بصراحة: عمال ومعامل تحت رحمة «الإصلاح»

في الوقت الذي أكد فيه وزير الصناعة د. فؤاد عيسى الجوني في تصريح لإحدى الصحف المحلية أن ما يقال عن عدم وجود إصلاح في شركات القطاع العام الصناعي لا أساس له من الصحة، وأن هناك خطا مدروسة وقاعدة متينة لانطلاقة القطاع الصناعي بشقيه العام والخاص، ليكون له دور كبير في التنمية الاقتصادية. وافقت رئاسة مجلس الوزراء على عرض شركة بردى للاستثمار الخاص المحلي أو الأجنبي، مع إمكانية تجزئة الاستثمار حسب توزع مواقع الشركة، هذا القرار الذي جاء بعد فترة وجيزة من اجتماع المجلس العام لاتحاد نقابات العمال، واجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث، هذان الاجتماعان اللذان أكدا الحفاظ على القطاع العام واستمراره، وتقديم كل التسهيلات لإصلاحه.

 لقد جاء قرار الموافقة وطريقة عرض الشركة للاستثمار ضمن أسوأ الاحتمالات التي كان يتوقعها أكثر المتشائمين لمصيرها، بعد أن صنفتها الحكومة ضمن قائمة الشركات المتعثرة، وأوضح الوزير في تصريحه  أن هناك نحو 17 قراراً يتم العمل عليها بشكل عملي فيما يخص إصلاح القطاع العام، لتسهيل عمله من النواحي الإدارية والإنتاجية و...الخ، وقد اتخذت هذه القرارات من مجلس الوزراء، ولاسيما فيما يخص معالجة موضوع العمالة الفائضة لتقليل خسائر القطاع العام. مؤكداً على  عدم وجود نية لدى الوزارة لنقل نحو 3000 عامل آخرين من العمالة الفائضة إلى وزارتي التربية والثقافة.

مضيفاً أن هناك مشروعات فعلية سيتم العمل على أساسها لإصلاح القطاع العام الصناعي بداية العام القادم، وقبل أيام من قرار مجلس الوزراء وتصريح وزير الصناعة، صرح مدير عام الشركة العامة للصناعات المعدنية موفق عتيق: «إن المصرف التجاري السوري من خلال فرعه رقم /6/ قد حجز على رصيد الحساب الدائن للشركة والبالغ ما يقارب /8/ ملايين ليرة سورية، متضمناً مبلغ ثلاثة ملايين ليرة سورية كان قد تم تحويله من المؤسسة العامة للصناعات الهندسية، لتمويل فتح اعتماد مضاعف للبرادات، وهو الاعتماد الذي لم تتمكن الشركة من فتحه نتيجة لتجميد جميع حساباتها لدى فرع المصرف».

إن الموافقة النهائية التي جاءت من رئاسة مجلس الوزراء، جاءت بعد احتمالات متعددة توقعها العاملون في هذه الشركة، بالإضافة إلى التصريحات المتضاربة والمتناقضة أحياناً أخرى من الوزارة بالابقاء عليها وإصلاحها أو تحويلها للاستثمار، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: ما مصير باقي الشركات التي تحدث عنها الوزير؟ والتي شملها ضمن العملية الإصلاحية من بين أكثر من /15/ شركة ليست بأحسن حالاً من شقيقتها بردى، فهل تتحول هي أيضاً إلى الاستثمار أو البيع؟ أم ستجد من ينقذها من براثن مخسريها؟ إن كل ما تم اتخاذه حتى اللحظة يطرح  عشرات الأسئلة على الحكومة عن مصير القطاع العام الصناعي بكل قطاعاته الإنتاجية، في ظل هذه الخطوات البطيئة جدا نحو إصلاحها طيلة السنوات الماضية، والطريقة المجحفة بحقها وبمصير آلاف العمال الذين يعيشون من الرواتب القليلة أصلاً التي يتقاضونها، فهل من حلول أخرى أكثر ديمومة؟