د.أسامة دليقان
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
عندما كنّا تلاميذَ في المدرسة الثانويّة، درَسْنا قانوناً في كتاب الكيمياء مفادُه أنّ سُرعةَ إنجاز سلسلةٍ مترابطةٍ من التفاعلات الكيميائية تُحدِّدُها سُرعةُ التفاعلِ الأبطأ في هذه السلسلة. ويبدو أنّ ما يشبه هذا القانون ينطبق بشكلٍ أكثر عمومية، ليس على الظواهر الطبيعية فحسب بل وكذلك على تطوّر المجتمعات والبلدان وحتى البشرية جمعاء، وفي مختلف المجالات بما فيها الاقتصاد والسياسة.
انعقد المنتدى الاقتصادي الدولي الخامس عشر (روسيا - العالم الإسلامي) في قازان عاصمة تتارستان، بتاريخ 17 أيار الجاري، وهي الجمهورية ذات الطابع الإسلامي حتى في عهد الاتحاد السوفييتي. وكرّس منتدى «قازان 2024» لموضوع «البنية التحتية المالية واللوجستية لروسيا ودول منظمة التعاون الإسلامي». وبلغ عدد المشاركين أكثر من 20 ألف شخص من 87 دولة. ونظّمت أكثر من 150 جلسة بحضور 870 صحافي.
اكتشف فريق بقيادة العالِمة المصرية إيمان غنيم ما يشبه قناة نهرية جافة على بعد عدة كيلومترات غرب نهر النيل أثناء البحث عن آثار للمياه القديمة، وتم نشر مقال عن هذا الاكتشاف في مجلة «الطبيعة» البريطانية منذ أيام قليلة. غنيم عالمة في الجيومورفولوجيا (دراسة شكل الأرض) في جامعة نورث كارولينا في ويلمنغتون. وتمتد القناة المكتشفة لنحو 60 كيلومتراً عبر المناطق الزراعية وكان لها عمق وعرض مماثل لنهر النيل الحديث. ومن الأمور التي قد يساعد هذا الاكتشاف على حلّها هو تفسير كيفية تمكّن المصريين القدماء من نقل الأحجار الضخمة الثقيلة اللازمة لبناء الأهرامات، حيث يفترض أن نقلها سيكون أسهل عبر الماء.
«لا يمكن لأيّ عِلمٍ أن يتطوّر ويزدهر دون صراع الآراء، دون حرية الانتقاد» – (ستالين، الماركسية ومسائل علم اللغة، 1950). تبيّن هذه الحلقة من السلسلة بأنّ ستالين على الرغم من ميله إلى تأييد خطوط أساسية في منهج ليسنكو البيولوجي والزراعي، وتحديداً تقنيات ميتشورين في التهجين، ونظرية لامارك في وراثة الصفات المكتسبة، غير أنّه كانت لديه انتقادات لليسنكو يُستدلّ عليها من حدثين على الأقل: التعديلات التي أدخلها ستالين على مسودة تقرير ليسنكو الشهير أمام مؤتمر أكاديمية لينين للعلوم الزراعية عام 1948، ومحاولة ستالين استعادة توازن ديمقراطيّ في صراع الآراء العِلمية عام 1952 عندما أصدر توجيهاً بإعفاء ليسنكو من منصبه كرئيس لأكاديمية لينين للعلوم الزراعية وأن يُلغَى هذا المنصب وتحلّ بدلاً منه «هيئة رئاسة جماعية» للأكاديمية تضمّ ممثّلين عن المعارَضة العلمية لليسنكو.
«سؤال: لقد تم القبض عليك كمشارك نشط في منظمة مناهضة للسوفييت وعميل لأجهزة استخبارات أجنبية. هل تعترف بذنبك في هذه التهم؟ الجواب: أعترف بنفسي مذنباً لأنني منذ 1930 كنت عضواً في منظمة يمينية مناهضة للسوفييت كانت موجودة في نظام مفوضية الشعب للزراعة في الاتحاد السوفييتي». بهذا أجاب العالِم نيكولاي فافيلوف وفقاً لأرشيفات التحقيق معه العائدة إلى العام 1940، والتي قام الباحث والمؤرّخ الأمريكي غروفر فور بترجمة مقاطع منها في كتابه «أدلّة على تعاون ليون تروتسكي مع ألمانيا واليابان»، 2009.
نتابع في هذه الحلقة توضيح السياق التاريخي الاقتصادي-السياسي الذي لا بدّ منه لتفسير جزء مهم من أسباب حملة التشهير الغربية بعالِم البيولوجيا والزراعة السوفييتي ليسنكو الذي تمّ ربط اسمه بستالين وبالمجاعة الأوكرانية، وتتناول هذه الحلقة الأسباب الحقيقية لتلك المجاعة.
إنّ جزءاً أساسياً من حملة التشهير ضدّ ليسنكو لا يمكن فهمه بالاقتصار على معرفة الخلافات المتعلقة بعلوم الزراعة والوراثة، بل ارتبطت الحملة في سياقها الأوسع بالصراع الاقتصادي-السياسي، وخاصة بأشرس المعارك الطبقية في الريف السوفييتي من أجل «التجميع الزراعي» و«نزع الكولاكية».
خصّص اثنان من أبرز علماء الأحياء الأمريكيين (ليفونتين وليفنس) فصلاً في كتابهما المشترك (البيولوجيّ الديالكتيكي، 1987) لمناقشة قضيّة ليسنكو، وفيه كَتَبا: «يشيع الافتراض بأنّ تقنيات الزراعة الليسنكويّة وعقائدها البيولوجية تركتْ أثراً خَطِراً على الإنتاج الزراعي... لكن يجب أن نتذكّر بأنّ الفترة بين 1948 و1962 التي هيمنت فيها الليسنكويّة على البيولوجيا الزراعية السوفييتية، قد تطابقت في الحقيقة مع الفترة ذات النمو الأسرع بمحاصيل القمح لكلّ فدّان! وخلالها زادت المساحة الإجمالية المزروعة بالقمح في الاتحاد السوفييتي من 30 مليون هكتار إلى نحو 70 مليوناً، بينما تقلّصت نظيرتها الأمريكية من 60 مليون فدّان إلى 45 مليوناً».
تتناول هذه السلسلة من المقالات إحدى أشهر وأكثر القضايا إشكاليةً في تاريخ العلوم في الاتحاد السوفييتي، بهدف البحث عن الحقيقة وراءها، وخاصةً أنّها تُستَغلُّ منذ عقود وحتى اليوم كـ«مَكسَرِ عصا» في المُحاجَّات ضدّ الماركسية والشيوعية، وفي سياق علاقة العلوم بالفلسفة والسياسة. ولذلك تحبّ الأدبيات الغربية والمعادية للشيوعية حتى اليوم تسميتها «فضيحة ليسنكو» و«الليسنكويّة»، نسبةً إلى عالِم البيولوجيا والزراعة السوفييتي تروفيم ليسنكو. فهل كان ليسنكو عالِماً زائفاً؟ وما علاقته بستالين؟ وهل كانت أبحاثُه مسؤولةً عن مجاعاتٍ قتَلتْ الملايين؟ وهل تسبّب في تخلُّف الوراثة والزراعة السوفييتية واضطهاد زملائه؟ وما حقيقة اعتقال وموت خصمِه العِلمي نيكولاي فافيلوف؟ تحاول السلسلة الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها، بما توفّر من وثائق ومعلومات. ولكن في البداية، مَن هما ليسنكو وفافيلوف؟
تتوالى سلسلةُ اكتشافاتٍ فلكيّة ثوريّة على مدى الأعوام القليلة الماضية من النوع الذي دأب مشاهير العِلم والإعلام السائد على وصفها بالظواهر التي «يجب ألّا تُوجَد»، وذلك لأنّها تتناقض مع الإطار النظري لـ«الانفجار العظيم» و«الكون المتوسّع»، ولكن مكتشفيها أنفسهم يعترفون بوصول «نظريّتهم» هذه إلى مأزق تاريخيّ. ومن أحدثهم أليكسيا لوبيز التي أعلنت في 11-1-2024 اكتشافَها «الحلقة الكبيرة» التي تشترك مع اكتشافات سابقة في نَقضِها «المبدأ الكوزمولوجي» الذي بقي منذ عشرينيّات القرن الماضي، شرطاً لقابلية حلّ معادلات النسبية العامّة لأينشتاين حلولاً رياضيّة تمَّ تأويلُ بعضِها إلى كونٍ «مخلوق من العَدَم»، وخاصةً على يد القِسّ والرياضيّ البلجيكي لوميتر. بالمقابل ينسجم الاكتشاف الجديد مع النظرة الماركسيّة للكون بأنّه لا نهائيٌّ وجوداً وسِعَةً وتطوُّراً (مادّةٌ مفتوحةٌ بلا حدودٍ مكاناً وزماناً).