بين التحرير..... وتداعيات الأزمة الأسعار تحلّق، والجوع يطرق باب الأُسَر السورية

تشهد الأسواق السورية ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار جميع المواد سواء كانت مواد الاستهلاك اليومي من خبز و خضراوات وفواكه وزيوت وأجور النقل وغيرها .....أو المواد الاخرى الضرورية لتلبية حاجات الأسرة من أجهزة كهربائية ومعدات منزلية ومنظفات وملابس، واذا كانت هذه الارتفاعات الجنونية التي فاقت طاقة المواطن السوري وزادت من معاناته، هي في الجذر تعود إلى لبرلة الاقتصاد وتحرير الأسعار، الا أن الأزمة الراهنة تركت تأثيرها العميق أيضاً لتغيّب ما تبقى للدولة من دور في التحكم بحركة السوق وهذا ما جعل الارتفاعات تطال حتى تلك المواد التي لا يمكن الاستغناء عنها كالخبز، وبالتوازي مع ذلك تدنى دخل الاسرة السورية إذا لم نقل إنه انعدم في بعض الأحيان فجميع العاملين في قطاع المهن والحرف توقفوا عن العمل، وفئة العمال الزراعيين أصبحوا عملياً في عداد العاطلين عن العمل، وهذا ما أثر على إيرادات الأسرة مما أنعكس سلباً وبشكل مباشر على حياة ومستوى معيشة أغلبية الناس  هذا ما جعل  الكثيرين عاجزين فعلاً عن تأمين ما يسد الرمق ويبقي على الحياة، والمصيبة أن الارتفاع لم يصب مادة بحد ذاتها أو سوقاً بعينها فالأزمة كاسحة وأصابت جميع المواد الضرورية.

بين (الموضوعي) ودور تجار الأزمة!

تحرير الأسعار لعب و يلعب دوراً في ذلك وهو الجذر كما أسلفنا، ولا شك أن الأزمة أيضاً ساهمت و أدت إلى استفحال الظاهرة، ويمكن اعتبارهما الأسباب الأساسية، ولكن ألا توجد أسباب أخرى تتعلق بأدوار معينة يلعبها البعض من المتنفذين، ومن بعض الاجهزة، مستغلين ظروف الأزمة ليزيدوا الأمر تعقيداً وذلك باستخدام نفوذهم بشراء كميات كبيرة من المادة بالسعر النظامي وعرضها للبيع على أبواب الأفران بأسعار خيالية؟ وإلا ما معنى أن تتوفر مادة كالخبز مثلاً أمام الأفران والمحلات بسعر يفوق سعرها الرسمي أحياناً بعشرة أضعاف، وما دور تجار الأزمة، وغياب أية قيود في  استفحال الظاهرة؟

أسباب أخرى

 يتحجج كل التجار بالأوضاع الراهنة في البلاد هذه الأيام، والتوتر الأمني والعسكري وصعوبة النقل والمواصلات، واستحالة نقل المواد من منطقة لأخرى ،وفقدان الكثير من المواد الضرورية. واحتكار البعض لأهم السلع الرئيسية مما لعب دوراً في هذا الارتفاع الجنوني للاسعار.

 يقول محمد: «إن جميع الأسواق السورية قد تضررت بسبب تراجع حركة العمل وارتفاع الأسعار فيها  خصوصاً أسعار السلع الغذائية والفواكه والخضار والتي ارتفعت بشكل ملحوظ وبدرجة 100%، والسبب في ذلك هو برأيي انعدام الرقابة على الأسعار من قبل الجهات المعنية وبشكل تام وانعدام الضمير لدى معظم التجار فكل ما تقوم به وزارة الاقتصاد لا يشكل أي رادع لدى التجار».

ويقول أسامة: «إن قضية ارتفاع أسعار الخضار والفواكه أصبحت معلومة ومتداولة من جميع الأطياف، فشراء أي نوع من الفواكه اليوم بالنسبة للأشخاص محدودي الدخل يتطلب إعداد ميزانية كاملة للقيام بذلك فالارتفاع بات غير معقول وفرق الأسعار بين محل وآخر أصبح واضحاً وكبيراً جداً».

 بين أسباب مبررة بمعنى ما، وأخرى غير مبررة ارتفعت أسعار جميع المواد والسلع الغذائية و الأساسية في الأسواق السورية وحلقت أسعارها إلى الضعف أو أكثر، خصوصاً بعد اندلاع الأزمة السورية،  أسعار بعض الفواكه والخضار في الأسواق السورية حالياً:

الخيار70 ليرة- البندورة 50 ليرة - ليمون 50 - البازلاء 100ليرة - البطاطا 40 ليرة - البرتقال50 البصل 40 ليرة - الكوسا 100 ليرة - التفاح  75 ليرة.

أسعار أهم المنتجات والسلع الأساسية في الأسواق:

اللبن 60 ليرة – البيضة 11ليرة – الرز 85 ليرة – السكر90 ليرة – كيلو البن 700 ليرة- زيت القلي أونا 160ليرة – علبة السمنة أصيل 1كيلوغرام 295 ليرة الشمعة 25 ليرة - زجاجة الزيت البلدي 290 ليرة - كيلو خبز السندويش100 ليرة.

إذا أخذنا مدينة دمشق الهادئة نسبياً بالنسبة إلى محافظات أخرى كعيّنة.

يقول المواطن أسامة: «إن المواطن السوري أصبح يعاني المر للحصول على المتطلبات والحاجات الأساسية جراء التهاب الأسعار حتى لأبسط المنتجات،فالأسعار في الأشهر الأخيرة وصلت إلى ارتفاعات جنونية فسعر كيلو اللبن الآن 60 ليرة وكيلو السكر 90 ليرة.  مما يعني أن أسعار بعض المواد التي يحتاجها الإنسان بشكل يومي ارتفعت بنحو 100% لبعض المنتجات».

يقول ياسر: «إن رقابة الدولة على الأسعار باتت معدومة فهي لا تهتم لهذا الموضوع، البعض يقول إن أحد أهم أسباب الغلاء هو الأزمة واستغلال التجار لذلك واحتكارهم لأهم المواد، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع سعرها. ومن الواضح أن هذا الارتفاع الكبير بالأسعار أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطن بشكل كبير بسبب تدني الدخل».

 ارتفاع حاد في أسعار اللحوم يرهق المواطن السوري:ٍٍٍٍ فوضى وغلاء! واللحم ببساطة صار حلماً للفقراء في هذه الأيام،  ففي ظل الارتفاعات القياسية والغلاء المؤلم الحاصل بأسعار اللحوم البيضاء والحمراء في الأسواق السورية أُرغم الكثيرون على نسيان طعم اللحم، حيث أن سعر كيلو لحم الغنم في بعض المناطق وصل إلى 1000 ليرة سورية،  يقول أيمن: «لقد أصبحنا نحلم بطعم اللحم أو بتناول وجبة من اللحوم أو بوجود اللحم على مائدة الطعام أصلاً، إن مرتبي الأسبوعي هو 3000 ليرة سورية وثمن كيلو اللحم هو 1000ليرة سورية فكيف لمواطن متواضع الدخل مثلي أن يحصل على وجبة لحم واحدة في الشهر في هذه الأيام ومع هذا الغلاء الحاصل في أسعار جميع المواد».

وتقول بشرى: «على الفقراء ومحدودي الدخل- وهم الأغلبية العظمى  في سورية - أن ينسوا طعم اللحم لماذا لا أدري؟ ما هي الأسباب الحقيقية؟ هل هي الأزمة؟ أم التضخم؟!. الحاصل أن الأسباب كثيرة لكن بالمحصلة وبرأيي الخاص: على الدولة  أن تساعد وتتصرف حيال هذا الموضوع.

خلاصة الكلام

لا نكتشف جديداً عندما نتحدث عن ارتفاع الأسعار غير المسبوق، واذا كانت المعالجة الحقيقية لهذه الظاهرة التي تهدد المواطن السوري بالجوع الحقيقي، تتعلق بالانطلاق بالحل السياسي، إلا أنه في الواقع يمكن التخفيف من حدة المعاناة إذا تم الضرب بيد من حديد على تجار الأزمة، وبالأخص أولئك الذين يستغلون علاقتهم بجاز الدولة، فيحتكرون، ويتحكمون بالعرض والطلب، وهنا تبرز أهمية لجان الرقابة الشعبية التي تحركت على الأرض في بعض المواقع وأثبتت أهميتها ودورها الملموس وتبقى مهمة تعميمها وانخراط المزيد من قوى المجتمع الحيّة فيها أحد أهم الحلول الناجعة.