هل من جديد في خطة الصناعة.. سوى إعلان إنهاء 48 شركة؟!
أقر مجلس الوزراء خطة عمل وزارة الصناعة السورية التي تحدد مصير شركات ومنشآت عامة كبيرة، وإذا ما دققنا في الخطة نستطيع أن نلخص ما تريده وزارة الصناعة ومن خلفها الحكومة ومن خلفها السياسة الاقتصادية الليبرالية، وأي جديد تأتي به في واحدة من الخطط الكثيرة التي وضعت على أوراق الوزارات المتتالية..
تبدأ خطة وزارة الصناعة حول الصناعة العامة من فرز الشركات الصناعية العامة إلى مجموعات: رابحة- حدية- خاسرة يجب أن تنجح- متوقفة قبل الأزمة- متوقف في الظروف الحالية.. ومجموع هذه الشركات والمحالج ومراكز استلام الأقطان يبلغ: 106 منشأة، موزعة على 8 مؤسسات صناعية: (النسيجية- الغذائية- الكيميائية- الهندسية- الإسمنت- السكر- الأقطان- التبغ)، وتضم حوالي: 44565 عامل.
البداية من الفرز.. عامل ومتوقف
التصنيف الأولي للشركات، هو بين الشركات العاملة، والمتوقفة، حيث تتوزع الشركات مناصفة تقريباً، بحوالي 50 شركة عاملة، 34 منها بشكل كامل، و 16 بشكل جزئي، وبنسبة 47% من المجموع. أما الشركات المتوقفة فعددها 56 شركة، ونسبتها 53%.
الخطة لا تتضمن تحليلاً لأسباب توقف أكثر من نصف شركات الوزارة، سوى أنها تصنفها على أن 48 منشأة منها متوقفة قبل الأزمة ولا أمل من إحيائها، و12 شركة «خاسرة بسبب الظروف الحالية، لا يمكن تقييمها حالياً ويمكن الاستفادة منها في حال تحسن الظروف المحيطة بها»
أي أن أكثر من 60 شركة صناعية عامة ومحلج، ومركز استلام القطن، خارج اهتمام خطة الوزارة إلا بجوانب ضيقة سنعود إليها..
والخطة عملياً تركز اهتمامها ومواردها على الشركات الرابحة، والحدية، والخاسرة التي ينبغي أن يتم تطوير عملها.. فماذا ستقدم لها؟!
التمويل لـ 20%
من الشركات فقط!
بناء على الخطة قصيرة الأجل فإن الوزارة، ستعمل على دعم الشركات الرابحة وعددها 20 شركة، تشغل حوالي 14 ألف عامل. حيث «سيتم تأمين مستلزمات استمرارها في العمل والإنتاج، والوصول إلى طاقتها الإنتاجية القصوى».
كذلك الأمر بالنسبة للشركات الحدية وعددها 12 شركة، حيث الخطة «زيادة الطاقات الإنتاجية لها، لتحويلها إلى شركات رابحة من خلال رفع نسبة تنفيذ الخطة الإنتاجية، ودراسة تكاليف المنتجات بشكل دقيق».
أما حوالي 11 شركة خاسرة، ترى الوزارة أن عملية تطويرها ضرورية، فهذه الشركات عملياً، لن تحصل على تمويل، بل سيتم تطوير عمل بعضها فقط، عن طريق تحديث خطوط الإنتاج في المجال الصناعي ذاته، أو إضافة خطوط إنتاج جديدة تتوافق مع الصناعة القائمة فيها، أما التمويل اللازم لهذا التجديد، فهو «إما تمويل ذاتي من الشركات، أو بالمشاركة مع المستثمرين بموجب اتفاقيات خاصة بحسب كل حالة».
ما يعني بأن مبالغ التمويل المرصودة والبالغة حوالي: 264 مليون دولار عن كامل 2017، هي لحوالي 32 شركة فقط، من أصل 106.
أي حوالي 8.2 مليون دولار لكل شركة وسطياً، ما يعادل اليوم حوالي 4,2 مليار ليرة سورية لكل معمل من المعامل الـ 32 الرابحة والحدية فقط.
«جديد الوزارة» في السياسات!
إن هذه الأموال المخصصة لتأمين المستلزمات، والقطع التبديلية، والبالغة 264 مليون دولار لـ 32 شركة، هي عملياً مدفوعة من الشركات، أي أنه ما من أموال مخصصة لتوسيع الاستثمار في هذه الشركات. والجزء الأكبر من الخطة يركز على تنفيذ الإجراءات التي كان من المفترض أن يتم تنفيذها، والتي عرقلت خلال الأزمة الشركات عن الاستمرار بالعمل، وأودت بالعديد من الشركات للخسارة والتوقف.
فعلى سبيل المثال: تركز الخطة على ضرورة تأمين حاجات المعامل من المحروقات، والطاقة الكهربائية، عبر وزارتي النفط والكهرباء، لأن هذا لم يكن يتم سابقاً. حيث تنص الخطة أن تؤمن وزارة الكهرباء 200 ميغا واط سنوياً، لحاجات الصناعة العامة وهي نسبة 9% من إنتاج الكهرباء العام الماضي المقدر بحوالي 2200 ميغا واط. بالإضافة إلى تأمين حاجات الوقود 500 ألف طن فيول، و32 ألف طن مازوت، يضاف إليها 360 مليون م3 غاز، بالإضافة إلى600 ألف طن فوسفات.
كما أن الخطة تطلب بشكل غير ملزم من مصرف سورية المركزي أن يؤمن القطع اللازم لمستوردات الشركات الرابحة والحدية، «على المصرف المركزي، تأمين بعض أو كل القطع الأجنبي اللازم لتمويل مستوردات الشركات، أو التوجه للتمويل من خلال عقود مع الشركات روسية وإيرانية من خلال الخطوط الائتمانية أو القروض».
وكذلك الأمر تطلب الخطة من وزارة الزراعة أن «تلحظ حاجات المنشآت الصناعية العامة في خطتها الزراعية»، ومن وزارة الاقتصاد ان تؤمن عمليات استيراد المستلزمات، عبر مؤسسة التجارة الخارجية، أو عبر إلزام التجار بنسبة 15% من مستورداتهم من مستلزمات الإنتاج، لحاجات الشركات الصناعية العامة، وأن تلزم الجهات العامة بتوريد حاجياتها من منتجات الشركات الصناعية العامة، أي أن الخطة تطلب من وزارة الاقتصاد ووزارة النفط ووزارة الكهرباء ووزارة الزراعة، أن تقوم بتنفيذ القوانين والقرارات، والدور المناط بها، الذي لم تكن تقم به قبل ذلك!.
وبناء عليه ما من جديد في السياسات المقررة في خطة وزارة الصناعة..
الاستثمار الجديد 17 مليار ليرة!
مخصصات الخطة الاستثمارية المقرة في خطة الصناعة، هي حوالي 17 مليار ليرة، وهو أقل مما كانت وزارة الصناعة قد طلبته سابقاً، لخطتها الاستثمارية في عام 2017.
وتوزع هذه الأموال على معمل أدوية تابع لشركة تاميكو، وعلى ثلاثة مشاريع تابعة للنسيجية بمقدار 1,1 مليار ل.س، ومحلج في حماة بقيمة 1,1 مليار ليرة، و500 مليون لإقامة خط تكرير للسكر الخامي في شركة تل سلحب، و 100 مليون ليرة، لمشروع العصائر الطبيعية في الساحل السوري.
وينبغي التنويه هنا، أن استثماراً بمقدار 17 مليار ليرة، لا يشكل أكثر من نسبة 0,8% من موازنة عام 2016، وأقل من هذا في موازنة العام القادم.. وهو لن يستطيع أن يحقق زيادة فعلية في الناتج الصناعي العام الذي بلغ في عام 2015 مقدار 26 مليار ليرة سورية فقط، والذي لا يمكن أن نلوم الشركات عليه، بقدر ما يجب أن نلوم السياسات التي خصصت لهذه الشركات استثماراً لا يتعدى 3 مليارات ليرة، ولم ينفذ إلإ نسبة 1% منه فقط، بسبب مجموع السياسات المعرقلة، التي أقرت بوجودها خطة وزارة الصناعة، عندما دعت الوزارات الأخرى لتنفيذها، وهي المقرة بمجملها سابقاً، أي ليست من ابتكار الوزارة الجديدة!
إن هذا الحجم الضئيل من الناتج، هو نتيجة عدم تطبيق السياسات، للقرارات والقوانين المقرة، فلم تؤمن الطاقة اللازمة، ولم تؤمن مستلزمات الإنتاج الضرورية، ولم تلتزم وزارة الاقتصاد بقرارات ترشيد الاستيراد للمواد التي تنتجها الشركات وغيرها من السياسات التي كان من الممكن من خلال تطبيقها، أن تحقق الشركات الصناعية العامة ناتجاً أعلى، وأن لا تتوقف أكثر من 48 شركة، تضعها الوزارة اليوم على «القائمة السوداء»..
48 شركة على «القائمة السوداء»
12 شركة متوقفة حالياً بسبب الظروف الأمنية المحيطة بها، وهذه الشركات مستثناة حالياً من الخطة، لحين تبين الأوضاع المحيطة بها.
أما ما تبقى من الشركات، أي 48 شركة تصنفها الوزارة على أنها شركات خاسرة لا يمكن أن يتم تطويرها، ولا يعود هذا إلى الظروف الأمنية، ولن تقوم الوزارة بتطويرها، بل ستنتظر قدوم المستثمرين ليستفيدو من بنيتها التحتية، وإذا ما اختاروا إقامة مشاريع عليها، سيكون للدولة حصة، بمقدار قيمة البنية التحتية!
هذه الشركات لديها أكثر من 8800 عامل، سيتم توزيعهم إذا لم يستفد المستثمرون منهم، على الجهات الحكومية..
56%
60 شركة ومنشأة صناعية عامة، من أصل 106، خاسرة ومتوقفة بسبب ظروف الحرب ولأسباب تعود للسياسات الاقتصادية، أخرجتها خطة وزارة الصناعة من اهتمام الوزارة، وتركت 48 منها للمستثمرين، و12 لنهاية الأزمة!
20%
32 شركة رابحة وحدية فقط، من أصل 106 ستقوم الوزارة «بدعمها» ولكن من خلال تمويلها الذاتي، ودعوة الوزارات للالتزام بالقرارات التي تنص على حماية ودعم الصناعة العامة التي لم تكن تلتزم بها!.
264
تطلب وزارة الصناعة من البنك المركزي أن يؤمن القطع الأجنبي لحاجات الصناعة العامة، بعضها أو كلها، والمبلغ الموضوع هو 264 مليون دولار، بينما موّل المركزي مستوردات التجار بأكثر من 980 مليون دولار العام الماضي!