التعليم المفتوح.. أيهما أصعب الفتح أم الإغلاق؟؟

اتخذ مجلس التعليم العالي مؤخراً عدة قرارات حول برامج نظام التعليم المفتوح، حيث قرر إيقاف بعض الأقسام، وإنهاء بعضها الآخر خلال فترة عشر سنوات، دون أن يجري أي توضيح للرأي العام وللطلبة تحديداً على ماذا ارتكز أصحاب الأمر عند إصدار هذه القرارات؟

فما هي الأسباب الحقيقية للقرارات الأخيرة التي اتخذها المجلس؟ هل هي لخدمة أصحاب الجامعات الخاصة كما يشاع بقوة اليوم في الشارع؟ أم هي مقدمة لإيقاف هذا التعليم بشكل نهائي ليتجاوز بذلك المرسوم الجمهوري بهذا الخصوص؟ مامصير الطلاب الذين يستنفدون السنوات المحددة للتخرج جراء هذه الاجتهادات العجيبة؟ ألا تكفي تجربة خمس سنوات ليتفق الطاقم الوزاري على رأي واحد حول حقوق الطالب وواجباته؟ أين تذهب هذه الأرقام الخيالية من الموارد التي جمعتها خزائن التعليم المفتوح ومازالت البنية التحتية كما هي؟ لماذا هذه النظرة الدونية من جميع الجهات الرسمية للطالب المتخرج من التعليم المفتوح؟؟؟

كل هذه الشجون والاستفسارات سنطرحها في تحقيقنا التالي مع أصحاب الشأن.

يجب المعادلة بين الكمية والنوع

■ الدكتور أحمد نتوف رئيس مركز التعليم المفتوح بدمشق:

إيقاف التعليم المفتوح الذي جاء بناء على القرار الصادر من مجلس التعليم العالي، يعتبر إجراء استراتيجياً من أجل تأمين شروط أفضل لخدمة الطلاب ونقلة في اتجاه الجودة، الوضع كان مأساوياً فكان يجمع الطلاب دون أن يقدم أية خدمات يستحقها الطالب وذلك بأن يدخل الجامعة معززاً مكرماً ويتخرج كذلك ويلاقي العلم الذي يبتغيه، والتعليم المفتوح بالمحصلة نموذج من التعليم الذاتي، والبنية التحتية لم تكن مهيئة لتخديم هذا الكم  الهائل من الطلاب، فلدينا في أحد الأقسام مثلاً 60 ألف طالب بينما الطاقة الاستيعابية 40 ألف طالب أي بزيادة 20 ألف طالب!! وهذا يعني استنفاراً كاملاً في الجامعة أيام الامتحانات، ومع ذلك هناك مشاكل ومطبات كثيرة وخاصة في التوزيع، فأحياناً يكون لدينا 7000 مقعد وعدد المتقدمين للمادة 9000 فأين نضعهم؟؟ هل نضعهم في العراء لتقديم الامتحان، فالإجراء أو القرار هو تعليق سنة، حتى نصل خلال هذه الفترة إلى الحلول الاستراتيجية في التخديم الأمثل للعدد الموجود لدينا، ونضيف مستقبلاً الأعداد التي باستطاعتنا أن نستوعبها، لذلك فإن الأسباب الرئيسية للقرار هي أن الطاقة الاستيعابية للقبول في التعليم المفتوح أدنى بكثير من العدد الموجود، ومن الحلول الاستراتيجية الأخرى المقترحة هو شراء قطعة أرض في منطقة يلدا بمساحة 84 دونم من أجل إقامة جامعة للتعليم المفتوح، والدراسات المسحية بدأت أعمالها من أجل إنشاء مبان بالسرعة القصوى، وهذه المساحة عملياً تكفي للعدد الذي ذكرناه سابقاً (60 ألفاً) بسهولة وبكل التجهيزات الضرورية.

وبالنهاية التعليق من الوزارة لم يأت على كل البرامج بل لبعض الأقسام في دمشق، فلو كانت هناك نية بالإغلاق لكنا أغلقناه في كل سورية، فالقرار هو تعليق وليس إغلاق لمدة سنة واحدة، أما بالنسبة للأقسام التي أغلقت نهائياً فيفضل التوجه بالسؤال لأصحاب الشأن بتلك المراكز، ولكن من الأسباب المباشرة لهذا القرار هو الشكاوى الدائمة، فمثلاً اتصلت إحدى الطالبات في قسم هندسة ونظم المعلومات مع وزير التعليم العالي وأكدت أنها أصبحت في السنة الثالثة وإلى الآن لم تشاهد الحاسوب؟؟ إن من المفترض أن يوجد على أقل افتراض بعض التجهيزات الضرورية في هذا الاختصاص وخصوصاً أجهزة كمبيوتر من 2000 ـ 3000 كمبيوتر كحد أدنى كاختصاص عملي، أما في جامعتنا فلا يوجد اختصاصات عملية.

أما موضوع الدراسات العليا فهو أصلاً لم يفتح حتى يغلق، ونحن أخذنا بالتجربة من المصريين الذين لم يفتحوا أقساماً للدراسات العليا حتى الآن، وهذه الحالة تنطبق على الكثير من الدول التي أخذت بالتجربة ولم تفتح باباً للدراسات العليا، وهنا يحضرني تعريف التعليم المفتوح والهدف منه في تعليم ومتابعة دراسة من فاتهم قطار التعليم، ليس هناك مايسمح أو يمنع ولكنني مع السماح بشروط، لأن العملية التدريسية خلال خمس سنوات من التجربة أنتجت الكثير من الأخطاء.

فمثلاً نسب النجاح في كلية التربية عالية جداً، فهل يمكن فتح الدراسات العليا لجميع الطلاب ومساواة هؤلاء الطلاب بالجامعة الرسمية التي لم يفتح فيها قسم الدراسات العليا بعد 60 سنة من الافتتاح؟؟ ونعود ثانية لنعرف التعليم المفتوح والهدف من افتتاحه وهو رفع مستوى الشريحة المتقدمة إليه ثقافياً بما يخدم المجتمع، فآلية التدريس والمناهج غير الآلية في التعليم الرسمي، فنحن لانخلق أو نجهز باحثاً وإنما نعطي الشهادة للمتقدم إليه لتحسين وضعه الوظيفي ووضعه في المجتمع، نحن الآن بصدد ضبط نسب النجاح بحيث تعطي جودة للخريج وجودة للشهادة، وهذا لايتعلق بسهولة نجاح الطالب لأننا هنا نظلم العلم فمعدل 75% لدخول قسم الترجمة شرط موضوعي، ومن حق الوزارة، لأنه ليس من المعقول أن طالب الترجمة ليس باستطاعته التعريف عن نفسه باللغة الإنكليزية! ويدخل هذا القسم فيصبح هذا الطالب عالة على نفسه وعلى الجامعة وعلى المجتمع معاً، والحقيقة أن من أهم النقاط التي يجب أن يفهمها الجميع هي أن الحديث عن المبالغ والأرقام الخيالية من الوارادات تذهب لخزينة الدولة، لذلك فأنا بعد استلامي المركز عملت وركزت على عدة أشياء إسعافية، فمثلاً في قسم الإعلام نعمل على إنشاء استوديو من أجل التطبيق العملي مجهز بالكمبيوترات وأجهزة التلفزيون والتسجيل وأجهزة الـ D V D وهناك مخبر لقسم الترجمة قيد الإنجاز.

نحن لم نغض النظر عن أي معوق، فالإجراءات ماضية على قدم وساق من أجل خدمة الطالب، ولكن نحن دائماً بمواجهة الأزمات وخاصة مايتعلق بعدد الطلاب، فهل نحن بصدد إيجاد جودة أو تجمع أو مؤسسة اجتماعية أو خيرية؟ هذه مؤسسة أكاديمية لها شروطها في كل دول العالم، فليس من المعقول أن نفتح الباب على مصراعيه للكل من دون أية مشاكل.

يجب المعادلة بين الكمية والنوع، والذي يحصل لدينا الكمية فقط والكم لم يعد يقدم له شيء من الخدمات اللازمة، بالنهاية لابد من سياسة استيعابية وفق شروط تمنحه الجودة.

ايقاف التعليم المفتوح

يتجاوز المرسوم الجمهوري

■ الدكتور عطا الله الرمحين رئيس قسم الإعلام سابقاً:

المسألة واضحة، عندما نغلق باباً يفتح باب آخر، وطالما أنك لم تتبنّ الباب الآخر الذي استفاد منه البعض من الأفراد، والتعليم الخاص تجربة جديدة مازالت تعد وليدة ولاأعتقد أنه على المدى المنظور ستترك أثراً ملحوظاً على حياتنا العملية والأكاديمية في هذا البلد، ومن يراقب العملية التعليمية في الجامعات الخاصة يرى فقدان ذلك الأثر، والبرهان على ذلك أن هناك مجموعة من الأساتذة يدرّسون المقررات في هذه الجامعات وهي ليست من اختصاصهم وإنما (تنفيعة) لهذا الرجل أو ذاك، وبالتالي إذا تحول العلم إلى مصالح شخصية فماذا سيستفيد الطالب الذي يدفع أمواله؟ أما قضية التعليم المفتوح باعتباره قضية مجتمع ودولة، فضرب هذا التعليم وإيقافه يعني تجميد أموال بمئات الملايين وإبعادها عن خزينة الدولة وخزينة الجامعة، فنحن في قسم الإعلام منذ 20 سنة نطالب الجامعة باستوديو، والجواب دائماً ليس لدينا ميزانية للشراء! وأنا أقول هذا غير صحيح، لأن التعليم المفتوح لديه ميزانية ويعطي ويفتح هذه الوسائل للتدريب.

ولكن هناك من يريد إخفاء هذه المبالغ وإبعادها عن خزينة الدولة لتذهب لجيوب بعض المتنفذين في هذا البلد.

القضية الثالثة والخطيرة أنه لدينا عشرات الآلاف من الطلاب سيرمون إلى الشارع، ونكون بذلك قد أحيينا إعادة الأمية من جديد، وبالتالي كلما انتشرت الأمية وانتشر التخلف كلما أعطينا العدو الصهيوني مبرراً للوجود والقوة.

نحن نريد محاربة إسرائيل بالعلم، والعلم أصبح حلماً، فمن سيقاوم؟ أليس هم الناس البسطاء والفقراء الذين هم أصحاب الوطن الحقيقيين وليس غيرهم؟ هؤلاء الآن يبعدون عن هذا المجال التعليمي وبالتالي ستتوسع دائرة المتخلفين والجهلة.

أعتقد أن المسألة التي يبررون بها إغلاق التعليم المفتوح لاتحل بين ليلة وضحاها ولابشهور ولا بسنة، فبدلاً من وضع شروط يجب إزالة العقبات التي تعترضهم. إيقاف التعليم المفتوح يتجاوز المرسوم الجمهوري الذي أصدره رئيس الجمهورية، وبإمكاننا أن نقول بعد تخرج دفعتين ومرور خمس سنوات على افتتاحه أن التجربة قد نجحت، رغم وجود الكثير من العوائق التي من الممكن إزالتها، وتذليل العوائق هذه مرتبط بشكل أو بآخر بمجموعة من القضايا التي يجب بحثها لوضع حلول أشمل وأقوى وأوسع وفتح المجال أمام كل من يريد أن يتعلم.

هذه ليست مسألة (زيد وعبيد) أريد أن أتعلم في وطني يجب أن تعطى لي الفرصة، التعليم لايشترط علي ولايشترط بأية دولة في الكون، فكيف ننتصر وكيف نحقق تنمية وكيف نحدث ونطور؟؟ هل بازدياد كمية الجهلة في هذا البلد؟ هل بإبعاد الفقراء وأصحاب الدخل المحدود عن العلم والتعليم؟ نحن كأساتذة لانقبل هذا، وبإمكاننا التدريس في الجامعات الخاصة التي تعطي أكثر ما نأخذه في الجامعة الرسمية والتعليم المفتوح، ولكننا لانقبل، لأن مصلحة الوطن تقتضي أن يتعلم كل فرد من أفراد هذا المجتمع، بالنسبة لمسألة الخريجين هناك مشكلة عامة، فحتى الطالب النظامي منذ خمس عشرة سنة أو أكثر لم يوظف، حتى أقسام الهندسات لم تعد تلتزم بالتوظيف. هكذا الحال في جميع الاختصاصات، إذاً المسألة مسألة ثقافة وعلم، المواطن يريد أن يدفع نقوداً ليتعلم ليتثقف وأنت ترفض.

قرار مجلس التعليم العالي أعتبره اجتهاداً متسرعاً لم يضع في الاعتبار البعد الاجتماعي والطبقي والوطني، إذا كانت لدينا الأسباب لوجود مشاكل، المشاكل واضحة لدينا أرقام خيالية في التعليم توضع هذه الأرقام لخدمة هذا التعليم وتطويره وتنظيم العملية التعليمية وتنظيم الكادر ونوعية القبول والتأليف، ليس من المعقول أن نهدم تجربة 60 ألف طالب أبعدوا عن التعليم النظامي نتيجة سياسة الاستيعاب الجامعي التي ستعود لتتفاقم هذه السنة من جديد، وهذا سيشكل أزمة للدولة نتيجة القرار الخطير والخاطئ، الذي أحدث نوعاً من الإحباط واليأس لدى الكثير من الطلاب الذين سيتقدمون  إلى امتحانات الشهادة الثانوية هذا العام ووضعوا آمالاً عريضة على التسجيل في التعليم المفتوح.

قرار الإغلاق أصعب بكثير من قرار الفتح

■ الدكتور أحمد الأصفر رئيس قسم الإعلام في جامعة دمشق:

أنا أستبعد أن يكون القرار لصالح الجامعات الخاصة أو بسببها، وهذه إشاعات والسبب أن قدرة الاستيعاب في الجامعات الخاصة قليلة جداً مقارنة بطلاب التعليم المفتوح، بالإضافة إلى أن الجامعات الخاصة لم تفتح بعد جميع الأقسام التي لدينا، ولكن للحقيقة ربما أن التوجهات أو المسوغات أن التعليم المفتوح أصبح فيه أرقام مرعبة وهذه الأعداد لم تكن متوقعة ولم تتوفر القاعدة المادية لتأمين عدد القاعات والتجهيزات والتقانات.....إلخ.

طبعاً أصبح هناك نوع من التردد والخوف ماذا سنفعل؟ هل ننسحب وليس بإمكاننا الانسحاب، لأن ذلك يتجاوز المرسوم الجمهوري، التجربة يجب أن تنجح وأن نستمر، هناك صعوبات كثيرة من تأمين الكتب ومشاكل القاعات ومشاكل التدريس، والمشكلة أننا دائماً نتطلع إلى التجربة أن تكون جاهزة للتطبيق وهذه التجربة لم تبدأ بهدوء، واندفع نحوها أعداد كبيرة من الطلبة، ولم نوفر لها إمكانيات وظروفاً جديدة واعتمدنا على موارد الجامعة كما هي، والأستاذ هنا كان يطالب بكامل حقوقه والطالب بكل حقوقه وأيضاً الجامعة، ولكن هذا لايعني الانسحاب والإيقاف، هذا خطأ لماذا؟ لأنه كان من الأفضل أن نعيد دراسة التعليم المفتوح دراسة جدية بشكل معمق أكثر، ونضع شروط قبول جديدة لها طالما هناك إقبال كبير، مع إعادة النظر بالنظام وصياغته من جديد حسب المرسوم، حتى هذه الأموال الكبيرة التي دخلت إلى رصيد الدولة لم تخرج منها بعد ذلك، وباعتقادي أن القرار بإيقاف  التعليم إلى السنة القادمة لن يساهم بحل المشكلة لأنها ستعود مرة أخرى وكما كانت، إذا لم تدرس بجدية أكثر وباستراتيجية أفضل، إن هناك عدداً كبيراً من الطلاب في جامعة دمشق تحولوا إلى فروعها بالمحافظات الأخرى، وأصبح هناك التباس كبير بفهمنا للتعليم المفتوح، هناك مايسمى فلسفة التعليم بكل أنحاء العالم، أي التعليم عن بعد وذلك عبر الأنترنت من دون حضور.

العديد  من الصحف تطالبنا ببرامج عملية تطالبنا بالدوام بالمحاضرات وكأنه تعليم رسمي، وهذا غير صحيح. بالنسبة للطلبة أصبح الكل يطالب بالدراسات العليا والدخول إلى نقابة المحامين والصحفيين.. لذلك كان يجب أن يقال للطالب بأن حقوقه كذا وكذا وواجباته كذا وكذا وأن يعرف مسبقاً أن ليس بإمكانه متابعة الدراسات العليا، مع تحديد وجهة نظر واضحة ماذا نريد  من التعليم المفتوح؟ هل فعلاً نطبق سياسة التعلم عن بعد ونكون قد طبقنا سياسة المقررات، المناهج، التعليم، التوظيف، التخرج، لذلك فكان التوقع شيئا والذي حصل شيء مغاير تماماً للخطة والتوقع، أما بالنسبة للموارد فقد دخلت في خزينة الجامعات موارد كبيرة جداً، وهذه مؤسسات تعليمية وليست إنتاجية ولكن أصبح هناك رؤوس أموال هائلة بحاجة إلى نصوص وقوانين لتوظيفها وإعادة استثمارها في الجامعات، وهذه من الإيجابيات الواجب الاستفادة منها، وخاصة في تطوير الأقسام التي أنتجتها، فليس من المعقول أن نضع ملايين من تلك في كلية الطب، وقسم الإعلام لا يملك قاعة مشاهدة وتدريب.

ولكن في النهاية مسألة الإيقاف مؤقتة ولن يقف هذا التعليم والقطاع الخاص ليس بإمكانه استقبال هذا العدد من الطلاب، فكرة الإغلاق غير واردة بتاتاً، وهناك تصور لتطوير هذا التعليم وضمه إلى الجامعة والدليل على ذلك  قانون تنظيم الجامعات الذي ينص صراحة على منصب نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم المفتوح.

إذاَ أصبح هذا التعليم مكوناً أساسياً من مكونات الجامعة ولن يستطيع أحد التفكير بإغلاقه إلا بمرسوم، وهذا ليس ببساطة لأن قرار الإغلاق أصعب بكثير من قرار الفتح.

والخطوة تعتبر إعادة ترتيب بعض الأولويات في الجامعة كتحديد سنوات الدراسة، في النهاية نظام القبول بشكل عام بحاجة إلى إعادة نظر، فسياسة القبول تحتاج إلى دراسة معمقة، بالعموم المشكلة اجتماعية أكثر ماتكون مشكلة علمية وإدارية وتربوية ولكل مشكلة حل ولكن ليس بهذه الطريقة.

التخبط وعدم الرؤية الواضحة

■ مروان قادري ـ خريج دفعة أولى:

يأتي القرار استمراراً للقرارات الارتجالية منذ فكرة الإحداث في زمن الوزير قبل السابق ومااستبقه من مجموعة قرارات غير مدروسة، لا للمقررات العلمية ولا لمستقبل الطلاب ولالتأمين أماكن لهذه الجامعة التي تشبه الافتراضية مع عدم وجود المكان، وهذا يأتي مع غياب العمل المؤسساتي والقرار الأخير يعني التخبط وعدم الرؤية الواضحة التي تتصرف برؤية أفراد، ولايجوز التعاطي بها إذا كان الوضع يتعلق بمصير 100000 طالب، وعليه فيجب استتباع هذا القرار المفاجئ بمجموعة قرارات لاحقة وسريعة مثل كيفية تعليق التسجيل لعام أو الإسراع بإحداث الدراسات العليا، فتح مخابر لغوية لطلاب الترجمة، السماح لطلاب الإعلام باتباع دورات على حسابها مؤقتاً ريثما يحدث قسم من أموال الطلاب لتدريبهم وتأهيلهم.. والأهم إعلان صيغة واضحة لتصنيف هذا النوع من التعليم كونه أكاديمياً يمكن أن يدخله جميع الطلاب الحديثين والقدامى.

■ علي حسن ـ سنة ثالثة:

مع أن فكرة التعليم المفتوح قياساً مع الدول الأجنبية أتت من التعليم عن بعد، إلا أن الإمكانيات المتوفرة لدينا تسمح بإنشاء جامعة بكل مكوناتها، أما ما يخص الأقسام العلمية وإغلاقها، فأظن أن اللوم والعقوبة لا يجب أن يتلقاها الطالب بل المسؤول عن فتح هكذا أقسام علمية من دون أية دراسة مسبقة، ويجب عليه تحمل خطأه، وهذه تعتبر البداية وليس عجباً أن تقوم الوزارة بإلغاء التعليم المفتوح في السنوات القادمة كلياً لتفشل التجربة عن سابق إصرار وتصميم، وكما يشاع في الشارع فهذا لصالح التعليم الخاص والافتراضي والعوض بسلامتنا.

وأخيراَ لابد من القول أن ديمقراطية التعليم التي يحكى عنها منذ حين، قد سقطت بالضربة القاضية، لأنها لم تكن في الحقيقة سوى وهم، ولابد من بحث المعنيين الآن عن شعارات أخرى لتواكب قراراتهم الجديدة التي ينتظرها الطلبة بخوف وتوجس!.

لقد تأكد أن الحكومة لم تسطع أن تقوم بالدور التعليمي المناط بها والذي وعدت به، والسياسة التعليمية والعدد القليل من  الجامعات الموجودة أكبر دليل على ذلك. إن من جملة ما كنا ننوه إليه في صحافتنا أننا كنا وسنبقى دائماَ مع التعليم العام وتحسينه وتطويره، وأن تكون سياسة الاستيعاب الجامعي عادلة ومنطقية لا كما كانت سابقاًَ وما تزال، فبينما كان يجري الحديث تاريخياً عن ديمقراطية التعليم  كان هناك التمييز على أساس الانتماء الحزبي، ومن ثم في الحياة الجامعية (الصاعقة والمظلي والشبيبي)، ولعل القائمين على التعليم على دراية بأن معظم ادعاءاتهم وشعاراتهم التربوية والتعليمية قد سقطت في الهاوية، لذلك أصبح التعليم المفتوح ضرورة موضوعية بعد خصخصة جزء من هذا التعليم الرسمي (العام) عن طريق التعليم (الموازي والافتراضي) والذي فتح عيون أصحاب المليارات والأموال المهاجرة لهذا النوع من الاستثمارات والرغبة بفتح جامعات خاصة بغاية الربح لا بغاية دعم التعليم، وطالب التعليم المفتوح أصبح لديه شكوك جدية، موضوعية غالباً، فهو سواء أكان ما يزال طالباً، أو متخرجاَ بعد سنوات من الدراسة، يرى نفسه أمام جملة من القرارات غير المفهومة التي يتم اتخاذها ارتجالاً، هذا إذا كنا لا نريد أن نسيء الظن، تسيء إليه وتهدد وضعه التعليمي ومستقبله العلمي والوظيفي..

والنتيجة: إن من حق أي مواطن أن يتعلم ومن واجب الحكومات والدول تقديم كل ما يلزم و إلا.........؟

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.