المنطقة الساحلية.. عواصف هوجاء تطيح بأحلام الفقراء
كما كل عام تتداول وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي أخبار الكوارث التي تأتي على الفلاحين في المنطقة الساحلية بنتيجة العواصف والأعاصير والأمطار والرياح الشديدة، بالمقابل ينتظر هؤلاء بعض المؤازرة والدعم الحقيقي والمنصف.
منذ مطلع العام وحتى الآن تم رصد واقع المتغيرات الجوية وما تبعها من أعاصير وعواصف أتت على المنطقة الساحلية، كما تم رصد تبعات كميات الأمطار والرياح الشديدة على الأراضي الزراعية الواسعة في هذه المنطقة، مع توجيه الأنظار إلى الخسائر التي تكبدها الفلاحون بنتيجتها.
قاسيون في قلب الحدث
زراعة الحمضيات والبيوت البلاستيكية المحمية هما أهم مصادر يعتمد عليها مزارعو الساحل السوري، وفي مطلع هذا العام فوجئ مزارعو الساحل بإعصار بحري ضرب الريف الجنوبي لطرطوس، وتحديداً في منطقة يحمور، وقرى مجدلون البحر والهيشة والمنية وضهر الطاحون.
وأما أكبر الدمار فقد حدث في منطقة يحمور.
المشهد كان سوريالياً، فالإعصار المدمر فتك بكل شيء أمامه، والمعلومات تبين أن عدد البيوت البلاستيكية المدمرة كان أكثر من 200 بيت بشكل كامل، والمتضررة أكثر من ذلك، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الكلفة التقديرية لكل بيت تتجاوز المليون ل.س.
قاسيون التقت المزارع «علي» الذي دمر الإعصار أكثر من ثماني بيوت بالكامل له، بكلفة تجاوزت ثلاثة ملايين ليرة، فقد «اخترب بيته»، بحسب قوله، و«أسرته بكاملها تنتظر هذا الموسم لكي تعيش منه فكل شي متوقف عليه».
ومزارع آخر قال «لدي خمسة بيوت بكلفة أكثر من مليونين، الآن تدمروا كاملاً ولا أعرف هل ستتحمل الحكومة جزءاً من خسائرها أم أنها ستظل لا حياة لمن تنادي».
المزارع المسن «أبو سمير» قال: «لم أشهد مثل هذا الإعصار منذ خمسين عاماً، الشيء المؤسف أن الدولة غائبة عن كل معاناتنا، كل شيء بأيدي التجار، واتحاد الفلاحين والجمعيات الفلاحية أصبحت حبراً على ورق».
المزارع «سلمان ديوب» باع سيارته وصنع عدة بيوت بلاستيكية وتحمل ديوناً تجاوزت المليون، والآن كل شيء تدمر، فعلاً شيء محزن.
توثيق رسمي
بحسب سانا بتاريخ 18/1/2020: «أدت الرياح الشديدة التي شهدتها محافظة طرطوس خلال اليومين الماضيين إلى أضرار في الزراعات المحمية والحمضيات». وبيّن مدير زراعة طرطوس «أن الرياح الشديدة التي ضربت مناطق مختلفة في المحافظة أدت إلى تضرر 809 بيوت بلاستيكية مزروعة بالبندورة والباذنجان والفاصولياء». بدوره ذكر رئيس اتحاد الفلاحين في المحافظة أن «الرياح الشديدة أدت إلى حدوث أضرار كبيرة في الزراعات المحمية أغلبها في طور الإنتاج إضافة إلى أضرار بمحصول الحمضيات».
بحسب صحيفة الوحدة الرسمية بتاريخ 19/1/2020 «أدت الأحوال الجوية الأخيرة إلى تضرر العديد من البيوت البلاستيكية وبالأخص البندورة». وقد «تفقد مدير الزراعة صباح يوم الجمعة ٢٠٢٠/١/١٧ الأضرار الزراعية التي ضربت البيوت المحمية وبساتين الحمضيات في بانياس وحريصون نتيجة الرياح القوية السائدة ليل الخميس والجمعة، حيث تمت معاينة الأضرار وتوجيه الفنيين بضرورة إجراء حصر دقيق للأضرار وإبلاغ المزارعين المتضررين مراجعة الوحدة الإرشادية لتقديم طلبات التعويض وفق الأسس المعتمدة وآلية عمل صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية».
بحسب سانا بتاريخ 17/1/2020: «تسببت الرياح القوية التي شهدتها محافظة اللاذقية ليلة أمس بأضرار في القطاع الزراعي وخاصة البيوت البلاستيكية بمنطقة جبلة وثمار الحمضيات غير المجنية». وأشار مدير الزراعة والإصلاح الزراعي في اللاذقية إلى أن «الأضرار تركزت في الراهبية والعقيبة وعدة مزارع في منطقة جبلة وأظهرت الإحصاءات الأولية وجود أضرار في محاصيل ومكونات أكثر من ألف بيت بلاستيكي». ولفت إلى «حدوث أضرار أيضاً بالأنفاق البلاستيكية ونبات الكوسا على نحو 200 دونم، إضافة إلى أضرار أصابت أشجار الحمضيات من خلال تساقط كميات كبيرة من الثمار». مبيناً أن «اللجان بدأت بحصر الأضرار وتوثيقها ليصار إلى تعويض الفلاحين الذين تنطبق عليهم شروط صندوق التعويض».
مزارعو الساحل يصرخون فهل من مجيب
التوثيق وأحاديث بعض المتضررين أعلاه ربما تسلط الضوء على جزء محدود من الكارثة التي أتت على المنطقة الساحلية حتى الآن، ولا أحد يعلم ما ستأتي به الأيام القادمة من كوارث إضافية، ففصل الشتاء ما زال في بدايته.
وقد طالب المزارعون بتدخل الدولة العاجل للتعويض المنصف والمجزي عن الأضرار والخسائر التي لحقت بهم، بعيداً عن أشكال الروتين والمماطلة، والنتيجة المتواضعة من التعويضات المتوقعة، والتي يغلب على بعضها المحسوبية، برغم قلتها.
ونختم بما قله أحد المزارعين: «للأسف فإن كل شيء ضد الفلاح الغلاء، احتكار التجار، والمحروقات، وكل شيء، وتأتي الطبيعة لتكمل معاناتنا، والحكومة في وادٍ والفلاحون في وادٍ».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 949