المحرر السياسي
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
الحدث الرئيسي خلال الأسبوعين الماضيين بما يخص سورية، كان اللقاء الثلاثي لوزراء دفاع سورية وروسيا وتركيا في موسكو. وهذا الحدث بقي طوال هذه الفترة في بؤرة التركيز الإعلامي والسياسي في كل المنابر والدوائر المعنية والمهتمة بالشأن السوري.
عبر السنوات الأربع الماضية، أي منذ انتهى بشكل شبه كاملٍ الطور العسكري العنيف من الأزمة، وباتت استحقاقات التغيير هي الموضوعة على الطاولة، وبدأت الهوامش تضيق أكثر فأكثر على رافضي التغيير ورافضي الحل السياسي، فإنّ هنالك مقولة باتت ثابتة في الإعلام شبه الرسمي، وفي الإعلام الرسمي أحياناً، وعلى ألسنة متشددين ضمن النظام على وجه الخصوص.
خلال الأيام القليلة الماضية، تحوّلت المقابلة التي أجرتها صحيفة (تسايت Zeit) الألمانية مع المستشارة السابقة أنجيلا ميركل يوم السابع من الجاري، إلى بؤرةٍ للاهتمام التحليلي والسياسي حول العالم، بما يخص الوضع الراهن في أوكرانيا وجذوره عبر عقد من الزمن. ولكنّ ما يهمنا بشكل مباشر في هذا الخصوص، هو الدروس التي يمكن أن نتعلمها كسوريين من «اعترافات» ميركل، خاصةً أنّ الصراع في سورية وعليها، هو في أحد جوانبه، إحدى النقاط الساخنة للصراع الدولي بين الجهتين نفسهما اللتان تتصارعان في أوكرانيا؛ ولذا فمن المنطقي، ورغم عدم التطابق بين الحالتين، أنّ فهم آليات إدارة الصراع في أوكرانيا من شأنه، إلقاء ضوء كاشف على آليات الصراع في سورية أيضاً.
تعيش مناطق عديدة في الشمال السوري، وفي الشمال الشرقي خاصة، على صفيح ساخن، وعلى وقع ضربات مدفعية وجوية تركية، خلفت عدداً من الضحايا، وكذلك دفعت بالآلاف إلى الخروج من مناطقهم تخوفاً من احتمالات اجتياحٍ بريٍ جديدٍ للقوات التركية.
خلال زيارته إلى دمشق مطلع تموز الماضي، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان: «نحاول حلّ سوء الفهم بين سورية وتركيا عبر الطرق الدبلوماسية والحوار».
فإلى أين وصلت عملية حلّ «سوء الفهم» هذه، عشية اجتماع جديد لأستانا سيعقد يومي 22 و23 من الجاري، وبعد مضي أكثر من أربعة أشهر على الإعلان الأولي عنها؟
تمسّكت السلطات الروسية حتى اللحظة باستخدام تعبير «عملية عسكرية خاصة» لوصف المعركة الدائرة في أوكرانيا منذ 24 شباط من هذا العام؛ المعركة التي لم يكن من الصعب منذ ساعاتها الأولى أن يفهم المرء أنها جزءٌ من حربٍ شاملة مع الغرب والناتو ومع منظومة القطب الواحد، ولا تشكل أوكرانيا ضمنها سوى ساحة بين ساحات عديدة، أكبر وأوسع.
حين ترفع دولة مثل الإمارات، الموسومة بعار اتفاقات أبراهام مع الكيان الصهيوني شعار تطبيع العلاقات مع سورية، وترفع الجزائر ذات الموقف الثابت ضد الصهيوني الشعار نفسه وإنْ مع اختلاف بالصياغة، وعبر الجهد الذي تبذله في إطار التحضير للقمة العربية القادمة على أرضها، فإنّ على المرء أن يمعن النظر في جوهر الأمور وألا يقف عند ظاهرها...
تتردد هذه الأيام، وبكثافة غير مسبوقة، مقولةٌ محددة بما يخص مستقبل الشمال الشرقي السوري والقوى السياسية الموجودة فيه؛ تتلخص المقولة بأنّ تقارباً بين النظام السوري وبين تركيا إنْ حصل فإنه سيعني محاصرة تلك القوى وربما الإجهاز عليها. ويصبح الاستكمال الطبيعي لهذه المقولة هو أنّ على هذه القوى أن تتمسك بالأمريكان والغربيين لتأمين «الحماية» لنفسها، وأن تعمل ضد التقارب السوري التركي المحتمل بكل السبل الممكنة...
تتوالى حتى اللحظة ردود الأفعال المختلفة على تصريحات وزير الخارجية التركية جاويش أوغلو، والتي أطلقها يوم الخميس الماضي 11 آب. في تصريحاته قال أوغلو: إنه قد أجرى حديثاً قصيراً مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد على هامش اجتماع دول عدم الانحياز الذي جرى في تشرين الأول الماضي (قبل حوالي 10 أشهر).
خلال زيارته لدمشق يوم السبت الماضي، قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان: «إنّ إيران تتفهم المخاوف التركية، ولكنها تعارض أي عمل عسكري في سورية»، وأضاف: «نحاول حلّ سوء الفهم بين سورية وتركيا عبر الطرق الدبلوماسية والحوار».. وفي الطرف المقابل، فإنّ البيان الصادر عن الرئاسة السورية حول الزيارة، حمل الصياغات المعتادة بما يتعلق بتركيا وبالموقف منها.