عشتار محمود
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
كثر الحديث عن (الأجندة الوطنية لمستقبل سورية) المشروع الذي ترعاه منظمة الإسكوا، للتجهيز لمرحلة إعادة الإعمار، وقد قدمت المنظمة التابعة للأمم المتحدة في تقريرها مسح التطورات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية-2016، توصيات عامة حول عملية إعادة الإعمار في المرحلة القادمة، كجزء من التسويق لمشروع (الأجندة) الذي يعمل تحت مظلة الإسكوا..
الأمريكيون أرادوا أن تنهض ألمانيا الغربية بعد الحرب وسريعاً.. وهذه الإرادة التي لها جملة من المسببات أهمها السياسية، تحولت إلى جملة إجراءات مدروسة لتحقق ألمانيا نقلاتها الضرورية..
لم تكن خطة مارشال تدفقات الأموال الكبيرة إلى ألمانيا تحديداً، وأوروبا عموماً فقط، بل كانت إعادة هندسة للخارطة الاقتصادية الأوروبية، وفق معطى جديد وهو: الدولار العالمي والمؤسسات الاقتصادية الجديدة، وكلاهما التعبير الاقتصادي عن الواقع السياسي القائل بأن: (الولايات المتحدة الأمريكية المنتصر الأكبر بعد الحرب)! وأن عليها أن تسحب غرب أوروبا، من التأثير السوفييتي في الشرق، وأن تحولها إلى سوق موحدة ينشط فيها الدولار استثماراً وتجارة.
كثر الحديث في الأسابيع الماضية عن (سوق العمل) السورية فمن نقابات العمال، إلى جمعية العلوم الاقتصادية، وعموماً يتم التعامل مع سوق العمل على أنها (جانب من جوانب السوق)، بينما موضوعياً الحديث عنها يستدعي جملة المشاكل الكبرى التي ليست اقتصادية فقط، ويضعها كتفسيرات على طاولة الباحثين، فإن تجاهلوها انخفضت قيمة التحليل، وإن أدخلوها وجدوا أن الأمر يتطلب موقفاً واضحاً من الطبقة العاملة في سورية ومن حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
لدى الاقتصاد العالمي عنوان عريض للبحث هو (المعجزة الاقتصادية الألمانية) حيث أن النمو الاستتثنائي الذي حققته ألمانيا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، هو محط أنظار الباحثين في النمو الاقتصادي، وتحديداً النمو بعد الصراعات والحروب، أو تجارب إعادة الإعمار.. فهل كانت معجزة فعلاً؟!
يمارس السوريون اليوم الفعل السياسي بأقصى أشكاله، بعد سبات ظاهري واحتقان باطني متراكم، وفراغ سياسي «مديد»، بعد أن تُركوا ليعودوا إلى المكونات الاجتماعية الضيقة الطائفية والعشائرية والمناطقية، للاستقواء بها كمرجعية وضمانة في ظل الغياب الكبير لأهم مكونات الكرامة والحقوق الطبيعية ووسائل بلوغها وغياب أدوات تأطير القوة الشعبية من قوى سياسية على منابر ديمقراطية حقيقية ضاغطة تساهم في بناء العلاقة الحقيقية بين المواطن السوري ووطنه، وتؤسس لحقيقة مفهوم الوطن عن طريق المشاركة الحقيقية في بنائه وفي التمتع بثرواته أيضاً.
ترشح سورية اليوم إلى احتمالات وشيكة لمآلات سيئة ظهرت معالمها منذ بداية الأزمة، وتزداد عمقاً ووضوحاً خلال هذه الفترة. فبعد أن حمل الحراك الشعبي بذور الأمل بقدرته على مواجهة أعدائه الكثر، عادت الكفة لتبدو وكأنها ترجح مؤقتاً لمصلحة كل من يحمل لواء العنف والتضليل، وبدأ عنف الحل الأمني يطغى على أطراف معادلة الأزمة،
ما هو السؤال الأول الذي يجب أن نقف عنده في بداية مرحلة إعادة الإعمار؟! وهل يجب أن نضع هدف العودة إلى مستويات عام 2010، أم يجب أن نضع هدف تجنب العودة إلى أوضاع عام 2010؟!..
تدخل الأزمة الاقتصادية العالمية مرحلة جديدة.. ظاهرها أننا أمام دول صناعية اقتصادية كبرى مهددة بالإفلاس، وديون متراكمة..
أقر مجلس الوزراء خطة عمل وزارة الصناعة السورية التي تحدد مصير شركات ومنشآت عامة كبيرة، وإذا ما دققنا في الخطة نستطيع أن نلخص ما تريده وزارة الصناعة ومن خلفها الحكومة ومن خلفها السياسة الاقتصادية الليبرالية، وأي جديد تأتي به في واحدة من الخطط الكثيرة التي وضعت على أوراق الوزارات المتتالية..
تطفو على المشهد السوري اليوم, بعيداً عن الشارع الشعبي المتظاهر, المترقب, المتابع, المتهيب, المؤيد... وجوه وفئات سياسية معارضة تتباين نسبياً في خطابها وفي مساحات قربها وبعدها عن السلطة والنظام, وتتم عملية فرز وتصنيف حالية لهذه المعارضة في هذه المرحلة، في مؤتمرات وبيانات، وفي التمسك بشعارات أو طرح بدائل لها, وفي الشرعية التي يضفيها عليها النظام وإعلامه, أو التي يخلعها عنها.. وفي الشرعية التي تضفيها وتخلعها جهات أخرى.