وجهات نظر وصائية مختلفة، والطبقة العاملة هي الضحية العمال المؤقتون والموسميون نموذجاً

يبدو أن تضارب الرؤى والتفسيرات في بعض القوانين والأنظمة النافذة ستودي بحقوق ومصير المئات لا بل الآلاف من العمال إلى الهاوية، وقضية العمال المؤقتين من القضايا الشائكة التي ضاعت بين عدة جهات، نتيجة الاختلاف في القرارات الصادرة التي سارت بعكس ما صدرت من أجله، علماً أن الاتحاد العام لنقابات العمال لم يترك مؤتمراً أو مجلساً إلا وطالب فيه بتسوية أوضاع العمال المؤقتين، أما القضايا التي نحن بصددها الآن فلا تمس شركة أو معملاً بعينه كما هي العادة، وإنما القضية هذه المرة ترتبط بالعقود الموسمية للعاملين في مشفى التوليد وأمراض النساء الجامعي الذي يتبع إدارياً لوزارة التعليم العالي التي تعاقدت مع /53/ عاملاً وعاملة بعقود موسمية اعتباراً من العام 2001 وحتى الآن، وذلك بسبب نقص الكادر الإداري في المشفى، وتم بعد ذلك التاريخ تجديد عقود هؤلاء العمال حتى تاريخه نظراً للحاجة الماسة لخدماتهم، ومن أجل تحسين سير العمل، حيث أنهم يعملون في أماكن حساسة في المشفى (المحاسبة، الديوان، القبول، الإدارة، المخبر).

وبسبب هذه الحاجة قامت الوزارة والمشفى بإرسال العديد من الكتب المتعلقة بهذا الشأن إلى رئاسة مجلس الوزراء والاتحاد العام لنقابات العمال ومكتب العمال القطري ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والجهاز المركزي للرقابة المالية، من أجل إيجاد حل عادل ومنصف لهؤلاء العمال، وكان الرد دائماً التقيد بالقوانين والأنظمة.
وقد نوقش الموضوع في مؤتمر نقابة عمال الخدمات الصحية في اتحاد عمال دمشق، حيث أوصى المؤتمر بإيجاد حل سريع لهذه الشريحة من العاملين، علماً أن هؤلاء العمال مسجلون في مكاتب الشؤون الاجتماعية والعمل بدمشق وريفها، وجميعهم مشمولون بالتأمينات الاجتماعية، وبناءً على هذه المعلومات والبيانات أرسل وزير التعليم العالي كتاباً إلى رئيس مجلس الوزراء تحت رقم 2898/م.ش، يقترح فيه بأن يتم التعاقد معهم بعقود سنوية ريثما يتم تسوية وضعهم وتعيينهم على الملاك، نظراً لوضعهم المادي والاجتماعي الصعب، وكونهم معيلين لأسرهم، وحرصاً على المصلحة العامة وللحاجة الماسة لهم في حسن سير العمل، وبناء على المقترح وعلى مطالب العمال حصل على موافقة رئيس مجلس الوزراء بالكتاب رقم /7466/ تاريخ 19/8/2008 الذي يوافق فيه  على الاستمرار باستخدام المومأ إليهم واستثنائهم من الدور المتسلسل في مكتب التشغيل، وذلك لمن تم استخدامهم قبل عام 2005، والتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والجهاز المركزي للرقابة المالية. حيث أرسل معاون وزير التعليم العالي للشؤون الصحية كتاباً إلى مدير عام مشفى التوليد الجراحي، يطلب فيه تسوية أوضاع هؤلاء العمال، في ضوء تعميم رئاسة مجلس الوزراء رقم 5659/15 بتاريخ 10/9/2008.
 

ماذا يقول القانون؟
وللتأكيد على صحة مطلب هؤلاء العمال قانونياً سنبين فيما يلي النصوص القانونية التي تجيز لهم الحصول على هذه التسويات اعتماداً على النصوص التي قدمها الجهاز المركزي للرقابة المالية إلى رئاسة مجلس الوزراء، ومن خلال التدقيق تبين لنا حسب العقود أن المشفى تعاقد مع عدد من العمال بموجب عقود مؤقتة موسمية وسنوية بتواريخ مختلفة بدءاً من عام 2001 وحتى تاريخه، وقد نصت المادة /146/ من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم /5/ لعام 2004 على ما يلي: «يجوز للجهة العامة، وضمن حدود الاعتمادات المرصودة في الموازنة لهذا الغرض استخدام عمال مؤقتين في أعمال مؤقتة بطبيعتها، أو موسميين، أو عرضيين».
ورأى الجهاز المركزي أنه في حال حاجة المشفى لهؤلاء العاملين وتوفر الاعتمادات اللازمة نرى ضرورة تسوية وضعهم لدى مكاتب التشغيل، من حيث حصول هؤلاء العمال على ترشيحات أصولية، واستثناءهم من الدور المتسلسل على اعتبار أن بعضهم مسجل لدى مكاتب التشغيل المختصة، وجرى استخدام أغلبهم منذ عام 2001 واستمروا حتى تاريخه، أو تعيينهم بصفة دائمة، في حال توفر الشواغر اللازمة لدى المشفى، لاستقرار أوضاعهم الوظيفية، مع مراعاة أحكام القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم /50/ لعام 2004، ولاسيما المادة العاشرة منه.

 

الكل موافق والجميع متردد
مدير عام مشفى التوليد وأمراض النساء الجامعي أرسل كتاباً إلى معاون وزير التعليم العالي للشؤون الصحية يقول فيه:
«إشارة لتعميم رئاسة مجلس الوزراء رقم 5659/15 تاريخ 18/9/2008 وكتاب رئاسة مجلس الوزراء رقم /7466/ تاريخ 19/8/2008 وكتاب الشؤون الاجتماعية والعمل رقم ق.ع /1/ /19446/ تاريخ 22/10/2008 يرجى الإطلاع والموافقة على إجراء عقود سنوية للعاملين في مشفى التوليد والذين تم استخدامهم قبل عام 2005 وذلك لحاجة المشفى إلى خدماتهم»
وجاء رد  نزار الضاهر معاون وزير التعليم العالي للشؤون الصحية سريعاً على هذا الكتاب:  «إشارة إلى كتابكم رقم 1376/ص.ت تاريخ 22/6/2009 المتضمن طلب الموافقة على إجراء عقود سنوية للعاملين في المشفى، وللذين تم استخدامهم قبل عام 2005 وبناء على القرار رقم 1437 تاريخ 4/6/2006 المتضمن تفويضاً ببعض صلاحيات السيد الوزير.
لا نرى مانعاً أو ما يمنع من إجراء عقود سنوية للعاملين المذكورين أعلاه ضمن الشروط الواردة في موافقة رئيس مجلس الوزراء وفق الأصول القانونية المتبعة، شريطة أن تكون الوظائف فنية أو مهنية على سبيل الحصر».

تهرب من المسؤولية
تبين مما سبق أن الجميع موافق، لكن التهرب من المسؤولية صفة لازمت الجميع عند القرارات الصادرة والواردة، لذلك فإننا نرى أن الجميع يتحمل مسؤولية ما وصلت إليه أوضاع هؤلاء العمال، والأكثر مسؤولية هي إدارة المشفى التي رغم صدور كل هذه الموافقات من الجهات المعنية لم تحرك ساكناً باتجاه التثبيت، خاصة وأن موافقة رئيس مجلس الوزراء على شرط التسلسل في مكاتب التشغيل واضح وصريح ولا لبس فيه، فلماذا كل هذه المماطلة؟
وهل يبقى العامل عرضة للتسويفات والتفسيرات الشخصية التي ستودي به إلى الشارع؟!
 إن قضية هؤلاء العمال فيها كل الشرعية، وعلى أصحاب القرار إيجاد حل عادل لها، وفي ذلك الضمانة الحقيقة لكرامة المواطن التي هي أغلى وأعلى من أي اعتبار.

معلومات إضافية

العدد رقم:
431