في اجتماع مجلس اتحاد عمال دمشق: بعد انحسار دور الدولة... النقابات تبحث عن نفسها

رغم غياب عدد لا بأس به من القيادات النقابية عن الاجتماع الأخير للمجلس، فإن قضايا مهمة أثيرت فيه وقدمت مقترحات في غاية الأهمية، الأمر الذي يتطلب من الاتحاد العام لنقابات العمال، وبالأخص القواعد النقابية الاستعداد الجيد للمرحلة القادمة، التي قد تحمل في طياتها الكثير من المفاجآت غير السارة، حتى تكون الصدمة أقل وقعاً على الحركة النقابية برمتها.

جمال القادري (رئيس اتحاد عمال دمشق):
الحياة النقابية ليست مجرد بريستيج روتيني
 بعد تقديمه للعرض السياسي الدوري، تطرق إلى الوضع الاقتصادي مستنداً بذلك إلى قرارات ونقاشات الاجتماع الأخير للاتحاد العام الذي اتفق المجتمعون فيه على أن اقتصاد السوق الاجتماعي قد أصبح واقعاً بعد إقراره من القيادة السياسية، رغم أن هذا التحول قد أدى إلى انحسار دور الدولة، واتساع القطاع الخاص، وتحول إدارة الاقتصاد الوطني من نموذج الاقتصاد المركزي إلى نموذج اقتصاد السوق الاجتماعي منذ البدء بالخطة الخمسية العاشرة، وأكد القادري على اختلاف الرؤى في اجتماع الاتحاد العام، ورأى فيه حالة صحية في الحياة النقابية، نظراً لضرورة اشتراك الكوادر النقابية في كل عمليات التطوير والتحديث، وضرورة قيامها بلعب دور حقيقي في اتخاذ اللجان النقابية للقرارات الصائبة.
 وأشار القادري إلى ضرورة رجوع بعض القيادات عن أخطائها وتصحيح مسارها، خاصة تلك التي ظنت أن الحياة النقابية مجرد بريستيج روتيني، مما أدى إلى الفوضى في بعض مجالات العمل. وأكد رئيس الاتحاد عمال دمشق أن التحدي الأبرز مازال يتعلق بعمال القطاع الخاص، متمنياً أن لا تصل به الأحوال إلى ما وصلت إليه أحوال عمال القطاع العام. وكشف القادري عن نية الاتحاد بإلغاء بعض النشاطات التي يقوم بها الاتحاد مثل النادي الرياضي والمسارح التي يقدمها الاتحاد، وهذه سابقة خطيرة في إنهاء دور المنظمات العمالية في الأنشطة المركزية، بعد إصرار كل المنظمات الأخرى الإبقاء على اتحاداتها الرياضية، وفي ختام مداخلته قدم اقتراحاً لإحداث مركز للدراسات العمالية من أجل تقديم الإحصائيات لأية قضية تخصُّ العمال، والتركيز على الثقافة العمالية.
 
صالح منصور (رئيس نقابة عمال النسيج):
هل نسيتم خريجي المعاهد المتوسطة؟
تحدث عن التناقض الكبير في عدد العمال في القطاع العام، نتيجة القرارات الأخيرة بخصوص بعض المنشآت، هذا الأمر الذي أدى إلى النقص الحاد في الواردات وفي صناديق الاتحاد.
 وتناول منصور موضوع العمالة الفائضة التي زادت عن حدها، كما تحدث عن ضرورة تعيين خريجي المعاهد المتوسطة الذين مضى على تخرجهم سنين عديدة دون الحصول على فرصة عمل تأويهم، وانتقد منصور شركة سندس التي لم  تستجب أية جهة لكتبها، ولم تستطع استرداد الأموال والديون المتراكمة عليها من البضائع والمنسوجات.
 
علي مرعي (رئيس نقابة عمال النفط):
عفواً رئيس الوزراء... التعديات لم تنته!
ركز على أن تطوير العمل كان يجب البدء به من جميع المكاتب منذ بداية الدورة النقابية، وهذا ما اعتمدته نقابة عمال النفط، من خلال زياراتها المتكررة إلى مواقع العمل والإدارات المختلفة، من أجل تمتين اللحمة والعلاقة بين العمال واللجان النقابية، وقدم مرعي أربعة مطالب مهمة لتحقيقها في الفترة القادمة، أولها تحديث الأجهزة الجيوفيزيائية التي تعمل على كشف النفط بأقرب وقت، وثانيها تعديل القانون /59/ المتعلق بالمركز الوطني للزلازل، وإعطاء عماله كافة الامتيازات أو التعويضات الممنوحة لهم، وثالث النقاط أن فرحة النقابيين لم تدم طويلاً حين أعلن رئيس مجلس الوزراء في لقائه مع منتدى البعث الاقتصادي انتهاء مسلسل التعديات على خطوط النفط، لأن هذه التعديات مازالت مستمرة وبشكل شبه أسبوعي، والنقطة الرابعة هي غلاء الأسعار في أسواقنا دون حسيب أو رقيب من الجهات المعنية، مما أثر سلباً على حياة المواطن وخاصة فئة العمال، وأصحاب الدخل المحدود.
 
محمود رحوم (رئيس نقابة عمال الصناعات الغذائية):

التوظيف بات حلماً مستحيلاً
 تناول ثلاثة مواضيع هامة:
الموضوع الاول: تم إصدار مرسوم بإحداث شركة للمياه مقرها طرطوس تضم شركات دريكيش والسخار وبقين والفيجة، وهذا يعني إلغاء دور المنافسة وزيادة التكاليف على المنتج نتيجة لإضافة أعباء جديدة على الشركة (إعداد موظفين وآليات وأذونات سفر وزيادة في المعاملات). أما بالنسبة لموضوع توقيف منح تعويض الاختصاص للفنيين المعينين بعد عام 1986 في وزارة الصناعة، فإن النقابة قد أعدت مذكرة للمكتب التنفيذي لمناقشة الموضوع وإيجاد حل له.
أما الموضوع الثاني والمهم قديماً وحديثاً أنه وبتاريخ 1/1/2001 صدر المرسوم /547/ القاضي بنقل مقر مؤسسة الحبوب من دمشق إلى محافظة الحسكة، ولم يذكر المرسوم أي شيء عن وضع العمال فتم فرز عدد من العاملين إلى شركة المطاحن والمخابز والصوامع، وبقي عدد آخر منهم في مقر المؤسسة ويقدر عددهم بنحو /150/ عاملاً من أجل متابعتهم، وحتى الآن لم تسو أوضاع العاملين المفرزين بإيجاد شواغر لنقلهم إلى الجهات التي فرزوا إليها، على الرغم من توصيات اللجنة الاقتصادية والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، وبما أن أغلب العاملين يسكنون في مدينة دمشق فلابد من نقلهم إلى شركات واقعة ضمن مدينة دمشق حسب المادة /31/ من القانون الأساسي للعاملين في الدولة، ومنذ يومين أصدر المدير العام أمراً إدارياً بنقل رئيس اللجنة النقابية وعدد من العاملين إلى فرع دمشق في سبينة، وقد رفع العمال تظلماً إلى مكتب النقابة التي نقلت بدورها معاناتهم إلى المدير العام لإعادة رئيس اللجنة النقابية والعمال إلى مكانهم الأول، وإلى الآن لم يأت جواب.
أما الموضوع الثالث الذي تناوله رحوم فكان بخصوص عدد المسجلين في مكاتب التشغيل، والذي بلغ مئات الآلاف، وأصبحت الوظيفة في الدولة حلم الشباب، وأملاً بعيد المنال، ويوماً بعد يوم تزداد العقبات أمام طالبي العمل، وبلاغ رئاسة مجلس الوزراء الأخير تحت الرقم 6/ب / 3572/15 تاريخ 27/5/2009 الذي وضع شروطاً جديدة للتعيين في الدولة، والذي يشترط إتقان اللغة الأجنبية والعمل على الحاسوب جاءت صعبة، لأننا في السابق كنا بعد التوظيف نجري دورات داخلية وخارجية حتى امتلكنا الخبرة، وهذا يعني أن الحديث عن وظيفة في الدولة ما عاد فيه أمل نهائياً، إذا اعتمدت هذه المعايير بشكل نهائي.

سهيلة قواص (عضو مجلس):
هموم المرأة العاملة
أكدت على أن الاهتمام بقضية المرأة العاملة من صميم العمل النقابي، خاصة بعد أن توضح أن النساء في معظم المجتمعات لم يكن يعرفن أبسط قواعد التنظيم النقابي.
 وفي حديثها عن صندوق الزمالة أكدت قواص على تشكيل لجان خاصة بكل مكتسب للمساعدة في التنقلات والمساعدة في الحالات الطارئة، وضرورة تحويل نسبة /1%/ من هذه المساعدات للاتحادات النقابية.
 
حسام منصور (رئيس نقابة عمال المصارف):
أسلوب الحوار مع أرباب العمل لم يجد نفعاً
 أكد على ضرورة الشفافية في الأحاديث والاجتماعات النقابية عن أوضاع العمال في القطاع الخاص،  بعد أن وصلنا إلى مرحلة الإدراك التام بأن أسلوب الحوار الذي اعتمدناه لم ولن يجدي نفعاً مع أرباب العمل، وإذا كانت الحكومة قد أصدرت مجموعة من النظم والتشريعات لجلب واستقدام المستثمرين فإن هذه الإجراءات سارت بطريق مخالف، خاصة وأن المستثمر القادم كل همه أن يأخذ فقط، دون تقديم أو إعطاء شيء مفيد لهذا الوطن، وأكد منصور على أن قضية المقايضة التي يتم الحديث عنها في تقديم مزايا للعمال من أجل تنسيبهم إلى المنظمة النقابية لم تعد صحيحة، وهذه القضية بحاجة إلى تصحيح مسار المنظومة النقابية.
 
محمد غسان منصور (رئيس نقابة عمال الأخشاب والبناء):
تعميم التثبيت أم تعتيمه!
 تحدث عن قضية هامة جداً بعد أن وصله التعميم الذي أصدره وزير النقل، والذي أثارت انتباهه فيه نقطتان في غاية الأهمية، دون التقليل من أهمية بقية النقاط التي طلبها الوزير في مذكرته. النقطة الأولى: عدم اللجوء إلى الإعلان عن مسابقات جديدة لتثبيت المتعاقدين لدى الجهات العامة. وتساءل منصور: ما مدى علاقة هذا البند بالقرار الذي أصدره رئيس مجلس الوزراء حول تثبيت العمال؟!!
 والنقطة الثانية يطلب فيها الوزير تطوير مستوى التأهيل اللغوي والمعلوماتي للعاملين بالدولة، ورفع مستوى معايير الدخول إلى العمل الوظيفي، ووضع معايير واضحة للتنفيذ. مما يطرح سؤالاً آخر: لماذا لا يتم تأهيل هؤلاء وضمهم إلى القطاعات العامة فوراً؟!
 أما النقاط الأخرى المهمة في التعميم (التشدد، تجنب رفع مشاريع مراسيم زيادة الملاكات، عدم تضخيم الملاكات العددية، الاهتمام بموضوع الأرقام والمؤشرات الإحصائية، العمل على اعتماد أرقام موجودة معتمدة لدى الجهات كافة وتجنبها طرح أرقام متناقضة، وضرورة معالجة موضوع القوانين التي لا تنفذ وإعادة دراسة هذه القوانين للوقوف على ضرورتها أو التخلص منها) فقد أكد منصور بخصوصها على أن المكتب النقابي، رفع مذكرة إلى الاتحاد المهني وإلى الوزارة ورئاسة مجلس الوزراء حول طريقة وماهية التثبيت التي تم طرحها من رئاسة الوزراء، وخاصة في مسألة التعيين التي لم تعد مفهومة، فتعميم التثبيت جاء على شكل تعتيم لا تعميم!!
 إياد ملكي (عضو مجلس):
الإدارات تستهين بأعضاء اللجان النقابية
 تطرق لقضية هامة عندما أكد أن ممثلي العمال غير فعالين وغير مشاركين في العملية الإنتاجية، وليس بإمكانهم فعل شيء للعمال لأن الإدارات أصبحت تنظر إلى أعضاء هذه اللجان كموظفين فقط، ولا يحسبون لهم أي حساب. أما بخصوص تمتين العلاقة بين القواعد العمالية والقيادات النقابية فلن يتحقق منه شيء حتى اللحظة لأن بعض هذه القيادات دخلت نفق المصالح الشخصية، والمطلوب من القيادات النقابية أن ترجع إلى طريقة العمل النضالي، وأن تحرض أعضاء اللجان النقابية على التحرك ضد أية إدارة أو وزارة تقف ضد مصالح الطبقة العاملة أو تحاول التقليص من مكاسبها.
 
نبيل بركات (رئيس نقابة عمال الصناعات الخفيفة):
الاتحاد النسائي وصناعة الجلود!!
 نوه إلى الحالة المزرية لبعض صناعاتنا نتيجة الانقطاع المستمر للكهرباء الذي أثر بدوره على العملية الإنتاجية ككل في أغلب المعامل. وبالأخص الانقطاع المستمر في الشركة المطاطية بعد أن انتقلت بجهود عمالها من مرحلة الخسارة إلى مرحلة الربح.
 أما بخصوص موضوع الشركة العامة لصناعة الأحذية فقد أكد بركات أن الأدوات طورت في الفترة الأخيرة العمل في مجال إنتاج الحذاء المدني إضافة إلى الحذاء العسكري، وهناك نية حقيقية بزيادة الإنتاج وتحسين جودته. أما الشركة العامة للدباغة فقد ضمت إلى الاتحاد النسائي في الحسكة!! والسؤال ما علاقة الاتحاد النسائي بصناعة الجلود؟!
 
عبد العليم بكور (المسؤول الاقتصادي في الاتحاد):
لابد من حلِّ اللجان المقصرة
 اقترح حل اللجان النقابية المقصرة، وإيجاد طريقة لإنزال العقوبات بكل اللجان التي لا تعمل.
 أما بخصوص العمل في القطاع الخاص فقد أكد أن أسلوب الحوار مع بعض أرباب العمل لم يعد مجدياً، ولابد من التغلغل بين صفوف العمال في منشآتهم، وتنسيب العمال إلى النقابات، وتعريفهم بثقافة العمل، إضافة إلى منح امتيازات لعمال القطاع الخاص من خلال ربطهم بمستوصفات النقابة أو المشفى العمالي، وتشميلهم بطبابة شبة مجانية.
 
إنعام المصري (عضو المكتب التنفيذي لشؤون الثقافة):
مفارقات غريبة!
قالت إن اعتماد نظرية تطوير العمل النقابي في المرحلة الحالية، وبهذه الطريقة من الطرح، يشكل خطورة على التنظيم النقابي، خاصة وأن التحضيرات على قدم وساق لوضع الخطة الخمسية الحادية عشرة، بالتزامن مع إقبال حزب البعث على عقد مؤتمره.
 وأكدت المصري على ضرورة إلزام وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالجلوس على طاولة الحوار، بعد أن دعت في الفترة الأخيرة إلى إقامة ورشات عمل خطيرة بمفاهيمها على الحركة النقابية التي يجب أن تكون الشريك في كل ما يصدر بخصوصها أو يمسها كحركة نقابية.
لقد لوحظ في الأيام والأسابيع الأخيرة إعطاء الوزارة تراخيص لعدد لا بأس من الجمعيات الأهلية التي أصبحت في كل مكان، بينما يأتي الاتحاد العام ليقترح علينا إلغاء الأندية العمالية، وهذا بحد ذاته مفارقة غريبة.
 
شعبان شعبان (عضو مجلس):
مفاجأة الاجتماع
 كان آخر المتحدثين واقترح نقطة مهمة جاءت بمثابة مفاجأة الاجتماع، عندما دعا القيادات النقابية لعقد مؤتمرٍ استثنائي من أجل تقديم ورقة عمل إلى الجهات العامة والوصائية في الدولة تبين فيها وجهة نظر التنظيم النقابي في تعديل قوانين التنظيم، حتى لا نتفاجأ بالتعديلات القادمة، وأن تكون هذه التعديلات معتمدة على القرارات التي اتخذتها النقابة في المؤتمر 24 و25 للاتحاد العام.
■■

معلومات إضافية

العدد رقم:
416