علي نمر
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
رغم غياب عدد لا بأس به من القيادات النقابية عن الاجتماع الأخير للمجلس، فإن قضايا مهمة أثيرت فيه وقدمت مقترحات في غاية الأهمية، الأمر الذي يتطلب من الاتحاد العام لنقابات العمال، وبالأخص القواعد النقابية الاستعداد الجيد للمرحلة القادمة، التي قد تحمل في طياتها الكثير من المفاجآت غير السارة، حتى تكون الصدمة أقل وقعاً على الحركة النقابية برمتها.
لم يكن الشيخ حمدان يتخيل أن حياته ستتحول في يوم من الأيام إلى جحيم لا يطاق، وأن يصل إلى هذه الحالة الصعبة من الفقر الشديد، وتهان كرامته أمام أولاده وأحفاده، وهو الآمر الناهي في قرية تبعد عن العاصمة مئات الكيلومترات. وكم كانت زوجته الحاجَة أم أحمد تتمنى الموت قبل أن ترى شيخ العشيرة ومصلحها الاجتماعي واقفاً على قارعة الطريق تحت أشعة الشمس الحارقة، والعرق يتصبب منه، بانتظار من يشغَّله عدة ساعات ليؤمن ثمن الخبز والبندورة في زمن ليس زمنه، وهو الذي عرف فيما مضى بكرمه وضيافته للغريب قبل القريب، عندما كانت محافظة الحسكة بمثابة البقرة الحلوب للوطن في كل المواسم، لما اشتهرت به من تنوع في منتجاتها الإستراتيجية الأهم محلياً وعربياً.
نعم، محافظة الذهب الأبيض والأسود والأحمر قد تحولت إلى منطقة جرداء بفعل السياسات الاقتصادية التي انتهجها الفريق الاقتصادي والحكومة طيلة السنوات الخمس الماضية، تارة تحت حجة الجفاف والانحباس الحراري، وتارة أخرى بحجة الأزمة الاقتصادية التي هزت العالم أجمع.
يبدو أن تضارب الرؤى والتفسيرات في بعض القوانين والأنظمة النافذة ستودي بحقوق ومصير المئات لا بل الآلاف من العمال إلى الهاوية، وقضية العمال المؤقتين من القضايا الشائكة التي ضاعت بين عدة جهات، نتيجة الاختلاف في القرارات الصادرة التي سارت بعكس ما صدرت من أجله، علماً أن الاتحاد العام لنقابات العمال لم يترك مؤتمراً أو مجلساً إلا وطالب فيه بتسوية أوضاع العمال المؤقتين، أما القضايا التي نحن بصددها الآن فلا تمس شركة أو معملاً بعينه كما هي العادة، وإنما القضية هذه المرة ترتبط بالعقود الموسمية للعاملين في مشفى التوليد وأمراض النساء الجامعي الذي يتبع إدارياً لوزارة التعليم العالي التي تعاقدت مع /53/ عاملاً وعاملة بعقود موسمية اعتباراً من العام 2001 وحتى الآن، وذلك بسبب نقص الكادر الإداري في المشفى، وتم بعد ذلك التاريخ تجديد عقود هؤلاء العمال حتى تاريخه نظراً للحاجة الماسة لخدماتهم، ومن أجل تحسين سير العمل، حيث أنهم يعملون في أماكن حساسة في المشفى (المحاسبة، الديوان، القبول، الإدارة، المخبر).
من الهام والضروري التطرق بين الفينة والأخرى لما يثيره الاتحاد العام لنقابات العمال في مجالسه ومؤتمراته، وخاصة القضايا الساخنة والآنية التي تتطلب إصلاحات دون أي تأخير، وليعذرنا الاتحاد في اقتباس نقاط هامة من التقرير المقدم للمجلس لما لها من أهمية، ولا يخفى على أحد أن الاتحاد العام لنقابات العمال في سورية طرح رؤيته للإصلاح الاقتصادي خلال المجلس العام الماضي، وهو يتقدم من مجلس الاتحاد بهذه الرؤية من أجل مناقشتها وتصوبيها وصولاً إلى رؤية مبنية على إجماع القيادات الممثلة للطبقة العاملة في سورية.
هل هي مجرد أخطاء طبية سببها الإهمال أو التسرع أو قلة الخبرة؟؟ أم أنها الآليات المتخلفة التي تطبع عمل جميع المؤسسات التابعة للقطاع العام؟؟ أم أنها مسائل روتينية تحدث في كل زمان ومكان وخاصة في المشافي العامة؟؟ أم أنها أخيراً، وربما هذا هو الأخطر، حملة كاملة متكاملة للإساءة للقطاع العام الصحي، الغاية منها دفع هذا المرفق الحيوي للانهيار ليتحمل المواطن الفقير في النتيجة وطأة الانفتاح والعولمة؟
لقد كثرت في الآونة الأخيرة الشكاوى المفعمة بالألم لمواطنين بسطاء دفعوا نتيجة لما يسمى بـ «الأخطاء الطبية» حياة أولادهم فلذات أكبادهم من دون أن يجدوا من ينتصر لهم في مأساتهم أو يأخذ بيدهم أو يقدم لهم بالحد الأدنى تعويضاً رمزياً يخفف عنهم مصابهم الأليم.
في الوقت الذي أكد فيه وزير الصناعة د. فؤاد عيسى الجوني في تصريح لإحدى الصحف المحلية أن ما يقال عن عدم وجود إصلاح في شركات القطاع العام الصناعي لا أساس له من الصحة، وأن هناك خطا مدروسة وقاعدة متينة لانطلاقة القطاع الصناعي بشقيه العام والخاص، ليكون له دور كبير في التنمية الاقتصادية. وافقت رئاسة مجلس الوزراء على عرض شركة بردى للاستثمار الخاص المحلي أو الأجنبي، مع إمكانية تجزئة الاستثمار حسب توزع مواقع الشركة، هذا القرار الذي جاء بعد فترة وجيزة من اجتماع المجلس العام لاتحاد نقابات العمال، واجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث، هذان الاجتماعان اللذان أكدا الحفاظ على القطاع العام واستمراره، وتقديم كل التسهيلات لإصلاحه.
اتخذ مجلس التعليم العالي مؤخراً عدة قرارات حول برامج نظام التعليم المفتوح، حيث قرر إيقاف بعض الأقسام، وإنهاء بعضها الآخر خلال فترة عشر سنوات، دون أن يجري أي توضيح للرأي العام وللطلبة تحديداً على ماذا ارتكز أصحاب الأمر عند إصدار هذه القرارات؟
فما هي الأسباب الحقيقية للقرارات الأخيرة التي اتخذها المجلس؟ هل هي لخدمة أصحاب الجامعات الخاصة كما يشاع بقوة اليوم في الشارع؟ أم هي مقدمة لإيقاف هذا التعليم بشكل نهائي ليتجاوز بذلك المرسوم الجمهوري بهذا الخصوص؟ مامصير الطلاب الذين يستنفدون السنوات المحددة للتخرج جراء هذه الاجتهادات العجيبة؟ ألا تكفي تجربة خمس سنوات ليتفق الطاقم الوزاري على رأي واحد حول حقوق الطالب وواجباته؟ أين تذهب هذه الأرقام الخيالية من الموارد التي جمعتها خزائن التعليم المفتوح ومازالت البنية التحتية كما هي؟ لماذا هذه النظرة الدونية من جميع الجهات الرسمية للطالب المتخرج من التعليم المفتوح؟؟؟
كل هذه الشجون والاستفسارات سنطرحها في تحقيقنا التالي مع أصحاب الشأن.
خلال السنوات الثلاث التي مرت على الخطة الخمسية العاشرة جرت نقاشات وحوارات عديدة بين الحكومة والاتحاد العام لنقابات العمال حول مشروع قانون العمل الجديد الذي سيكون بديلاً عن القانون /91/ لعام 1959، وقد نبهت القيادات النقابية مراراً إلى خطورة بعض مواده، وخاصة ما يرتبط بجوهر العمل وتنظيمه وعلاقاته في القطاعات الثلاثة (الخاص، التعاوني، المشترك) من خلال ما يتعلق بقانون العقد شريعة المتعاقدين الذي يبدو أنه جاء تتويجاً للسياسات الاقتصادية الليبرالية التي أقرها الفريق الاقتصادي، هذه السياسات التي كانت واضحة الهدف والغاية في دفاعها عن مصالح راس المال وإلغاء أية حماية قانونية للعمال، وهذه مخالفة صريحة للدستور الذي يؤكد في المادة /28/ البند /4/ منه «حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون» وأيضاً في المادة /131/ من الدستور التي تنص على «السلطة القضائية مستقلة ويضمن رئيس الجمهورية هذا الاستقلال يعاونه في ذلك مجلس القضاء الأعلى» وكذلك الأمر مع البند /1/ من المادة /36/ وتعارضها في الدستور «إن العمل حق لكل مواطن وواجب عليه وتعمل الدولة على توفيره لجميع المواطنين».
طالب د.ماهر الطاهر نائب الأمين العام للجبهة في الخارج، خلال الاعتصام الذي أقامته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، تزامناً مع انطلاق حملة التضامن مع أمينها العام أحمد سعدات، المنظمات الإنسانية والحقوقية في العالم بلعب دورها لمواجهة الظلم الصهيوني، الذي يتعامل كدولة فوق القانون الدولي، مؤكداً أن اعتقال سعدات، والحكم عليه بالسجن ثلاثين عاماً، ونقله من معتقل إلى آخر، وعزله انفرادياً، لن يكسر إرادة المعتقلين.
على الرغم من الاعتراف العلني بالدور الكبير الذي لعبه القطاع العام الصناعي على مر العقود في النهوض بالإنتاج الوطني، فإن التصريحات الأخيرة التي أطلقها رئيس مجلس الوزراء حول القطاع العام كانت مخيبة للآمال، حيث قسَّم العطري القطاع العام إلى ثلاث فئات: «فئة رابحة تقدم لها الحكومة الدعم والمؤازرة، وفئة ثانية تحتاج إلى عملية تصحيح، أما الفئة الثالثة فهي فئة حسبنا الله ونعم الوكيل».