حماة كل 400 متر حاجز!

حماة كل 400 متر حاجز!

توزع بؤر الحرب الإرهابية في سورية فرض نموذجاً موضوعياً لفرز المناطق بين الآمنة والساخنة، وقد بقيت بعض العلاقات الرابطة بين هذه المناطق من خلال التبادل السلعي للمواد الغذائية والاحتياجات اليومية للمواطن، ولكنها خضعت لشروط الابتزاز والاستغلال.

 

وكان من أشكال فرض السيطرة والنفوذ في هذه المناطق وبينها هو في وضع وتكثيف الحواجز الأمنية والعسكرية، وكانت الضريبة المالية على مرور المواد تخضع لمزاجية القائمين على بعض هذه الحواجز.

هذه "الضريبة"، المفروضة عنوة على مرور المواد الغذائية بين المناطق السورية، أصبحت أحد الأسباب الرئيسية للارتفاع الجنوني لأسعار المواد الضرورية للحياة اليومية.

على سبيل المثال لا الحصر نجد أنه على طريق السقيلبية- قلعة المضيق، والذي طوله لا يزيد عن 3 كم، يوجد ثمانية حواجز تابعة لجهات أمنية مختلفة، أي بمعدل كل 400 متر حاجز، بحيث أصبحت السيارة حمولة 3 طن خضار تخضع لدفع مبلغ 25000- 30000 ليرة سورية للعبور بين البلدتين.

وبعملية حسابية بسيطة تجد أن هذه الحواجز تسببت في رفع الأسعار لهذه المواد بنسبة لا تقل عن 25- 30%.

لو دققنا في أسباب تواجد هذه الحواجز، بهذا العدد الكبير الذي لا مبرر له، ألا نستخلص وكأنه لا وجود لسلطة محددة مسؤولة عن ذلك! وبأن غياب المحاسبة لهؤلاء المتنفذين والفاسدين يزيد من وحشيتهم وجشعهم، باستخدام سلطتهم وتسلطهم لجباية الأموال وفرض الديّات لجيوبهم الخاصة، ولبعض مسؤوليهم الذين يشكلون الغطاء الرسمي لوجودهم وحمايتهم، وكل ذلك بحجة الحفاظ على أمن الوطن والمواطن؟!.

الانعكاس السلبي على الجانب الاجتماعي للممارسات السلبية لبعض هذه الحواجز يتجلى في انكفاء معظم المواطنين عن التنقل والانتقال من مكان إلى آخر، تجنباً لأي تماس أو احتكاك مع عناصر هذه الحواجز.

ويمكن عبر بعض الاجراءات، أو حتى بعض التوجيهات الجادة فقط، إلغاء الكثير من الضغوط الممارسة على المواطنين، سواء على مستوى التعامل، أو على مستوى انسيابية تأمين السلع والخدمات، دون زيادة التكاليف عليها عبر ممارسات البعض من مستغلي الحرب والأزمة والفاسدين، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية الإجراءات الأمنية التي غايتها الحفاظ على أمن الوطن والمواطن.

مادة موسعة عن الموضوع في جريدة قاسيون: إضغط هنا