مياه جرمانا.. وحديث الطرشان!
أزمة المياه في جرمانا ومعاناة الناس معها قديمة ومزمنة، وكأن الناس تنفخُ في قُربةٍ مقطوعة!
والسؤال هنا: إنْ صمَّ المسؤولون السمع عن آلام الناسِ وآهاتهم، فهل يزول الألم؟!
بالنفي تُجيبُ كلُ النفوسِ، فلا تتوقف معاناة الناس حتى ينقطِعَ السبب، أما صمّ السمع وغض النظر ودفن الرأس في التراب كالنعام، فقطعاً لن يغير حالاً من الأحوال!
عذراً يا أصحاب السعادة، فالماء كما يفترض أبسط من أن يكون حق يُطلب، فهو من المسلمات التي لا ريب فيها ولا وجل!
خط معفى ومليارات دون جدوى!
أين من صدَّع الرأس في المقابلات الإذاعية والتلفزيونية والمنشورات الوردية على وسائل التواصل الاجتماعي، بأن مشكلة الماء في مدينة جرمانا أصبحت من الماضي، وبأن المليارات أُنفقت لإعفاء آبار المدينة من التقنين الكهربائي، وأن المياه في الشبكة ستتوافر على مدار الساعة، وبذلك انعدمت أسباب التغذية الليلية للمدينة، التي كانت مِنّةٌ لا تُضاهيها مِنة، أربع ساعات متواصلة من الكهرباء ليلاً وساعتان باقي اليوم، أي ستُ ساعات وصل خلال اليوم بالمحصلة، لم تنلها المدينة إلا بعد جهد جهيد، وتظافر الجهود بين شباب المدينة وشيابها!؟
فالحال الآن هو أربع ساعات ونصف قطع، مقابل ساعة ونصف وصل، أي إن المجموع الكلي ست ساعات وصل خلال اليوم، فالجدوى الاقتصادية معدومة إذاً!
فإن غضضنا النظر عن كلّ التشجيع من المعنيين على استخدام الطاقات المتجددة، كالطاقة الشمسية على سبيل المثال، فلا شك أنها كانت ستكون أكثر إقناعاً من هذا الخط المعفى، الذي انتهى عمره الافتراضي وهو في طور التجريب!
فبالجانب العملي لم تصل المياه المباركة إلى خزانات الناس!
فمع وصل الكهرباء تنقطع المياه عن الشبكة بسبب الأعطال وسوء التنفيذ في خط الآبار المعفى، وقد تم هدر المليارات بلا رقيب أو حسيب، أو هذا ما نستطيع التنبؤ به مع كل هذا الصمت الرسمي!
تحالف المناصب والمكاسب!
فما هي تلك الأزمة في جذورها؟
إنها بسبب توسع المدينة أفقياً وعمودياً، وإلى مساحات وارتفاعات لا تتوافق مع البنية التحتية للمدينة، التي تتسع اليوم لملايين السوريين!
فقد توسعت عن طريق المخالفات، ولا نقصد منزلاً أو بناءً، بل أحياءٌ برمتها، وطوابق متعددة في طول المدينة وعرضها، وبحسب قول أحد الأهالي: «القبض ع المكشوف والحساب بالآخرة»!
فكل تلك المخالفات مرت لحساب قلة من تجار البناء، حيث تحالفت المناصب والمكاسب، تواطؤاً وفساداً ونهباً، ولم يؤخذ بعين الاعتبار واقع البنية التحتية وتأهيلها بما يتناسب مع هذا التوسع، فازداد الضغط عليها وترهلت، فيما دفع الأهالي الفاتورة الباهظة لكل ذلك، الذين أصبحوا يبحثون عن الماء حقاً كالمستجيرِ من الرمضاء بالنار!
فاتورة باهظة!
وصل سعر البرميل إلى 7000ل.س بالسيارات الجوالة (الصهاريج وغيرها)، ومن المعلوم، أن متوسط حاجة الفرد للماء في اليوم يقدر بـ 200 لتر، فعائلة مكونة من 5 أشخاص ستحتاج إلى 5 براميل يومياً بالحد الأدنى، وإن قننّا ورشدّنا الاستهلاك تبعا لنصائح المسؤولين، وصولاً إلى ربع تلك الحاجة، فإن العائلة ستستهلك في الحدود التي لا يتحملها بشر 30 برميل شهرياً، أي بتكلفة 210,000 ل.س شهرياً، وهي تكلفة ماء للغسيل والاستحمام فقط!
وإن قارنّا هذه النتيجة الرقمية مع متوسط الأجور، واعتبرنا متفائلين، أن الأسرة لديها 3 معيلين، أي 3 أجور شهرية، فسيعجز العلم وتفنى حسابات الرياضيات معها لتغطية ضرورات المعيشة وتكاليفها الباهظة!
أسئلة مفتوحة بلا إجابات!
أسئلة كثيرة عالقة بلا إجابات، ومشاريع فاشلة بالمئات، وقرارات غير مسؤولة، ومليارات مخصصة تذهب للنهب والفساد!
فمن المسؤول عن هذا الاقتراح والحل الإبداعي المسمى زرواً بالخط المعفى، وما الأسباب العلمية والعملية من خلفه؟
ومن المسؤول عن استمرار هذا البؤس الذي يضاف إلى كل البؤس الذي نحيا به!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1118