هزالة الأجور وجنون الأسعار!
يبدو الحديث عن توفر السلع والمواد والخدمات، بالمقارنة مع أسعارها، وبالتوازي مع الأجور، ضرباً من الجنون!
يبدو الحديث عن توفر السلع والمواد والخدمات، بالمقارنة مع أسعارها، وبالتوازي مع الأجور، ضرباً من الجنون!
ما زالت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تتحفنا بإصدار نشرات أسعارها الخلبية، التي لا يعترف بها السوق، ولا ترضي لا المستهلك ولا البائع!
اعتاد المواطنون على التباينات السعرية النسبية في الأسواق، وبين محل وآخر، بل بين ساعة وأخرى، كما اعتادوا على التصريحات الرسمية الخلبية التي تتحدث عن مراقبة الأسواق ومتابعتها، كذلك اعتادوا على الذرائع المساقة (رسمياً وغير رسمياً) تبريراً للزيادات السعرية على السلع والخدمات، اعتباراً من ذرائع العقوبات والحصار، مروراً بتبريرات تذبذب سعر الصرف، وصولاً إلى ما آلت إليه الأسعار من توحش!
قبل العيد بأيام يدور الحديث بين العائلات ماذا سنشتري وماذا سنحضر وكل النقاشات المطولة التي تجري بهذا الخصوص تنتهي، ويصمت الجميع أمام الحال العسير الذي يعيشونه وأمام الواقع المرير الذي يصدمهم في كل مطلب من مطالبهم التي يحتاجونها وأطفالهم الذين يحلمون بلباس جديد على العيد ويحلمون بعيدية تمكنهم من اللعب واللهو في تجمعات العيد، إنها مطالب بسيطة لحياة الفقراء المعاشة ولكنها المعقدة جداً بسبب ضعف الحال وخلو جيوبهم من أية إمكانية حقيقية لتلبية تلك المطالب.
تغيّرت عادات الاستهلاك في المجتمع السوري خلال العقد الماضي، كما غيرها من العادات والتقاليد المتوارثة التي تغيرت بشكل تدريجي، خصوصاً خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبح التغير سريع لدرجة أنه يصعب على الأسرة السورية التأقلم معه، وذلك نتيجةً للظروف التي أجبرتها على كسر هذا الشكل والنمط الاستهلاكي الذي اعتادت عليه.
الحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية منذ بدء الأزمة لها نصيب مهم في تضييق الخناق على شعبنا من حيث توفر المواد الأساسية التي يحتاجها في غذائه اليومي، ودوائه ليعالج أمراضه المختلفة وحاجاته الأخرى من كهرباء ومشتقات نفطية ومواد أولية لتقلع عجلة إنتاج المعامل والمشاغل الحرفية، وما كان هذا ليحدث لولا السياسات الانفتاحية التي تمت مع الغرب، مما أدى إلى ربط الاقتصاد السوري برمته «تقريباً» مع هذه الأسواق، الأمر الذي جعل الاقتصاد الوطني يتأثر تأثراً خطيراً بالحصار الجائر المفروض
من الطبيعي أن نتأثر بالأزمة الأوكرانية، كحال غيرنا من الدول، ومن الطبيعي أن يتم اتخاذ بعض الإجراءات لتفادي والتقليل من الآثار السلبية لهذه الأزمة على المستوى المحلي (اقتصادياً ومعيشياً وخدمياً).
الأوضاع الاقتصادية الكارثية التي تعيشها الطبقة العاملة وتردي أوضاعها إلى مستويات خطيرة وصلت إلى حد العوز والفقر والجوع نتيجة لعدم كفاية الأجور لتلبية الاحتياجات الأساسية للأسرة في ظل الارتفاع المستمر لأسعار المواد والسلع الاستهلاكية حيث تحتاج الأسرة لمليوني ليرة سورية لتأمين احتياجاتها الأساسية، وأن أكبر الرواتب التي تعطى للعمال في القطاع الخاص ربما لم تصل إلى 500 ألف ليرة سورية و100 ألف في القطاع العام وفي ظل هذه الهوة الكبيرة بين الأجور والأسعار تعاني عائلات العمال من فقر مدقع وسط استمرار السياسات الحكومية في تحرير الأسعار ورفع الدعم عن المواطن وتخفيض متعمد للأجور.
أصدرت محافظة دمشق مؤخراً قرارين بتاريخ 7 آب الجاري، الأول: يتضمن تحديد أوقات «فتح وإغلاق» كافة الفعاليات ضمن المدينة، وأما الثاني: فقد كان يقضي بتحديد سعر تصوير المستندات!
لم يمض الكثير من الوقت حتى استطاع المواطن استيعاب صدمة أن ما ينفذ من قرارات دائماً ما يكون على حساب جيبه الذي أصبح فارغاً، وذلك لصالح زيادة أرصدة ومرابح قلة قليلة من التجار والفاسدين والمتنفذين.