هيثم الشقيف المدير العام السابق لشركة الأسمدة لـ «قاسيون»: المتنفذون الفاسدون يدفعون كل شيء نحو الانهيار!! الشركة العامة للأسمدة.. نهب وفساد وتزوير حقائق وخسائر بمليارات الليرات..!!
تعد الشركة العامة للأسمدة من كبريات شركات القطاع العام التابعة لوزارة الصناعة، وهي المصدر الأساسي والوحيد للعديد من المواد الكيميائية اللازمة للصناعات الخاصة والعامة، وركيزة لابد منها لتطوير وإقامة صناعة حقيقية في سورية. هذه الشركة تحوي أصولاً ثابتة بقيمة مليار دولار، وعدد العاملين فيها نحو ثلاثة آلاف وخمسمائة عامل، وتعتمد في صناعتها على مواد أولية محلية في معظمها، ومنتجاتها تلعب أحد الأدوار الأساسية في تحقيق الأمن الغذائي في سورية نظراً لمساهمتها (المفترضة) الحيوية والضرورية في استقرار بل وفي زيادة الإنتاج الزراعي بما يلبي الطلب المتزايد عليه.
كان معولاً على هذه الشركة عند تأسيسها أن تصبح خلال فترة قصيرة مصدراً أساسياً من مصادر دعم الاقتصاد الوطني وتوفير العملة الصعبة للخزينة استناداً لما يمكن أن تحققه من قيمة مضافة على المواد المستخرجة محلياً، وقد استطاعت فعلياً القيام بهذا الدور وبشكل مميز بين عامي 2000 وأواسط 2002، ولكن ما جرى طوال أكثر من عقدين قبل هذا التاريخ، وما جرى بعده، يؤكد أن يد الفساد والنهب المنظم كانت وما تزال تستطيع أن تعبث كيفما تشاء في مختلف المناحي والمجالات المحلية، فتهمش الأكفاء وتعزلهم وتلفق لهم التهم، وتكافىء الفاسدين والجاهلين وتقدمهم، وتزور الحقائق وتستبيح المال العام، وتهدد في كل لحظة الاقتصاد الوطني.. والأمن الوطني!!؟؟
فما هي قصة النهب والفساد في شركة الأسمدة؟ ومن يقف وراءها؟ ولماذا تم عزل ومحاربة الإدارة الوحيدة التي استطاعت أن تنهض بالشركة وتحقق الأرباح لها وللخزينة، وتؤمن حاجة السوق المحلية، وتفتح إمكانية تصدير هذه المادة المطلوبة إلى الأسواق الإقليمية، ووقف الاستيراد؟
للإجابة على هذه الأسئلة، والتزاماً بما وعدنا به قراءنا في العدد الماضي، التقت قاسيون المدير العام السابق للشركة العامة للأسمدة الأستاذ هيثم الشقيف الذي ساهم خلال أكثر من عامين في إعادة الحياة للشركة قبل أن يجري إعفاؤه لأسباب وذرائع واهية، وأجرت معه هذا الحوار..
■ بوصفك مديراً عاماً سابقاً لشركة الأسمدة، هل يمكنك وضعنا بصورة ما جرى تاريخياً فيها، وما الذي أوصلها إلى هذه الدرجة من التردي بعدما شهدت انتعاشاً كبيراً بين عامي 2000 و2002 وما هي أبعاد وتبعات ذلك؟
كانت هذه الشركة تعاني منذ إنشائها من تدني مؤشرات الأداء الاقتصادي والمتمثلة في تدني الإنتاج وزيادة كلفة واحدة المنتج وزيادة استهلاك المنتج من المواد الأولية الرئيسية والمساعدة وبشكل ملفت للنظر. وتبين الميزانيات أن الخسارة التجارية للشركة بلغت ستة مليارات ليرة من عام 1979 حتى 1999 أما الخسائر الاقتصادية فهي أضعاف ذلك بكثير. وكانت حجج الإدارات السابقة تعزي ذلك إلى سوء التصميم وقدم المعدات.
في 09/04/2000 وبعد اجتماع موسع جمع كوادر الشركة مع وزير الصناعة تم تكليفي بإدارة الشركة العامة للأسمدة، ومنذ ذلك الحين وحتى نهاية الشهر السابع من عام 2002 تم وبمتابعة متواصلة من الوزير شخصياً وبجهود جميع العاملين في الشركة نقل الشركة نقلة نوعية من حيث كمية الإنتاج وتخفيض كلفة واحدة المنتج وتخفيض استهلاك قطع الغيار، بحيث أصبحت الشركة من الشركات الرائدة في وزارة الصناعة قياساً بماضيها، إذ انخفضت كلفة واحدة المنتج أكثر من 18% مقارنة مع سنوات سابقة، كما انخفض معدل استهلاك المواد الأولية والمساعدة إلى أكثر من 18% وزادت حوافز العاملين حتى وصلت إلى قيمة تعادل الراتب الأساسي، وتم حل معظم المشاكل الفنية المتراكمة، وهذا ما أكدته جميع الفعاليات في الشركة بتقاريرها الموقعة أصولاً لتقييم مرحلة عام 2000 و2001 ووصل الإنتاج إلى أعلى معدل له بتاريخ الشركة، حتى أن المصرف الزراعي توقف عن استجرار السماد لامتلاء مستودعاته، وقد وصلنا إلى مرحلة طالب فيها وزير الصناعة رئاسة مجلس الوزراء بالسماح بتصدير السماد!! (جميع الوثائق موجودة). هذا الاستقرار الفني والإنتاجي للشركة لم يرض بعض المتنفذين من أصحاب النفوس الضعيفة ـ قادة مراكز الفساد الذين تضررت مصالحهم الشخصية بتحسن الأوضاع العامة للشركة وتوقف الاستيرادـ فسعوا جاهدين لتزوير الحقائق والبيانات وتضليل أصحاب القرار لعزل إدارتها ووقف التطور في هذه الشركة لتعود ـ كما كانت ـ بقرة حلوب لهم!!
وتحقق لهم ذلك فعلياً بتاريخ 01/08/2002.
■ ما الذي حصل بالضبط، وما هي مبرراته؟
عندما كلفت باستلام الإدارة أصدرت عشرات القرارات الضرورية للانطلاق بعملية النهوض بالشركة، صبت بمجملها في مصلحة الشركة وتقدمها وتصاعد وتيرة العمل فيها، وقمت بمجموعة من التغييرات الإدارية، ووضعت ضمن نطاق صلاحياتي، الشخص المناسب والكفء في المكان المناسب، وحاربت الفاسدين، الأمر الذي أدى إلى استياء بعض المتنفذين الذين لم يرق لهم ما يجري، وراحوا يشنون حرباً شعواء ضد الشركة وإدارتها لم تتوقف طوال أكثر من عامين، حتى أن كثرة الضغوط والاتهامات المبنية على تزوير الوقائع والأرقام، كانت نتيجتها أن شكل مجلس الوزراء لجنة للتحقيق في التقارير المقدمة عن الشركة، حتى من دون العودة إلى الوزير المختص، وهذه سابقة لم تحدث من قبل..
أما القضية الرئيسية التي تعد فعلياً السبب المباشر لإعفائي، فهي أننا تمكنا من إشباع حاجة السوق من السماد في النصف الأول من عام 2002، وراحت معامل الشركة تعمل بطاقتها التصميمية، وتوقف المصرف الزراعي عن استجرار السماد، وأصبح هناك فائض من الإنتاج في المستودعات يمكن تصديره، فطالبنا بوقف الاستيراد، وكان ذلك بمثابة الطامة الكبرى، لأن كل النهابين المستفيدين من عمليات الاستيراد على اختلاف مواقعهم سواء كانوا تجاراً أو سماسرة أو مسؤولين تضررت مصالحهم بشدة وخسروا مصدراً أساسياً من مصادر زيادة ثرواتهم التي ينهبونها على حساب الوطن والاقتصاد الوطني!!
وقد تزامن ذلك مع تقلد وزير جديد لوزارة الصناعة، فقام هذا الوزير الجديد بعزلي بعد أن قُدمت له معلومات مزورة، من دون أن يمنح نفسه أدنى فرصة لفهم الحقيقة!
■ قدم عضو مجلس الشعب الأستاذ زهير غنوم مؤخراً وثائق هامة تثبت تورط أسماء (كبيرة) في قضية استيراد الأسمدة، وتسلط الضوء على الفساد الكبير الموجود حالياً في شركة الأسمدة، فما رأيك بذلك، وهل بإمكان لجنة القوانين المالية في مجلس الشعب السير بهذه القضية حتى النهاية؟؟
هذا متروك للجنة التي تبحث الآن في الوثائق، وهي ستتحقق بنفسها من أن جميع الوثائق صحيحة ودقيقة، وبغض النظر عمن يمكن أن يكون متورطاً في القضية، أرجو أن يعرف الناس بأسرع وقت ممكن من هم الفاسدون الذين يبذلون أقصى ما بوسعهم لتدمير القطاع العام لتستمر عمولاتهم المقدرة بمئات الملايين والتي يحصلون عليها عبر الاستيراد بالعملة الصعبة والمشاريع الوهمية والمشاكل الفنية المفتعلة بالتدفق إلى جيوبهم،لأن وجودهم أصبح يشكل خطراً شديداً على أمن وسلامة البلاد والعباد..
■ ماذا كان مصير الشركة بعد أن تم إعفاؤك من الإدارة؟
إن مراكز الفساد تحتاج إلى أدوات لتنفيذ غايتها وأهدافها، وهذه الأدوات هي الإدارات غير المؤهلة والتي تستطيع عن قصد أو غير قصد تحقيق الأهداف التي تطمح إليها مراكز الفساد والمتمثلة في زيادة الاستيراد بالعملة الصعبة وزيادة الهدر في المال العام وزيادة الإنفاق على المشاريع الوهمية وقطع الغيار والصيانات ..
وهذا ما قاموا به عبر تكليف إدارة جديدة أعادة الشركة إلى وضع أسوأ مما كانت عليه عام /2000/ وتبين التقارير الإنتاجية وميزانية الشركة حجم الخسائر التي لحقت بالاقتصاد الوطني نتيجة تزوير الحقائق وتضليل أصحاب القرار.
■ هل يمكننا الاطلاع على بعض تفاصيل سوء الإدارة وعمليات والتزوير وتفاصيل الخسائر؟؟
لقد حصل تراجع خلال سبعة عشر شهراً من 01/08/2002 إلى 31/12/2003 بعد عزل الإدارة، في إنتاج السماد الفوسفاتي بنسبة 11.33%، وتراجع إنتاج سماد الكانترو بنسبة 13.37%، وإنتاج سماد اليوريا بنسبة 22.47%، وإنتاج مادة الأمونيا بنسبة 22.42%.
رافق ذلك زيادة استهلاك وهدر كبيرة من المواد الأولية والمساعدة حيث باتت النسب كما يلي:
زيادة استهلاك الغاز الطبيعي بنسبة 11.43%، واستهلاك الماء المعالج بنسبة 14.68%، وزيادة استهلاك الكهرباء بنسبة 23.7%.
وقد جاءت ميزانيات الشركة لعام 2003 و2004 لتؤكد ما ذكر أعلاه من تدني مؤشرات الأداء الاقتصادي للشركة حيث ورد فيها مايلي:
انخفاض قيمة الإنتاج التام عن العام الماضي بنسبة 14.35%، وانخفاض في معدل تنفيذ الخطة بنسبة 11.35%، وتراجع الإنتاجية الإجمالية عن العام السابق بنسبة 12.38%، والكفاية الإنتاجية بنسبة 9.43%، وإنتاجية العامل بنسبة 15.59%، وانخفاض إنتاجية الليرة بنسبة 15.37%، وإنتاجية عامل الإنتاج بنسبة 15.56%، وارتفاع نسبة قيمة المستلزمات السلعية والخدمية إلى قيمة الإنتاج من 47.69% في النصف الأول من عام 2002 حسب ميزان المراجعة إلى 61.01% في عام 2003.
وبعد مرور نحو عامين فإن بيانات النصف الأول من عام 2004 تظهر مايلي:
تراجع إنتاج سماد الكانترو بنسبة 41%، وإنتاج مادة الأمونيا بنسبة 37%، وإنتاج سماد اليوريا بنسبة 30%، وإنتاج السماد الفوسفاتي بنسبة 8%.
وتقدر قيمة تراجع الإنتاج بحوالي (659) مليون ل.س علماً أنه لم يؤخذ بعين الاعتبار أن معمل الأمونيا يوريا تم توقيفه لمدة شهر بداية عام 2002 لإجراء أعمال التفتيش الفني على معداته لاستغلال الوقت بسبب عدم استجرار المصرف للأسمدة لامتلاء مستودعاته، وإذا تم لحظ هذا التوقف فإن تراجع الإنتاج يزيد على (920) مليون ل.س.
كما رافق تراجع الإنتاج في النصف الأول من عام 2004 زيادة في استهلاك المواد الأولية بشكل كبير، حيث تبين التقارير الإنتاجية أن نسبة الزيادة في قسم الأمونيا فقط خلال فترة المقارنة للنصف الأول من 2002 مع النصف الأول من 2004 كمايلي:
زيادة استهلاك الغاز الطبيعي بنسبة 36.87%، وزيادة استهلاك الماء المعالج بنسبة 51.65%، واستهلاك الكهرباء بنسبة 62.05%.
وبعد صدور ميزانية الشركة لعام 2004 فإنه يتبين مايلي:
1ــ زيادة نسبة المستلزمات الخدمية والسلعية إلى قيمة الإنتاج حيث وصلت إلى 63.013%.
2ــ تراجع قيمة الإنتاج في عام 2004 مقارنة مع عام 2002 بقيمة تزيد عن (488) مليون ل.س.
3ــ زيادة استهلاك المواد الأولية والمساعدة بنسبة وصلت لبعض المواد إلى 34% مقارنة مع عام 2002.
كذلك فإن بيانات عام 2005 المالية والإنتاجية تبين مايلي:
1ــ تراجع الإنتاج بقيمة (350) مليون عن عام 2002 (علماً أن إنتاج النصف الثاني من عام 2002 كان متدنياً بسبب التغيرات الإدارية) ورغم إنفاق مئات الملايين من الليرات على الصيانة وقطع الغيار والخبراء وهدر ثلاثة أعوام ونصف من الزمن.
2ــ زيادة قيمة المستلزمات الخدمية والسلعية إلى قيمة الإنتاج حيث وصلت إلى ما يقارب من 72% رغم كل المحاولات التي تتم لتزوير الحاسبات في الميزانية حالياً وبدون خوف أو خجل!! حيث تم نقل مبلغ 25.47 مليون ل.س من حساب المستلزمات الخدمية (33) إلى الحساب 118 الذي هو حساب تأسيس قبل بدء التشغيل مخالفين النظام المحاسبي الموحد. كما تم نقل مبلغ 114.29 مليون ل.س من حساب المستلزمات السلعية (32) إلى الحساب 118 الذي هو حساب تأسيس قبل بدء التشغيل مخالفين النظام المحاسبي الموحد.
نقل مبلغ 93.88 مليون ل.س من حساب المستلزمات الخدمية إلى الحساب 118 أيضاً علماً أن جميع هذه المخالفات تمت بسيل من مذكرات التسوية تبدأ أرقامها بـ 400 وتنتهي بـ 417 مكرر وجميع هذه المذكرات مؤرخة في 31/12/2005 وهو يوم عطلة رسمية في الشركة!
3ــ هدر ما يزيد عن 200 مليون ل.س بإعطائها لشركة سياب التونسية والتنازل عن الدعوة المقامة ضد هذه الشركة نتيجة محضر اتفاق ودعي جديد علماً أن الشركة التونسية كانت قد تنازلت عن جميع مطالبها لقاء سحب الدعوى، وذلك في محضر حل ودي تم الاتفاق عليه مع الجانب التونسي والإدارة السابقة. غير أن إدارة الشركة الحالية والموجهون لها نسوا أو تناسوا هذا المحضر! ودفعوا 200 مليون ل.س للشركة التونسية! (جميع محاضر الاتفاق القديمة والجديدة موجودة لدينا).
4ــ هدر عشرات الملايين من الليرات السورية بشراء مواد منتهية الصلاحية ومواد بأسعار مضاعفة رغم تحفظ المختصين. ومن الأمثلة على ذلك شراء أكياس لتعبئة السماد بضعف المبالغ التي كان يتم الشراء بها مما كبد الشركة خسارة حوالي 50 مليون، وقد أدانت الهيئة المركزية للرقابة المالية إدارة الشركة بهذا المبلغ، ولكن نام تقريرها في الأدراج.
تكبيد الشركة ما يقرب من 25 مليون ل.س وذلك من خلال التغاضي عن تنفيذ ربع العقد الخاص بمادة الكبريت حيث أن الشركة تعاقدت لشراء 100 ألف طن من مادة الكبريت بالعقد رقم 6/2004، وخلال مراحل التنفيذ طلبت المديرية التجارية التوجيه حول زيادة كمية ربع العقد، وقد تنقلت هذه المذكرة بين المديريات لتنتهي بموافقة المدير العام على عدم التكليف بربع العقد وذلك بتاريخ 11/10/2004 بحجة وجود رصيد كاف وبعد شهر واحد تم الإعلان عن حاجة الشركة لمادة الكبريت بالعقد رقم 7/2005 حيث تم التعاقد بسعر الطن ظهر السيارة 92.5 دولار، علماً أن سعر الطن في العقد الذي لم يكلف المتعهد فيه بربع العقد كان 74 دولار، وبذلك تكون الشركة قد تكبدت مبلغ مقداره 25 مليون ل.س!
كما قامت إدارة الشركة بصرف مبلغ يزيد عن مليوني ل.س لمتعهد نقل الكبريت دون وجه حق، وذلك حسب محضر اللجنة الإدارية رقم (7) تاريخ 09/03/2006، علماً أن العقد رقم 64/2005 مع المتعهد واضح وصريح حيث يذكر بأن سعر نقل الطن لمادة الكبريت من طرطوس إلى الشركة هو 149.6 ل.س بغض النظر عن طريقة النقل والحمولة المحورية للسيارة الناقلة.
تم هدر وسرقة ما يزيد عن 10 مليون ل.س وذلك من خلال موافقة المدير العام على شراء 140 طن من مادة الإسمنت البوليميري المنتهية الصلاحية رغم أن اللجنة الفنية المجتمعة بتاريخ 04/01/2006 قد طالبت في محضرها المرفوع للمدير العام بإبلاغ المتعهد سحب هذه المواد من الشركة لعدم الحاجة لها وانتهاء صلاحيتها واقتطاع قيمتها من استحقاقه لدى الشركة العامة للأسمدة، وفي حال عدم موافقته إنذاره بسحب هذه المواد خلال أسبوع تحت طائلة المسؤولية، غير أن المدير العام تجاهل ذلك ووجه المدراء بتاريخ 17/01/2006 برفع مذكرات تبريرية لإيجاد أماكن لاستخدام هذه المادة رغم انتهاء صلاحيتها!
(( هذه الأمثلة غيض من فيض لمن يريد الحقيقة ))..
إن تراجع الإنتاج ترافق معه زيادة في استهلاك المواد الأولية والمساعدة والوسيطة بشكل كبير كل ذلك ناتج عن التقصير الكبير في متابعة الأعمال الفنية والإنتاجية في الأقسام وعدم إجراء الصيانة المناسبة لمعدات وأجهزة خطوط الإنتاج واستخدام قطع التبديل بمواصفات سيئة ومخالفة للموصفات النظامية، ويؤكد صحة كلامنا هذا تقرير لجنة الخبراء الإيرانيين المسجل في وزارة الصناعة ـ مكتب الوزير ـ برقم (944)و.ن تاريخ 05/04/2006 والذي يصرح بما يلي في الصفحة الخامسة: «إن تصميم وحدات الشركة العامة للأسمدة جيد، وإن هذه الوحدات قادرة على الإنتاج بصورة مناسبة، إلا أنه وبسبب عدم صيانتها بصورة مناسبة فإنها تعمل حالياً بطاقة إنتاجية أقل من طاقتها الإنتاجية المخطط لها».
كما جاء أيضاً في التقرير الصفحة السادسة: «إن أبرز المشاكل الموجودة في الشركة العامة للأسمدة والتي هي من بين العوامل المهمة في انخفاض الإنتاج في هذا المجمع هي عبارة عن: (إدارة غير مناسبة للغاية وغير منهجية)».
■ وماذا كان مصير التقرير؟
كان مصيره أن نام في الأدراج رغم أنه كلف الشركة مبالغ كبيرة دفعت للجانب الإيراني!
■ ما هو برأيك حجم الخسائر الناتجة عن هذه الفوضى؟
إن حجم الخسارة المادية المباشرة التي لحقت بالاقتصاد الوطني نتيجة تضليل أصحاب القرار تزيد عن (ملياري ليرة سورية) توزعت بين فوات إنتاج وهدر مواد أولية وتلف للمعدات، وهذا الرقم من واقع الميزانيات والتقارير الإنتاجية، أما الخسائر الاقتصادية فهي أضعاف ذلك
■ أخيراً أستاذ هيثم، من هو المسؤول برأيك عن جملة القرارات والممارسات التي أوصلت الشركة إلى هذه الدرجة من الانحدار، وكيف هو السبيل لتجاوز هذا النوع من الأخطاء؟؟
ــ عندما تغيب أو تغيّب أو تزور البيانات التي تُوصف ماضي وحاضر صرح اقتصادي ما، فإن ذلك سوف يدفع أصحاب القرار إلى إصدار قرارات واتخاذ إجراءات تؤدي إلى كوارث على صعيد الاقتصاد الوطني، تكون نتيجتها زيادة معاناة الشريحة الأوسع في المجتمع مقابل الثراء الفاحش لقلة من المفسدين. لذلك نرى أن تفعيل نظام تقييم للأداء هو ضرورة حتمية يعبر عن نضج المجتمع وعقلانيته في تسيير شؤونه، ويمثل الأداة التي نتعرف بواسطتها على الواقع الراهن تمهيداً لتطويره وتحقيق تنمية حقيقية قادرة على الاستمرار الذاتي في المدى الطويل.
إن تجربتنا في الشركة العامة للأسمدة مثال واضح للتخريب المتعمد تحت شعار المصلحة العامة، والحقيقة فإن مراكز الفساد مستمرة في المحافظة على أدواتها وتطويرها وتطوير طرق تزوير البيانات لتضليل أصحاب القرار تحت شعار المصلحة العامة حتى وصلنا إلى مرحلة يكرم فيها المسيء ويعاقب من يعمل لمصلحة الوطن!
ملاحظة: إن جميع الوثائق التي تثبت صحة ما ورد أعلاه موجودة في حوزتنا (في قاسيون) ونحن مستعدون لوضعها تحت تصرف من يهمهم الأمر..
■ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.