أو غيرها من الجهات الحكومية الأخرى، محدوداً وخجولاً، بل يغلب عليه الطابع النظري أكثر من العملي، فلا يرقى لا إلى حماية المستهلك ولا إلى حماية الفلاح المنتج، فيما تضخمت أدوار وأدوات التحكمين الكبار، بمختلف تسمياتهم وأدوارهم (تجار أسواق الهال- المستوردون- المصدرون- المهربون..)، كما تضخمت أرباحهم الاستغلالية.
وعند الحديث عن الحماية، سواء للفلاح المنتج أو للمواطن المستهلك، تتوسع دائرة الحديث عن الدور الحكومي التدخلي المفترض، بحيث تصبح مفردة «الخجول» في غير مكانها، باعتبار أن الحماية أصبحت شبه معدومة، اعتباراً من مدخلات العملية الإنتاجية ومستلزماتها، مروراً بآليات التوزيع والتسويق، وصولاً إلى أسواق الاستهلاك، فمجمل هذه الحلقات، وبدون الخوض في تفاصيلها، أصبحت متروكة للتحكم بها من قبل شريحة كبار التجار والناهبين والمستغلين، الذين يجنون المزيد من الأرباح عبر كل حلقة من هذه الحلقات، وهم وحدهم ملوك اللعبة المتوجين والمحميين، وطبعاً هؤلاء لا يعنيهم لا صراخ الفلاحين ولا معاناة المستهلكين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
968
آخر تعديل على الإثنين, 01 حزيران/يونيو 2020 14:17