علاء أبوفرّاج
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
لم تعد التغييرات المتسارعة التي يشهدها العالم موضوعاً للنقاش، فما يجري أصبح معلناً ولا يمكن إنكاره، لكن المشكلة باتت حول تفسيره، وإمكانية تحديد ملامح المحرك الحقيقي لكل هذه الأحداث، والأهم من ذلك تحديد ارتدادات ما يجري، ومن هذه الزاوية يمكن أن تكون محاولة فهم الحالة السعودية مسألة بالغة الأهمية في إنجاز المهمة.
تبقى قضية تفجير أنابيب السيل الشمالي محطّ اهتمام دولي كبير، فحتى اللحظة وُضِعَتْ على الطاولة عدّة روايات حول مَن وقفَ وراءه وكيف تمّ تنفيذه، وهو ما دفع موسكو للضغط على الأمم المتحدة بهدف فتح تحقيق مستقل لفهم ملابسات هذا الهجوم، لكن المساعي الروسية تلقى ممانعة شديدة، فما السبب؟
جاء الإعلان عن توقيع اتفاق سعودي- إيراني برعاية صينية كالصاعقة بالنسبة للكثير من القوى، وتحديداً الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، فالاتفاق الذي جرى توقيعه في العاصمة بكين يوم 10 آذار الجاري يعتبر لحظة تاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ونستطيع القول: إن ما جرى في بكين سيكون له، دون شك، تأثيرات واسعة على منطقتنا.
رغم التحضيرات الكثيفة والتمثيل الواسع للقوى المشاركة في قمة العقبة، التي عقدت في 26 من شهر شباط الماضي على الأراضي الأردنية، أثبت الواقع عجز هذا الحدث عن التأثير الفعلي في مجرى الأحداث داخل الأراضي المحتلة، وهو ما ينبغي التوقف عند دلالته، لا لتفسير فشل القمة فحسب، بل لمحاولة رسم صورة أولية لشكل المرحلة القادمة.
ذكّرت تصريحات جديدة لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بالتحركات الكثيفة، التي تسعى من خلالها الولايات المتحدة والكيان لتوسيع مستنقع التطبيع، الذي انضمت له دولٌ عربية جديدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، ويجري الحديث عن الرياض مجدداً، فكيف يمكن قراءة هذه التصريحات والتحركات التي رافقتها؟
يزداد المشهد داخل الكيان اضطراباً وتتعاظم انقساماته، ويتّجه- مع كل يومٍ جديد- نحو مستويات أعلى من التعقيد، ولا يرى الصهاينة مخرجاً، أياً كان موقعهم، وهو ما يدركه الشارع الفلسطيني بفطرته، فتوجّه قواه الشعبية الضربة تلو الأخرى للكيان المتداعي، الذي بات يخوض صراعاً على كل الجبهات.
الصدام الجاري في أوكرانيا، وما يعنيه من مواجهة شاملة بين معسكرين في حدود تمتد أبعد من خطوط جبهة القتال، يُولّد مستوى متزايداً من الضغط، إذ ظهرت في الأيام القليلة الماضية مؤشرات جديدة على حجم المأزق الغربي، وتحديداً في واشنطن، التي دفعت طوال السنوات الماضية لتفجير أوروبا، وخلق بؤرة تسمح بإنهاك منافسيها هناك.
خضع الناس للزلزال، تماماً كغيره من الكوارث الطبيعية التي لا تزال عصية على الفهم أو التحكم أو حتى التنبؤ بحدوثها، الكارثة التي ضربت سورية وتركيا منذ أيام لم تخلّف عدواً واضحاً أمام الناس، فتبدو الأمور للوهلة الأولى كما لو أنها لا تحمل النقاش أو تحميل المسؤوليات فالكارثة لم تميز بين ضحاياها ولذلك لا جدوى من الاعتراض.
الأحاديث حول الحرب في أوكرانيا وصلت إلى درجات قياسية في شهورها الأولى، ورغم أن وزن الحدث انخفض قليلاً في وسائل الإعلام، إلا أنه لا يبدو كذلك أبداً في مراكز الأبحاث التي تنشغّل حتى اللحظة في تحليل ما يجري والإمكانيات التي قد يتطور الصراع وفقها، كان آخرها ما صدر عن مؤسسة «RAND» الأمريكية، التي ينظر إليها كُثُر بوصفها مؤسسة واسعة التأثير في صنع القرار الأمريكي.
لو حاولنا تصوّر أسوأ لحظة تاريخية مرّ بها الكيان الصهيوني منذ تأسيسه، فلن تكون أشد قتامةً من اللحظة الراهنة، فبعد تفاقم الأزمة الداخلية وخروج أكثر من 100 ألف متظاهر إلى الشوارع، اتّجه الكيان نحو موجة جديدة من التصعيد ضد الفلسطينيين، لكن رد المقاومة الشعبية البطولي الشرس لم يكن بالحسبان، ولا يمكن حتى اللحظة التنبؤ بذروة ما يجري.