دعم الليرة السورية..!
تطالعنا بشكل يومي الصحف الرسمية وشبه الرسمية، وكذلك الإعلامان، الرسمي وشبه الرسمي، بأخبار الحملات الشعبية لدعم الليرة السورية، وتعرض القضية ببساطة وسطحية تندرج ضمن كوميديا سوداء عامة تلف المشهد السوري، حيث يتلخص دعم الليرة السورية حسب رأي حملات الدعم ومن يروج لها بقيام المواطنين السوريين بزيادة ودائعهم لدى البنوك العامة، ولكن أحداً لم يحاول طرح القضية كما هي فعلاً..
مشكلة الليرة اليوم هي تكثيف لمشكلات الاقتصاد السوري كاملاً، ومن وجهة النظر المالية فإن المشكلة هي التضخم، أي انخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية، وهذا التضخم يعكس تراجعاً حاداً في الإنتاج وتدهوراً في قطاعات الإنتاج الحقيقية، أي في قطاعي الزراعة والصناعة، نتيجة التشوه الهيكلي الهائل الذي أحدثته السياسات الليبرالية في السنوات الست الماضية حيث تم تقديم القطاعات الخدمية من سياحة وفنادق وغيرها... على كل من الزراعة والصناعة اللتين شهدتا تراجعاً حاداً. وعليه فإن دعم الليرة السورية الحقيقي يتمثل أولاً بالتوجه نحو تخفيض التضخم باتجاه القضاء عليه، أي بتفعيل الإنتاج الحقيقي وزيادته وتأمين الموارد اللازمة لتطوير الصناعة والزراعة، تلك الموارد المتمركزة في جيوب الفاسدين.. والأدهى والأمر أنه وفي الوقت نفسه الذي يتطوع فيه مواطنون لإيداع أموالهم الضئيلة في البنوك السورية فإن الفاسدين الكبار يسحبون أموالهم من البلد ويصدرونها إلى حيث يؤمنون عليها من خطر استعادة الناس لها..
دعم الليرة يعني دعم الاقتصاد، ودعم الاقتصاد يعني دعم القطاعات المنتجة للثروة، ودعم هذه الأخيرة لا يمكن أن يتم دون التراجع عن السياسات الليبرالية تراجعاً نهائياً ومحاسبة الفاسدين المسؤولين عن تطبيقها. بهذا ندعم الليرة السورية، وبغيره فإننا نستعجل انهيارها وانهيار اقتصادنا في جو كرنفالي من المرجح أنه إذا استمر ضمن الذهنية والعقلية نفسها سيأخذنا فعلاً وقولاً إلى كوميديا سوداء سورية!
فلندعم الليرة السورية دعماً عميقاً وجذرياً، ولنكف عن المسرحيات الهزلية التي لا تغني ولا تسمن، وجل ما تفعله هو أن تشوّش الرؤية وتثير الغبار، وتترك من يستنزف الليرة، ويسحق الليرة، ويهين الليرة، وينهب الليرة، ويهدد مصير الليرة، يعيث فساداً سياسياً واجتماعياً وأمنياً... واقتصادياً..