ملف الأضرار الجانبية للقاحات الغربية إلى الواجهة مجدداً
بحسب مقال نشرته صحيفة التلغراف مؤخراً (17 آب الجاري 2024)، فإنّ نحو 14 ألف شخص في بريطانيا طالبوا بالتعويض عن العجز والأضرار الصحية التي لحقت بهم جرّاء لقاحات كوفيد-19 التي تلقّوها وأغلبيتهم العظمى (97%) تلقوا تحديداً لقاح أسترازينيكا.
وفي بريطانيا لا يتم الإفراج عن المعلومات المتعلقة بهذا الملف الحساس سياسياً بالنسبة للغرب، إلّا بتحريك المتضرّرين والمدافعين عنهم قضايا ومطالبات تحت التشريعات القانونية الخاصة بـ«حرّية المعلومات».
وبحسب المعلومات المفرَج عنها حديثاً في هذا الملف، فإنّ جزءاً من المتضررين من اللقاح تلقوا تعويضات مالية عن واحد أو أكثر من قائمة من الأضرار التي تسبب لهم هذا اللقاح بها، والتي كان أبرزها ما يلي: سكتات دماغية – نوبات قلبية – خثرات دم خطِرة - «نقص صفيحات الدم الخثري المناعي المحرَّض باللقاح» المعروف اختصاراً بـ VITT – التهاب النخاع الشوكي – التورّم المفرِط بالطرف الذي تلقّى الحقنة – شلل العصب الوجهي.
ويجدر بالذكر بأنّ هذا الملف يتم الكشف عن الحقائق فيه بالتدريج وبشكل دفعات بين وقت وآخر، ومن الواضح أنّه لا يكشف فقط أزمة علمية وطبية في المنظومة الصحية الغربية، بما في ذلك الأمريكية بالطبع، لأن لقاح فايزر واجه مشكلات مشابهة أيضاً، بل وهي أزمة وفضيحة فساد اقتصادي وسياسي كبرى أيضاً. ففي أواخر شباط الماضي من العام الجاري، دعت اللجنة البرلمانية البريطانية المعنية «بالاستجابة للوباء والتعافي» إلى تحقيق عاجل مع «وكالة تنظيم الأدوية ومنتَجات الرعاية الصحية» في البلاد، بتهمة «الفشل في الإبلاغ عن الآثار الجانبية للقاح كوفيد». وخلال الأسبوع الماضي اتهمت هذه اللجنة العابرة للأحزاب، والمكوَّنة من 25 عضواً، الوكالةَ المذكورة بأنها «كانت على عِلم» منذ شباط 2021 بالتأثيرات الجانبية القلبية والجلطات الناجمة عن اللقاح لدى نسبةٍ من متلقّيه ولكنّها «لم تقرع جرس الإنذار بشأنها لأشهر عديدة، ممّا عرّضَ المرضى لخطرٍ جسيم بدل حمايتهم».
ورغم ذلك ما تزال الحكومة البريطانية حتى الآن تنصح بإعطاء لقاح أسترازينيكا، مما أثار انتقادات واسعة. ولا سيّما أنّ عدداً من الدول الأوروبية نفسها قد أوقفت هذا اللقاح، منذ آذار 2021، خشيةً من زيادة أضراره الجانبية، وتضمنت قائمة هذه الدول: ألمانيا – إيطاليا – فرنسا – إسبانيا – الدنمارك – النرويج – هولندا – السويد – لاتفيا.
يجدر بالذكر بأنّ احتمال التضرر من اللقاحات لدى نسبة من المطعّمين ليس أمراً جديداً تاريخياً، ولكن يبدو أنّه جرت منذ جائحة كوفيد-19 محاولة متعمَّدة لمسح الذاكرة التاريخي بهذا الخصوص عبر حملة دعائية نفسية ضخمة بالغت للغاية في التشديد على «سلامة» اللقاحات وخاصةً لقاحات الشركات الغربية، لدرجة تنزيهها وتقديسها. وللعلم فإنّ الإطار القانوني لتنظيم التعويضات للمتضررين من اللقاحات موجود منذ نحو 45 عاماً (منذ 1979) على الأقل في المملكة المتحدة عبر «برنامج المدفوعات لأضرار اللقاح» المعروف اختصاراً بـ VDPS، والذي تقول المعلومات المنشورة إنّ عدد الطلبات المقدمة لهذا البرنامج بلغت 16000 طلب تقريباً، تمّ رفض 5500 طلب منها (أكثر من 34%) بناءً على لجان التقييم الطبية العاملة لمصلحة هذا البرنامج، والتي عادةً ما أصدرت أحكام الرفض بالقول بأنه «ما من دليل ملموس على أن اللقاح سبّب الأذى» أو أنه «لم يتسبّب بما يكفي من العجز» حتى يستحق التعويض. بينما تلقى 175 متضرراً 120 ألف جنيه إسترليني حتى الآن (أيْ أقلّ من 2% من إجمالي طلبات التعويض). وهناك 519 ممن تقدموا طلباً للتعويض قالوا إن طلباتهم رفضت «قبل التقييم الطبي». بينما طالب 1000 شخص بإعادة النظر في طلباتهم، وتم قبول اعتراض 12 حالة وسوف يتمّ دفع تعويضات لهم. وهناك 350 دعوى نالت الإقرار بأنّ اللقاح تسبب بالأذى لها ولكن «ليس بعجز شديد»، حيث يجب أن يكون العجز بنسبة 60% حتى يتمّ التعويض. وهناك أكثر من 700 شخص ما زالوا ينتظرون منذ أكثر من سنة للبت في طلباتهم بالتعويض عن أضرار اللقاح.
والذي لا يمكننا بالتأكيد استبعاد احتمالات فسادها أو التأثير عليها من شركات الأدوية واللقاحات الكبرى واللوبيات السياسية التي تدافع عنها.
ختاماً لا بدّ من التذكير بما شهدناه في زمن الوباء من موقف غربي كان سائداً في الدعاية الشرسة التي شنتها شركات الغرب الرأسمالية الكبرى وإعلامه لتشويه سمعة المنافسين الشرقيين (اللقاحات الروسية والصينية)، ونتذكر على سبيل المثال لا الحصر ما قاله مسؤول صحي أمريكي لـقناة CNN في 13/8/2020: «بحقّ الجحيم، من المستحيل أن تجرّب الولايات المتحدة هذا [اللقاح الروسي] على القرود، ناهيك عن البشر». يجب أن نتذكّر أمثال هذه المواقف اليوم بعد أكثر من خمس سنوات على جائحة كوفيد-19 ومع انكشاف حقيقة أنّ لقاحات الشركات الغربية التي لطالما تمّت إحاطتها بالمقابل بهالة من القدسية وحظر الانتقادات لها تحت ذريعة أن من يفعل ذلك هو متطرّف معادٍ لمبدأ التطعيم بحد ذاته (وهذا ليس صحيحاً رغم وجود بعض المتطرّفين بالفعل)، وبعد أن ربحت شركات الأدوية واللقاحات الكبرى مبالغ طائلة. إنها قضية تسلط الضوء مجدَّداً على فساد المنظومة الإمبريالية وأنها لا يمكن ائتمانها على صحة البشر لأنّ الأهم عندها هو أعلى الأرباح والهيمنة التي تخدمها أكثر من الوقاية من الأمراض أو علاجها.